استراتيجية أم رد فعل؟

 

وليد الخفيف

توقفت بعض الوقت أمام حيرة اتحاد كرة القدم في اختيار المنتخب الذي تسند إليه المُشاركة في دورة الألعاب الآسيوية بجاكرتا أغسطس القادم، فهل يا تُرى يشارك بالمنتخب الأول؟ أم يشارك بالمنتخب الأولمبي؟ أسئلة ودراسات وحوارات واجتماعات متواصلة في أروقة السيب، مع تلميحات وتسريبات لجس النبض برفض دعوة المشاركة كخيار استراتيجي يراه البعض رائعاً، وبغض النظر عن قبول الدعوة من عدمه، فالحيرة في محتواها دللت مباشرة عبر تحليل منطقي بسيط على أنّه لا توجد استراتيجية واضحة لتلك المنتخبات وبالتالي فليس هناك أهداف واضحة وإنما سياسة رد الفعل القائمة على تحقيق الفوز المرحلي بالقطعة هي السياسة المتبعة، فالفوز سيحرك جموع الجماهير وهذا الأهم.

فلو كان هناك استراتيجية ولو لأربعة أعوام، فلن تنظر لجنة المنتخبات إلى الرسالة الأولى للمجلس الأولمبي الآسيوي التي أتاحت حق المشاركة في البداية للاعبين حتى 27 عاماً مع إمكانية تسجيل 3 لاعبين فوق السن، معتبرة أن اللاعب من سن 18 يستطيع أن يلعب للمنتخب الأول تزامنا مع ضرورة الاعتماد على الفئة العمرية من مواليد 1996 كهدف استراتيجي لبلوغ أولمبياد طوكيو 2020، وخوض التصفيات المؤهلة لمونديال قطر 2022، فليس هناك هدف أكبر من هذا وذاك.

ومع ذلك ونظرًا لأن الاستراتيجية - إذا كانت موجودة - فقاصرة إذ أبدى فيربيك في البداية تحفظه على المشاركة، تزامناً مع تواتر أنباء عن الاعتذار، فما أجمل أن يعيش الهولندي وجهازه الفني والإداري على زخم وأضواء انتصارات الكويت بعيداً عن من أسموهم بجيوب المعارضة الإعلامية الباقية، فالاحتفاظ بلقب الخليج دون تعرضه لأي مخاطر تشوب بريقة كان هدفاً.

القدر منح فيريبك الابتعاد عن مواجهات محفوفة بالمخاطر بعد تعديل المجلس الأولمبي الآسيوي لرسالته عائدا للنظام المعمول به سابقاً، وبالتالي أصبحت المشاركة حقاً لمنتخبات تحت 23 سنة فقط، لتصبح الكرة في ملعب العزاني، فلا مناص من المشاركة رغم تأثر الأخير بخروج كارثي من نهائيات آسيا بالصين خالي الوفاض محملاً بثلاثة خسائر من الدور الأول دون أن يمس شباك منافسيه ولو بهدف شرفي، فربما لم تكن الخسائر الثلاثة والمستوى الباهت كافيًا لتحريك لجنة المنتخبات لإبداء الأسباب والكشف عن المسؤول وعرض المقترحات للحيلولة دون تكرار المشهد الصعب، فللفوز مائة أب أما الخسارة فلقيطة يتبرأ منها الجميع.

وها نحن الآن على مشارف المشاركة بمنتخب جديد في دورة الألعاب الأولمبية الآسيوية في جاكرتا، لندفع ثمن النظر تحت أقدامنا، وها نحن بحاجة لإعداد جيل جديد لا يمتلك الخبرة ولا التجارب الدولية وبات عليه أن يحقق هدف التواجد في طوكيو وتحقيق الحلم الكبير في العبور إلى الدوحة في 2022، ولكن كيف؟ سؤال صعب والإجابة أصعب فالمنتخبات المنافسة تتفوق في العمر التدريبي والخبرة، وأخيرا نشكتي مما صنعته أيدينا قائلين "ليس لدينا سوى أربعة لاعبين فقط من المنتخب الأولمبي الماضي والأسماء الجديدة بحاجة لإعداد! لندور في الحلقة المفرغة من جديد.

والتساؤل الملح هنا: هل علمت لجنة المنتخبات سبب مشاركة قطر والعديد من الدول الآسيوية في النهائيات الماضية بالصين باللاعبين من سن 96/97؟ فربما الآن أدركت، وأدركت أنا أيضًا سبب خسارة اليابان من العراق في نهائي البطولة الآسيوية تحت 23 سنة التي أقيمت في مسقط، وسبب خروج كوريا وأستراليا من السباق، لقد توج العراق بيد أنه لم يبلغ أولمبياد لندن، إنما بلغها اليابان لأنه اتخذ من البطولة محطة إعداد للجيل الذي سيخوض التصفيات وسيكون له شرف التواجد في النهائيات فهناك فرق بين من ينظر لعنان السماء ومن ينظر تحت قدميه.