تشغيل العامل في وظيفة أدنى

 

أحمد بن سلام التوبي

 

عقد العمل من العقود الرضائية التي تنعقد بمجرد توافق إرادة طرفيها وعلى كل طرف في هذه العلاقة التعاقدية أن يلتزم بما تعهد به، وعليه فإنِّه لا ينبغي على أي طرف أن يخرج عن نصوص ما تم الاتفاق عليه بينهما، كأن يقوم صاحب العمل بتكليف العامل بأشياء وأعمال لم يتم الاتفاق عليها بينهما أو كأن يخل بشرط مقدار الأجر المتفق عليه أو في مكان مباشرة العمل.

وكذلك بالنسبة للعامل ينبغي عليه عدم المطالبة بما لم ينص أو يتم الاتفاق عليه في عقد العمل كالمطالبة بأجر أعلى من المتفق عليه أو المطالبة بميزات لم يتم الاتفاق عليها مع صاحب العمل، وعليه فإنّ أي خروج عن نصوص العقد المتفق عليه لا يكون له أي إلزام على الطرف الآخر. لكن قد يتساءل البعض هل يحق لصاحب العمل تشغيل العامل في وظيفة أخرى تكون بمستوى أقل من وظيفته المتعاقد عليها مع صاحب العمل؟ وللإجابة عن هذا التساؤل فإنه على وجه العموم لا يمكن لصاحب العمل تشغيل العامل على هذا الأساس وذلك لكون ذلك خروجا صريحا على نصوص العقد المتفق عليه بين العامل وصاحب العمل، وكذلك هناك انتقاص من حقوق العامل حتى ولو لم يكن هناك انتقاص في الحقوق المالية.

وذكر المشرع العماني في المادة (25) من قانون العمل أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يخرج على نصوص العقد أو أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك وبصفة مؤقتة، ...)، فالمشرع هنا قد جعل كمبدأ عام عدم جواز تشغيل العامل بعمل آخر يخرج على نصوص العقد المبرم بينهما وتشغيل العامل بعمل آخر وفي وظيفة أخرى تكون أدنى من مستواه الوظيفي يعد خروجاً صريحاً على نصوص العقد المتفق عليه بينهما، مثال ذلك: تعاقد شخص ما مع منشأة ما على أن يعمل في المنشأة في وظيفة (مدير) وله الميزات والصلاحيات التي يتمتع بها المدير وفق النظام المتبع داخل المنشأة وعمل على هذا الأساس لمدة ثلاث سنوات، إلا أن صاحب المنشأة قام بنقله إلى وظيفة (كاتب إداري) وبنفس حقوقه المالية ولكن بدون موافقة من قبل العامل، فهنا يعد الأمر الذي قام به صاحب العمل هو تصرف غير قانوني وفق علاقة العمل القائمة بينهما وهنا يحق للعامل الطعن في هذا القرار والمطالبة بالرجوع إلى وظيفته السابقة (مدير). ولو رجعنا إلى نفس المادة القانونية السابقة الذكر نجد أن المشرع قد وضع استثناء مشروطا لإمكانية تشغيل العامل في غير العمل المتفق عليه، فتشغيل العامل في وظيفة أدنى من وظيفته المتفق عليها نجد بأن هناك اختلافا جوهريا بين الوظيفتين سواءً كان الاختلاف من ناحية صلاحية وميزة كل وظيفة أو حتى من ناحية التسلسل الوظيفي أو حتى من ناحية الحقوق المالية لكل وظيفة، فالمشرع قد أجاز لصاحب العمل تشغيل العامل في وظيفة تختلف عن وظيفته الأصلية وإن كان هناك اختلاف جوهري ولكن وفق ضوابط قانونية لا يمكن الخروج عليها وهي أن تكون هناك ضرورة حتمية اقتضت تشغيل العامل في وظيفة أخرى اختلفت اختلافاً جوهرياً عن وظيفته الأصلية (تشغيل العامل في وظيفة أدنى)، وعلى صاحب العمل إثبات هذه الضرورة الداعية إلى ذلك. كما إن المشرع اشترط أيضاً أن يكون هذا التشغيل بصفة مؤقتة وليست دائمة ووفق نموذج لائحة نظام العمل الذي وضعته وزارة القوى العاملة بألا يزيد هذا التشغيل عن خمسة عشر يوماً خلال السنة.

**المديرية العامة للقوى العاملة بالداخلية

ahmedmanpower2007@gmail.com

 

تعليق عبر الفيس بوك