التلاعب بالأمكنة والأشياء وسرلعبة وفاء الشوفي الزمنيّة


جمال قيسي - العراق


في الاستخدام للزمن، هنا تكشف لنا وفاء الشوفي، الصيغ الزمنية  في التوظيف الرائع لتموقع الأفعال، ودينامية الجمل الآسرة، ومع إن أغلب صيغ الفعل هي المضارع المستمر، وهو الأمر الذي يمنح دينامية النص إلا أنها تتحكم بالصيغ من خلال الملحقاتن سواء بأدوات الاستفهام ، والنفي لتصيغ الزمن بطريقة رائعة أو أدوات التشبيه,
في الأمكنة الشرعية للفضاء النصي شرعية وفق الفاهمة الشعرية لأنها أمكنة ظاهراتية من خلق الوعي للشاعر، هذا الوعي الذي لا يوثق إلا بتفاعل المتلقي لتبدأ عملية  الاستطيقا (الجمالية)  ربما هو تشويه للواقع والوقائع، لكنه إعادة صياغة ورؤية، مدادها الروح الباحثة عن حل وجودي، وتبرير لكل أنواع الأسباب والعلل، وإلا كيف الحديث بصوت آخر، وبلا حواس أو كبرياء في أي عالم ممكن مثل هذا الفعل فقط في الفاهمة الشعرية، نوع من إعادة الخلق، نوع من الممكنات التي لايمكن حدوثها إلا في الوعي في انعزاله عن الواقع أو إعادة تشكيله نوع من الهجوم المعاكس على وقائع الحياة المريرة اتجاه آخر في الرفض للاسترجاعات  التي خزنها الوعي بجردة الذكريات قامت هنا (وفاء الشوفي) بخلق عوالمها لغة جديدة متخيلة بظاهرة  لا فيزيقية صوت أخر، بلاحواس أو تنازع ناتج عن تقسيم العمل كصفة اجتماعية محايثة، عالمها الواقعي يحمل انكسارات، ونداءات فرح عقيمة.
ستتعلم مرة" أخرى
الحديث بصوت آخر
بلا حواس أو كبرياء
ستتعلم
كيف تصغي لما
ينبع
ويطفو
ويحلق
ولن تنصاع
لحزن الجمجمة العتيقة
ونداءات الفرح
التي تسبح في فضاء عقيم
وتصوب إلى ما انكسر
في تطرفها الخلقي والتكويني، تشكل بما يشبه الجنائن المعلقة، في رهط أسطوري يلامس الواقع بتماهي سوريالي؛ سواء في تقافز الزمن على شكل مراحل، والزمن مطلق في النص على مساطب العشب المدرجة، مع (بوابات صدئة). وهو تعبير سايكلوجي، على الطرق المغلقة والرغبات المكبوحة، رزمة من اللواعج، والآلام، ومسرات نادرة الحدوث، وقد أبدعت (وفاء الشوفي). في التصوير على شكل عناكب تهبط من سقوف بعيدة في التعبير، ووصف الضحكات مع نفي لصفة الحياة عن الأحداث، وكل حدث بلا تواجد الوعي، هو ظاهراتية، لامعنى لها، وفي تصوير سوريالي بارع، تقول (وفاء الشوفي) ،،ليس من السهل ،،أن نعيد وصف الحكاية ،،للشاشات ،،نعم إنها محقة تمامًا، المشاعر المحايثة لعذابات الروح، لايمكن وصفها، وهنا تتطرف في شاعريتها، بتوصيف التغريب الذي يثقل كواهل روحنا، فقدنا أفواهنا في الركض الفزع، لحياتنا المرعبة، المتلبسة بالحروب وكل أنواع التقتيل، وحتى الهروب إلى الكتابة لتفريغ هذه الشحنات الثقيلة، تشعر أنها، لم تعد مجدية.
كل المراحل ترحل في
أدراج معشبة
أبواب صدئة
وضحكات تتدلى كخيوط عناكب من سقف البعيد.
ليس من السهل
أن تسقط اﻷحداث ورقا" أصفر' دون زراعة.
أن ينجو ما انفرط عن شجر البهجة.
ليس من السهل
أن نعيد وصف الحكاية
للشاشات ..
فقد سقطت أفواهنا أثناء الركض
و اهترأت أحذية الهرب في السرد.
وفي نوع من المقاومة السلبية، ولكنها مقاومة ذاتية، نوع من لعق الجراح، لنمسك بالأمنيات العتيقة ونعيد، أوصالها التي مزقتها الحروب، لتعترف بالهزيمة الكبرى، لم يبق منا غير الرماد، نحن أمةأكلتها النار، لكننا نفلح في إعادة  دورة بؤسنا، نجتر، مقوماتنا، لكن كل هذا يتم، في القاع، في هذا المقطع الأخير، الحكيم، وهنا يكمن سر قوة قصيدة النثر،على اعتبارها فتح أدبي، كخطاب يحتوي، ممكنات السرد، لينتقل بخطاب الشعر إلى مهمته السامية، في إعادة تشكيل الوعي الجمعي، من أجل التغيير، هذا النص، هو من العيار الثقيل، وقدرة شاعرية فذة، وتجلي الفاهمة الشعرية، بأبهى  صورها، وأدقها تفصيلًا.
*****
إلى نصّ وفاء الشوفي:
ليس من الصعب
أن نخيط أمنية
مزقتها ألسنة النار
وتعيد رتقها
أمم" تؤثث الرماد.

ليس من الصعب
أن نقنع البيت
أن أشلائه ذكريات.
و أن أبوابه
تفاصيل محرجة للعراء.

فقط نسقط
ك ثياب ﻻ يحتاجها أحد" بعد اﻵن.
ك دفء لم يعد ممكنا".


ستتعلم مرة" أخرى
الحديث بصوت آخر
بلا حواس أو كبرياء
ستتعلم
كيف تصغي لما
ينبع
ويطفو
ويحلق
ولن تنصاع
لحزن الجمجمة العتيقة
ونداءات الفرح
التي تسبح في فضاء عقيم
وتصوب إلى ما انكسر.

كل المراحل ترحل في
أدراج معشبة
أبواب صدئة
و ضحكات تتدلى كخيوط عناكب من سقف البعيد.

ليس من السهل
أن تسقط اﻷحداث ورقا" أصفر' دون زراعة.
أن ينجو ما انفرط عن شجر البهجة.

ليس من السهل
أن نعيد وصف الحكاية
للشاشات ..
فقد سقطت أفواهنا أثناء الركض
و اهترأت أحذية الهرب في السرد.

ليس من الصعب
أن نخيط أمنية
مزقتها ألسنة النار
و تعيد رتقها
أمم" تؤثث الرماد.

ليس من الصعب
أن نقنع البيت
أن أشلائه ذكريات.
و أن أبوابه
تفاصيل محرجة للعراء.

فقط نسقط
ك ثياب ﻻ يحتاجها أحد" بعد اﻵن.
ك دفء لم يعد ممكنا".

 

تعليق عبر الفيس بوك