يستمر 3 أشهر في المتحف الوطني.. ويتضمن مقتنيات تاريخية وكنوزا أثرية

هيثم بن طارق: معرض "التواصل الحضاري" يسهم في تطوير العلاقات الثقافية بين السلطنة وبيلاروس

...
...
...
...
...
...

الرؤية - مدرين المكتومية

 

أكد صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة رئيس مجلس أمناء المتحف الوطني أنَّ معرض "بيلاروس على مفترق طرق التواصل الحضاري"، يُسهم في تطوير العلاقات الثقافية بين السلطنة وبيلاروس، مشيرا إلى أنه أول معرض دولي في المتحف الوطني، وهو جزء من سياسة المتحف في تبادل المعارض والجوانب الثقافية؛ حيث تم التوقيع في هذا السياق على مذكرة تفاهم، وتضمنت أبرز ملامحها تبادل الخبرات والتدريب وتنظيم المعارض المشتركة.

ورعى سموه افتتاح المعرض، أمس، بحضور معالي الدكتور يوري بوندار وزير الثقافة في جمهورية بيلاروس، وتعزيزا للعلاقات الثقافية بين البلدين، تم تدشين معرض "بيلاروس على مفترق طرق التواصل الحضاري"؛ وذلك بمقر مبنى المتحف الوطني في مسقط بقاعة المعارض؛ حيث سيستمر المعرض لمدة 3 أشهر، ابتداء من أمس الإثنين وحتى يوم الإثنين الموافق 2 يوليو 2018.

وذكر مسؤول من الوفد البيلاروسي أن أهمية المعرض تكمن في عنوانه "بيلاروس على مفترق طرق التواصل الحضاري"؛ إذ يستعرض العلاقات الوطيدة بين بيلاروس والدول العربية والاسلامية، ويتضمن عددا من الكنوز الوطنية ولأول مرة خارج جمهورية بيلاروس؛ منها: حزام فيتوت، وهذه التحفة الفنية الرائعة من تحف الفن الإسلامي هدية من خان القرم إلى الدوق "فيتوت" العظيم، حاكم دوقية ليتوانيا الكبرى، ويجسد قيام الكينونة البيلاروسية، أيضا هناك كنز فريد من نوعه وهو عبارة عن عدد من الدراهم الفضية عمرها ألف عام، وهي تقف شاهدة على علاقة التبادل التجاري بين بيلاروس والعالم الإسلامي، والشال البيلاروسي الذي يعد رمزًا من الرموز الوطنية.

وحول الوثائق العربية؛ قال المسؤول: "لدينا وثائق عربية تحفظ في المكتبة الوطنية وفي الأرشيف الوطني، وكذلك في عدد من الجامعات، وأيضا في المتحف التاريخي الوطني، واليوم نعرض أحد هذه الوثائق وهو عبارة عن كتاب للأدعية".

وفي الحفل، قدم بدر بن يحيى البوصافي وصفية بنت مهلب البوسعيدية عددًا من المعزوفات البيلاروسية؛ ومنها: "دريانيتسا" وهي واحدة من أجمل وأشهر الأغاني الشعبية في بيلاروس، ومجموعة مختارة لستة معزوفات ثراثية، تصف طبيعة وطيبة مواطني بيلاروس والحياة في بلدهم، ومن ثمَّ تم توقيع مذكرة تفاهم بين المتحف الوطني والمتحف التاريخي الوطني لجمهورية بيلاروس، تلى ذلك افتتاح معرض "بيلاروس" على مفترق طرق التواصل الحضاري؛ حيث يضم المعرض مجموعة من المقتنيات المختلفة؛ منها: "حزام فيتوت"، وهو عبارة عن مجموعة من صفائح صنعت في أواخر القرن 14م ومطلع القرن 15م.

كما يضم المعرض "كنزبينسك" ويضم 44 درهما معدنيا يعود تاريخها إلى القرن 10م، وتم اكتشافه عام 1993م في مدينة (بينسك).

كما يمتلك المتحف التاريخي الوطني في جمهورية بيلاروس مجموعة من الكتب المطبوعة والمنسوخة بخط اليد، تعود للمجتمع الإسلامي البيلاروسي مطلع القرن 19م أيام الإمبراطورية الروسية، وحتى قيام الجمهورية البولندية الثانية في عشرينيات وثلاثينيات القرن 20م ومن بين أكثر الكنوز الموجودة بالمعرض قيمة، مخطوط "كتاب" مطلع القرن 19م ومن غرب بيلاروس، وتعد هذه المجموعة من المخطوطات فريدة لانه كتبها تتار بيلاروس باللغة البيلاروسية مستخدمين أحرف اللغة العربية.

ويعدُّ إرث شعب التتار البيلاروسي موثقا جيداً من خلال الصور الفوتوغرافية والبطاقات البريدية والعديد من الوثائق الأخرى التي تعود للفترة من أواخر القرن 19م إلى مطلع 20م، وتحتوي هذه الوثائق على مناظر لمساجد، وأحياء سكنية، وصور شخصية لافراد وعائلات، إضافة لوثائق ذات طبيعة دينية ووثائق خاصة. ويمتلك المتحف التاريخي الوطني البيلاروسي مجموعة فريدة من المحفوظات ذات الصلة بـ"حسن قناباتسكي" النبيل التتاري الذي وصل لرتبة عقيد في الجيش الروسي وأحد قدامي المحاربين في الحرب العالمية الأولى، وأحد قادة حركة الاستقلال البيلاروسية مطلع القرن 20م.

وخلال الفترة من القرن 16م إلى القرن 18م كانت طبقة النبلاء (شلاختا) البولندية والليتوانية والبيلاروسية تؤمن أن أفرادها من نسل "السارماتيين" -وهم مجموعة من القبائل الفارسية القديمة المعروفة، وشال سلوتسك من الأمثلة البينة على هذا المعتقد، وهو أيضا أحد رموز الثقافة البيلاروسية التي ظهرت للوجود بتأثير إسلامي واضح. ففي البداية كان يتم جلب هذه الأوشحة من بلاد فارس وتركيا، ولكن في القرن 18م تأسست صناعة الشيلان في مدينة سلوتسك البيلاروسية، وتم دعوة أول رائد من رواد هذه الصناعة من الإمبراطورية العثمانية، وكانت تصاميم الشيلان السلوتسكية واقعة تحت تأثير شرقي كبير، ويمتلك المتحف التاريخي الوطني لجمهورية بيلاروس مجموعة قيمة من الشيلان السلوتسكية الاصيلة من القرن 18م، ومطلع القرن 19م، وقد أحيت جمهورية بيلاروس الحديثة إنتاج هذه الشيلان واتخذت من الموجود منها في متاحفها نموذجآ لهذا المشروع؛ حيث يُمكن للزوار أن يشاهدوا نماذجَ من الشيلان الأصلية من القرن 18م، والشيلان الحديثة المصنوعة على غرارها.

وتتمثل الفكرة الرئيسية لهذا المعرض في الروابط التاريخية بين بيلاروس والعالم الإسلامي؛ فالتعايش السلمي لشعب بيلاروس مع مختلف الشعوب الإسلامية، والتسامح المتوارث تجاه الإسلام في بيلاروس، يمثلان قيمة عظيمة في هذا الوقت العصيب من الاضطرابات السياسية والاجتماعية حول العالم، كما أن التواصل السلمي مع العالم الإسلامي، والذي اتسم بالنفع المتبادل بين الجانبين، حقق لبيلاروس تنوعًا ثقافيًّا ثريًّا.

كما يمتلك المتحف التاريخي الوطني في جمهورية بيلاروس العديد من النماذج ذات الصلة بالعلاقات التاريخية بين بيلاروس والعالم الإسلامي، وتجسد العلاقات التي قامت خلال العصور السابقة بين السلافيين الشرقيين والخلافة الإسلامية؛ وعن طرق التجارة القديمة بين الشرق والغرب، وسيتم خلال هذه الزيارة عقد جولة من المباحثات الرسمية مع صاحب السمو السيد وزير التراث والثقافة، ومباحثات مع دار الأوبرا السلطانية، وكذلك التوقيع على مذكرات تفاهم بين كلٍّ من وزارة التراث والثقافة ووزارة الثقافة في ببيلاروس، والمتحف الوطني بالسلطنة والمتحف التاريخي الوطني في بيلاروس.

يُذكر أن المتحف الوطني يعد الصرح الثقافي الأبرز في سلطنة عُمان، والمخصص لإبراز مكنونات التراث الثقافي لعُمان، منذ ظهور الأثر البشري في شبه الجزيرة العُمانية قبل نحو مليوني عام، وإلى يومنا الحاضر؛ والذي نستشرف من خلاله مستقبلنا الواعد.

وقد أنشئ المتحف بموجب المرسوم السلطاني رقم (2013/62)، الصادر بتاريخ (16 من محرم سنة 1435هـ)، الموافق (20 من نوفمبر سنة 2013م)؛ وبذلك أصبحت له الشخصية الاعتبارية؛ بما يتوافق، والتجارب، والمعايير العالمية المتعارف عليها في تصنيف المتاحف العريقة. ويهدف المتحف إلى تحقيق رسالته التعليمية، والثقافية، والإنسانية، من خلال ترسيخ القيم العُمانية النبيلة، وتفعيل الانتماء، والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن، والمقيم، والزائر، من أجل عُمان، وتاريخها، وتراثها، وثقافتها، ومن خلال تنمية قدراتهم الإبداعية، والفكرية، ولاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد، والمقتنيات، وإبراز الأبعاد الحضارية لعُمان؛ وذلك بتوظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات العلوم المتحفية، وبتقديم الرؤية، والقيادة للصناعة المتحفية بالسلطنة.

ويتجسد ذلك كله في توزع تجربة العرض المتحفي على 14 قاعة، تتضمن أكثر من 5500 من اللقى المميزة، والمنتقاة بعناية، و43 منظومة عرض تفاعلي رقمية، يعتبر أول متحف بالسلطنة يتضمن مركزًا للتعلم، مجهزًا وفق أعلى المقاييس الدولية، ويعتبر أول متحف بالسلطنة يتضمن مرافق للحفظ والصون الوقائي، ومختبرات مجهزة تجهيزًا كاملًا، ويعتبر أول متحف بالسلطنة يتضمن قاعة عرض صوتية ومرئية؛ بتقنية (UHD)، وهو أول متحف بالشرق الأوسط يوظف منظومة "برايل" باللغة العربية، وهو أول متحف بالشرق الأوسط يوظف منظومة المخازن المفتوحة.

تعليق عبر الفيس بوك