دبِّروا أمركم..!

وليد الخفيف

هبَّت، مُبكرا، "رياح الخماسين" قادمةً من السيب، مُحمَّلة بمبرِّرات واهية، تؤازر -كعادتها- اتحاد الكرة؛ لتحلِّل -تحت وطأة غيوم غير مُمطرة، لا فائدة منها ولا منفعة- تعثرًا منتظرًا -لا قدر الله- في نهائيات أمم آسيا بالإمارات؛ فنفس السياسة التي أتُّبعَت قبل "خليجي 23" وإعلاء نغمة "أننا لا نَعِد بشيء"، ثم تغيَّرت نفحاتها الطيبة الصادقة بعبارات تحمل الثقة عنوانا والعمل الصحيح منهجا بعد العودة من الكويت؛ فالكل نزل "المولد" لينهل من غنائمه؛ فالفرصة لا تأتي كلَّ يوم، ولا غَضَاغة في أنْ أغيِّر بوصلتي، أو أكون ريشةَ طائرٍ يحدِّد مصيرها نفخات لا تَرْقَى لحد الرياح.

وعندما انتهى "مولد الخليج"، وطارت الطيور بأرزاقها بعد حفلات التكريم التي جابت البلاد، عادت تلك السياسة الحالكة مرة أخرى، ترتدي ثوبًا جديدًا تحت غطاء ضعف الموازنة اللازمة لإعداد المنتخب الأول، فأين السبيل إلى توفير 2 ميلون ريال لتأمين معسكرات ومباريات ودية؟ الرقم الكبير لم يأت من فراغ، بل وُضِع كجبل شاهق لا يُمكن تسلقه، وعندئذ فالسبب متوفر في صيدلية أفلاطون "واضع علم الخروج الآمن من كل فخ قادم"، فكلما اقترب المسير إلى الإمارات ستتعالى عناوين "إعدادنا ضعيف" ومنشيتات "سنحاول رغم الظروف الصعبة"، وقصائد عنوانها "المكافحون"، وستُختتم بإعلان الحرب على "الفلول"، وجيوب المعارضة.

ولن أشغل بالي، أو أدعو القارئ العزيز للوقوف عند الرقم المرصود لإعداد المنتخب والمقدر بـ2 مليون ريال -والعهدة على الراوي- فالوسط الرياضي لم يسألكم عن الأموال والهدايا التي جنيتموها بعد التتويج بلقب الخليج، وسأل بخجل بالغ عن قصة الـ99 ألف ريال! فأنصت صاغيا بقلب مُحب لمدحكم لشركات القطاع الخاص التي لم تدَّخر جهدا في تكريمكم، حتى تغيَّرت الأحوال بين ليلة وضحاها، فاليوم بات القطاع الخاص شحيحا في عطائه، متقاعصا عن القيام بدوره الوطني، وبات عليه تأمين مباريات ودية للمنتخب، ولا تسألوني: كيف يؤمن مباريات ودية؟! لأنها من وجهة نظر البعض متوفرة في الأسواق! كما باتت الوزارة مطالبة بالإنفاق على إعداد المنتخب؛ لأنها تصدَّرت مشهدَ التتويج بحسب رواية البعض؛ باعتبار أن الجهة الإدارية بيدها عَصى سحرية، وموازنات مفتوحة طالبوا الجميع بتحمل مسؤولياته، ونسوا صاحب الحق الأصيل أن يقوم بواجبه! ألستم يا اتحادنا الموقر من وَصفتم الأوضاع المالية في اجتماع العمومية الأخير بـ"المستقرة؟! وتغنيتم بلحن مُستهلك في كل زقاق وحارة عن نجاحكم في سداد الجانب الأكبر من المديونية -شماعة العصر؟! ألستم من صدَّرتم للجماهير أننا نعيش عصرا ورديا في المدينة الفاضلة ذات الأسوار الشفافة بسقفها المتغير المستنير؟! لم نسألكم عن هذا أو ذاك؟ ولن نسألكم عن جهودكم التسويقة الجديدة منذ تولي المهمة، ولا عن الإفصاح عن اسم تجاري أو شريك جديد! انفقوا ميلون ريال أو عشرة ملايين، ليس لنا شأن في القيمة ولن نسأل عن المصدر! ولكن مسؤوليتكم أن يظهر المنتخب بالشكل الذي يُرضي طموح وتطلعات الجماهير، ويعكس مدى اهتمام الدولة بهذا الملف الذي سخرت له الملايين.. فالكيفية لا تعنينا، وعليكم أن تدبروا أمركم.