تدمير أي تحسن في العلاقات السعودية – الأمريكية

 

عبيدلي العبيدلي

وسط الزخم الإعلامي الذي رافق جولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأخيرة في دول الغرب، والتي شملت بريطانيا والولايات المتحدة، والتي كانت في مُحصلتها تشير إلى تحسن نوعي إيجابي في تلك العلاقات، عبرت عنه مجموعة الاتفاقات العسكرية والتجارية التي تمخضت عنها تلك الجولة والتي تجاوز مجموعها مئات المليارات من الدولارات، وسط كل ذلك الزخم، حملت وسائل الإعلام خبرًا مفاده، "رفض القضاء الأمريكي، طلب السعودية إلغاء مجموعة دعاوى ضدها تقول إنَّ المملكة ساعدت في تنفيذ هجمات 11 سبتمبر وتُطالب المملكة بدفع تعويضات لأسر الضحايا. وقال القاضي في محكمة منهاتن الإدارية بنيويورك، جورج دانيلس، إن تصريحات رافعي الدعاوى توفر أساسًا معقولاً له لتأكيد الاختصاص بنظر فيها بموجب قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب الصادر في عام 2016. ورفض دانيلس كذلك مزاعم مقدمي الشكوى ضد بنكين سعوديين وشركة بناء سعودية تتهم المؤسسات الـ 3 بتقديم دعم مادي لتنظيم (القاعدة) وزعيمه الراحل، أسامة بن لادن، لتنفيذ الهجمات، وتطالبها بدفع تعويضات، نظرًا لغياب الصلاحيات الضرورية. ونفت الحكومة السعودية مرارا الضلوع في هجمات 11 سبتمبر، التي أسفرت عن مقتل قرابة 3000 شخص، وانتقدت بشدة قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، الذي تبنته الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الرئيس، باراك أوباما".

ليس القصد هنا اللجوء إلى نظرية المؤامرة، للخروج باستنتاج يقول إن وراء مثل هذا القرار أيد تلعب في الخفاء، لكن بالمقابل ليس من المنطق أيضًا القبول بأنَّ مثل ذلك الحكم جاء بعيدا عن أية تدخلات وضغوطات من قبل قوى لها مصلحة مباشرة في الوقوف ضد أي تحسن نوعي وإيجابي في العلاقات العربية – الأمريكية عمومًا والسعودية منها على وجه الخصوص. ومما لا شك فيه أنَّ تلك الجولة مارست دورا مهما في تحسين تلك العلاقات، مهما دون حولها من ملاحظات، أو رشقها البعض بالاتهامات.

وقبل الخوض في الإشارة إلى من لهم مصلحة في استمرار تعثر العلاقات الأمريكية – السعودية، ينبغي التأكيد على قضية في غاية الأهمية، وذات علاقة مُباشرة بذلك القرار، وهي ما تكشف من حقائق دامغة، ومن مصادر موثوقة، البعض منها أمريكية، أنَّ هناك أيد استخباراتية ليست بعيدة عن أجهزة الاستخبارات المركزية الأمريكية هي التي وقفت مباشرة وراء التخطيط لعملية البرجين التي نفذت في 11/9/2001. ومن ثم تتضاءل أهمية جنسية من قام بتنفيذ العملية لتحل مكانها من هي الأطراف المستفيدة من وراء القيام بها، وبالتالي الجهة التي قامت بالتخطيط الدقيق الفني والتنفيذي لها.

تكفي العودة إلى ما وثقه البروفيسور السويسري، دانيال جانسر، في محاضرة له في جامعة بازل السويسرية، مستعيناً بتقرير صادر عن "لجنة التقصي" الأمريكية، التي تفصح عن وجود شواهد تؤكد" بالدليل القاطع أنَّ البرج الثالث (WTC7) الذي انهار دون أن تصطدم به أيّ طائرة ودون سبب مُقنع قد تم تفجيره بطريقة احترافية ليسقط بصورة تماثلية مع قطع كامل لأكثر من 81 عمودًا حديديًا صلبًا في نفس اللحظة، وفقًا لشهادة خبراء البناء في معهد زيورخ للهندسة المعمارية.

وإذا أضفنا لذلك ما تناقلته وسائل الإعلام، واستعان به جانسر، "بأن مالك المبنى نفسه، ويدعى (سلفرساتين) اعترف بقيام السلطات الأمريكية بتفجير المبنى ثم تراجع عن أقواله بعد ذلك وقام بتعديلها، كما يفضح التبريرات غير العلمية من معهد أمريكي متخصص يدعي أنَّ الحريق تسبب في انهيار المبنى بسبب انهيار عمود صلب واحد من أصل 81 عمودا صلبا يحمل المبنى".

بطبيعة الحال لسنا هنا بحاجة إلى سرد قائمة طويلة من الحقائق التي تكشفت بعد انهيار البرجين، مثل: " يوم 10 سبتمبر وصل إلى ويلي براون محافظ سان فرانسيسكو اتصال هاتفي ينصحه بعدم الطيران إلى نيويورك لحضور اجتماع كان مقررًا عقده في 11 سبتمبر، ولم يغادر بناءً على تلك النصيحة. واتضح فيما بعد أنَّ المكالمة صدرت من مكتب كونداليزا رايس". و "ظهرت ثلاث قطع صغيرة تم التعامل معها على أساس أنها من بقايا الطائرة. لم تتطابق هذه القطع مع أي مكون من مكونات البوينغ 757 ".

وتأسيسًا على ذلك يأتي الطلب السعودي محقًا، في إلغاء جميع الدعاوى، والرفض الأمريكي مجحفًا في رفض ذلك الطلب. وهذا الأمر الأخير يُثير علامات استفهام كبيرة ترغم المراقب على البحث عميقاً لكشف الجهات التي تتعارض مصالحها في أي تقارب سعودي – أمريكي، مع التشديد هنا على أنّ المقالة لا تقوم نتائج مثل هذ التقارب، بقدر ما هي تحاول أن تشخص القوى التي تدفعها مصالحها القومية الذاتية للوقوف ضده.

القوة الأولى التي تقف ضده، ولا يمكنها السكوت عنه، أو الوقوف مكتوفة الأيدي حياله هو اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة (AIPAC)، الذي يدرك أكثر من سواه أن أي تقارب سعودي أمريكي، وخاصة إذا كان ذلك يشمل الجاني العسكري يصب في مصلحة العرب في موازين القوى العربية - الصهيونية، ومن ثمَّ فمن مصلحة إسرائيل المباشرة أن تبحث فيما من شأنه تعكير صفو تلك العلاقات أو الوقوف في وجه مسارات تطورها، قدر ما تسمح به الظروف.

الجهة الثانية هي المعسكر الإيراني، سواء الدولة الإيرانية، أو القوى الإيرانية المتواجدة في الولايات المتحدة، ولديها بعض الخيوط مع دوائر صنع القرار الأمريكي، فهي الأخرى تدرك أنَّ أي تحسن في العلاقات السعودية – الأمريكية، مهما كان طفيفًا، له تأثيراته المباشرة وغير المباشرة على مسارات ومستقبل المشروعات التي يجري تحضيرها لرسم معالم خارطة مستقبل الشرق الأوسط الجديد، وبالتالي فكلما تقلص هامش الخلافات السعودية –الأمريكية، كلما اتسع نطاق حيز الخلافات الأمريكية – الإيرانية، وكلما اختل ميزان القوى العربية – الفارسية في منطقة الشرق الأوسط، لصالح الطرف العربي.

مرة أخرى لسنا هنا بصدد تقويم نتائج الزيارة، بقدر ما هو لفت نظر القارئ الكريم نحو زاوية ربما غابت عن ناظريه.