هل حقا نظام تعاملات إلكترونية؟!

زينب الغريبية

مريم.. موظفة تسعى منذ ثمانية أشهر لإتمام عملية استكمال المعاملات؛ من أجل إكمال دراستها العليا في الخارج، طُلب منها تصديق الشهادة بداية لاستكمال باقي الإجراءات، ذهبت للمؤسسة المعنية تحمل الأوراق، فأخبروها بأن الإجراءات الآن إلكترونية، فهناك موقع مختص بالمؤسسة به كل الخدمات المقدمة للطلاب في هذا المجال، وعليها إدخال المستندات المطلوبة والموضحة على الموقع الإلكتروني، وتقديم طلب، والانتظار.

إلا أن هذا الانتظار طال، فكلّما دخلت على الموقع لترى المستجد في الموضع، تجد أن الطلب كما هو، يبدو أن الموضوع في المعاملة، وهي تحتاج إلى وقت، بحكم أن هذه المؤسسة ستوجه الموضوع للملحقية التابعة للسفارة العُمانية في الدولة التي درست فيها لنيل درجتها العلمية السابقة، والملحقية بدورها ستتواصل مع تلك الجامعة، ثم تردّ الجامعة على الملحقية لتوصل الأوراق المطلوبة للمؤسسة المعنية داخل السلطنة، هكذا يبدو أن العملية تسهل على الطلاب، وهناك الكثير من المساعدة.

حقا ظاهرها هكذا، إلا أنَّ الحقيقة هي أن مريم انتظرت سبعة أشهر، وعندما لم تجد ردًّا، ذهبت لتراجعهم، والنتيجة التي حصلت عليها كانت صادمة؛ حيث قيل لها، لما لم تتابعين طلبك؟ قالت: أخبرتموني أن المعاملة إلكترونية....!!! إلكترونية، لكنها لا تتحرك إلا بمتابعتها على الواقع. إذن، لِمَ هي إلكترونية، إذا كُنت سأركض وراءها، وأستجدي الموظفين للنظر فيها؟!!!!

حينها وجدت من سيتابع لها الموضوع من الموظفين تعاونا معها؛ فشكرته، وبالفعل قام بذلك، إلا أن الموضوع أخذ ما يقارب أكثر من شهر، ولمَّا ذهبت للسؤال، قيل لها يوجد رد على طلبك كان من قبل ثمانية أشهر، ولابد من تجديده بتاريخ جديد. إذن؛ لِمَ لم يتم الاتصال بي هاتفيا، أو إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني حيث طُلِب مني وضع قنوات التواصل معي؟! ولكنَّ الرد بأن عليك متابعة معامتلك بنفسك!!!

جدَّدت الطلب، لكنها حاولتْ النظر في حل آخر ربما يعجِّل الموضوع، فلا مزيد من الوقت لديها لإتمام المعاملة، دخلت على الموقع الإلكتروني للجامعة الغربية التي تخرجت فيها، وأرسلت رسائل عشوائية بالبريد الإلكتروني لمنسقين إداريين في الكلية التي كانت تنتمي إليها، ربما يكون لهم دراية بالموضوع، جاءها الرد من الجميع في نفس اليوم، وكان بعضهم من وجهها إلى الإيميل الذي تتواصل عليه من أجل هذا الموضوع في الجامعة، ومنهم من أرسل لها رابطا بمعلومات ربما تساعدها، بالفعل أرسلت للبريد الإلكتروني الذي أُرسل لها، وبعد سويعات تم إرسال استمارة لها لتعبئتها، وطرق تحويل مبالغ مالية مستحقة لإجراء المعاملة، على أن تستغرق العملية خمسة أيام عمل بعد استكمال الاستمارة وإرسالها ودفع الملبلغ المستحق، وستُرسل لها الأوراق المطلوبة عبر نوع البريد الذي ترغب به.

المذهل أنه خلال خمسة أيام، وجدت مريم الأوراق لديها، وبكل سهولة وسرعة، وبالطريقة ذاتها وهي تعبئة استمارة وتقديم الطلب إلكترونيا، ولكن اختلف هنا القائمون على التنفيذ، فلا نكتفي أن نتشدق بأننا حوَّلنا جميع العمليات لتصبح إلكترونية، ولم نُؤسِّس لها بشكل صحيح، ولو رغبنا في ذلك لاستطعنا، ولدينا أمثلة ناجحة؛ مثل: النظام الإلكتروني للشرطة، وخدمات القوى العاملة، فهي الآن تسير بشكل أفضل وأسرع وأسهل.

فنحن لا نُطبق التكنولوجيا من أجل أن نقول إننا نواكب التقنية؛ وبالتالي بدلا من أن نوظفها بشكل يجعل ميزاتها التي تتمثل في السهولة والسرعة وتقليل الكلفة، هي المقصد من تطبيقها، سنتفاجأ بأنها أدت لنتائج عكسية وهي التأخير والتعقيد وزيادة التكلفة؛ فنحن سنتعامل بها ثم سنعمل على متابعتها من مكان إلى آخر حتى تُنجز لنا.. إذن، ما العائد للمؤسسة والفرد المستفيد من تطبيقها؟

نحن نُشجِّع استخدام التقنية، ونروِّج له وبشكل كبير، لميزاتها الكبرى التي سنحصل عليها، ولكن قبل بدء استخدامها وتعميمها، لابد أن نحرص على التأسيس الصحيح للموظفين القائمين عليها، وقوة النظام الإلكتروني الذي ستوضع عليه الخدمات المقدَّمة، والتوعية المجتمعية للأفراد بكيفية استخدامها وتفعليها والاستفادة منها.