خطابٌ لا يصلح للتزكية حتى لمحطة الوصول


رضــا أحـــمد – القاهرة

 

ماذا تفعل بوصية ميت
رجاك ألا تغيب؟

الليل غزير كمحنة،
ثقيل مثل قبعة مبلولة،
عتمته البليدة ترخي تنورتها الواسعة
وجمع من الأشباح العمياء
يزحف تحتها بحثًا عن ملجأ،
وها أنت تجلس بعيدًا،
خائفًا،
تراقب رجلًا آخر
ينتظر دوره
في قائمة الظلال.

كان أكتوبر الأسوأ؛
جاء في غفلة من أبويك،
طرقَ بابك
وتمطى لاهثًا كقنديل مزكوم
في زقاق رطب،
أدخلتَه في الكوة الدافئة من قلبك
وجعلتَ أصابعك تطليه بالضوء،
تمسح عنه غبار الوحدة
وسخُام الوقت،
 ماذا تبقى إذن:
عنفوان مراهق،
يضيء نهدي بنت الجيران؟

 


ليس جميلًا أن تتذكر
وتعيد وطء الأراضي الموحلة
التي تركتها خلفكَ،
لستَ جادًا أيضا
لتدخلَ منزلك بعدها
بكل هذه القاذورات
وتنادم زوجتك بقصص غرباء
 عن عذرية النّبع
 وطهارة الديتول.

الليل يسع كل شيء؛
الطرق الزلقة التي تخاتل سذاجة الموتى،
القُبلة المعطلة في مصعد الدور الرابع،
الذباب الذي يقول: مرحى لتفاحة مذعورة،
والأطفال الذين يفتحون أعينهم على ثقب الحمام
وينامون بلا خوف.

تمالك عينيك،
لا وقت للتأمل والبكاء،
الأسِرّﺓ الدافئة ليست معدة للراحة الأبدية،
والحدائق الزاخرة الآن أمامك،
لا يهمها إن جئت وحيدًا
أو في صحبة علاقة عابرة بكلب.

 

تعليق عبر الفيس بوك