خارطة الطريق لمناهج الطفولة المبكرة.. (ب)مقاربات عالمية (6/7)

د. عامر بن محمد بن عامر العيسري

هناك العديد من المناهج العالمية التي تعد مقاربات تطبيقية في تعليم الطفولة وتقوم مؤسسات تعليم الأطفال بتطبيقها وقد تطرقنا سابقا إلى منهجي هاي سكوب و هايد ستارت ، كما سنتحدث عن المناهج التالية :

ثالثا : منهج ريجيو اميليا
بدأ منهج ريجيو إميليا في سنة 1946م لمدارس تُدار من قبل الآباء. بعد الحرب العالمية الثانية وضع لويس مالجيوزي (Loris Malaguzzi (1920-1994 أسس منهج ريجيو اميليا في مدينة تدعى (فيلا سيلا)  بالقرب من مدينة ريجيو إميليا التي تقع شمالي ايطاليا ، و ذلك بهدف صياغة برامج التعليم للأطفال دون سن السادسة من العمر .

يهدف هذا المنهج إلى غرس النضج العقلي والخيال وحب الاستطلاع والرغبة في التواصل مع الآخرين في نفوس الأطفال، وينظر هذا المنهج إلى الطفل باعتباره محور هذا المنهج ، وأهداف المنهج متسلسلة ومترابطة ، والمعلمات تراعي ميول ورغبات الأطفال ، ويؤكد هذا المنهج أن تعليم الأطفال يتم من خلال التفاعل مع الآخرين وأولياء أمورهم والهيئة الإدارية ، ويتيح المنهج للمعلم التخطيط للأنشطة والخبرات من خلال عمل المشروعات التعليمية التي تحفز عنصر الاكتشاف لديهم وتتيح لهم التعبير عن أنفسهم .

ويستند هذا المنهج على عدة مبادئ أهمها دور البيئة كمكان للتعلم          ، وأهمية اللغة الرمزية لدى الأطفال ، والحاجة للتوثيق وإعداد ملف الإنجاز ، وضرورة تنفيذ المشاريع طويلة الأمد ، ودورالمعلمة كباحثة ومقيمة للعمل ، وأهمية علاقات الروضة بالبيت.

ويعتمد منهج "ريجيو اميليا" في فلسفته على الأمور :
1-  تركيز التعليم على الطفل وعلاقته بالأطفال الآخرين والأجهزة الأخرى .
2-  أن المدرسة أكثر شبها بالمنزل . فالبيئة تشجع على التعلم. وهى مهيأة بحيث يتفاعل التلاميذ بسهولة مع المعلمين وغيرهم من الأطفال .
3-  المنهج لا يسير وفق جدول تم إعداده ، ولكن يسمح للأطفال بأن يسير وفق قدراتهم الخاصة في التعليم وفق اساليب التعليم المناسبة لكل طفل .
4-  يعتمد المنهج على نظام الحلقة؛ فكل معلم يظل مع نفس المجموعة من الأطفال في دورة مدتها ثلاث سنوات ، تسمى الدورة المدرسية .
5-  بناء علاقة والدية إيجابية من خلال إتاحة الفرصة للآباء للمشاركة عن طريق عقد لقاءات بين الأطفال والمعلمين والآباء قبل التحاق الطفل بالمدرسة.

وتتمثل اهداف المنهج في توفير بيئة مناسبة لتعليم الأطفال ، وقيام المعلمة بمتابعة اهتمامات الأطفال في جميع الجوانب ، وتعليم الأطفال من خلال تفاعلهم مع بعضهم البعض ، واشراك الوالدين في المنهج ، كما يهدف المنهج إلى العمل على تقدم مستوى الطفل من خلال منهج موجه له ، واكساب الأطفال مهارات التفكير والتعاون ، واستخدام الفنون التصويرية لتنمية الجوانب المعرفية واللغوية للأطفال.

للمعلمة دور مهم في منهج ريجيو إيميليا ، ويبرز ذلك في تهيئة بيئة الروضة لتناسب تعلم الطفل وتساعده على الاستكشاف ، ومشاركة الطفل في الأنشطة ، والاهتمام بالجانب الجمالي في الروضة  ، وتوفير جو من المرح والسعادة في الروضة ، والاهتمام بتنمية روح التعاون بين الأطفال بعضهم البعض ، والاحتفاظ بالأعمال التي يقوم بها الأطفال داخل الروضة و خارجها ، كما تقوم المعلمات بمساعدة بعضهن البعض داخل الروضة.

ودور الطالب في هذا المنهج يتمثل في تعاون الأطفال مع بعضهم البعض في أثناء اللعب ، وقيام الطفل باستكشاف العالم المحيط به من خلال اللعب ، واختيار الطفل للأنشطة بحرية مثل الرسم والنحت واللعب الدرامى.


رابعا :منهج مونتيسوري:  
وهو منهج تعليمي أسسته المربية الإيطالية ماريا مونتيسوري ( 1870-1952) كأول طبيبة إيطالية اتبعت المنهج العلمي  في التعليم، فاستعانت لتحقيق ذلك بالملاحظة و المراقبة والتجارب و البحث العلمي معتمدة على دراسة تطور الأطفال و آلية تعليمهم ، حيث تبنت فكرة تربية الطفل وفق ميوله لتنميته روحيا و فكريا و حركيا عبر مجموعة أنشطة تلبي حاجاته و تنمي إمكانياته داخل مؤسسات متخصصة و طبقا لمواصفات و أهداف تعليمية دقيقة .

  يعتمد المنهج على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل . فيهتم المنهج بتنمية شخصية الطفل بصورة تكاملية في النواحي النفسية و العقلية و الروحية و الجسدية الحركية، لمساعدته على تطوير قدراته الإبداعية و القدرة على حل المشكلات و تنمية التفكير النقدي وقدرات إدارة الوقت وغير ذلك من الأمور .

أهم ركائز المنهج : حرية واستقلالية الطفل ، مراعاة خصائص نمو الطفل وحاجاته وقدراته ، وجود اعمار مختلفة في الصف الواحد ، التعليم فعال وداعم وموجه للطفل ، بيئة الصف منظمة ، يتعلم الطفل ذاتيا من خلال التفاعل ، المنهج أسلوب حياة تتبعة الأسرة كلها.

بيئة التعلم حسب منهج مونتيسوري تقوم على ستة مبادئ و هي : الحرية الهيكلية و النظام و الواقعية و الجمال و الجو العام و حياة المجتمع.

ويتميز منهج مونتيسوري التعليمي بعدة مميزات منها : يعلم أو يلقن الأفراد كما المجموعات ، وليس على الطفل أن يشارك في عمل غير مستعد له ، والأطفال في مونتيسوري يتعلمون من خلال العمل أكثر من الاستماع و التذكر ، كما يقوم هذا المنهج على حرية الاختيار و ليس على تحديد أوقات نشاطات معدة ، وشمولية منهج مونتيسوري التعليمي فيهتم بتنمية قدرات الطفل في المجالات المختلفة .

اهداف منهج مونتيسورى  تتمثل في أنه يقوم على تربية الطفل وفق ميوله وذلك عن طريق مجموعة من الانشطة تلبي حاجاته وتنمي إمكانياته داخل مؤسسات متخصصة (الروضة) ، ويسعى للاهتمام بحواس الاطفال ، واكتشاف الموهوبين وتنمية مواهبهم ، مع الاعتماد على مبدأ الحرية في تربية الاطفال ، وجعل الروضة مكانا محببا للأطفال ، واحترام الاطفال وقدراتهم وحاجاتهم ، وتدريب الاطفال على الاعتماد على النفس.

دور المعلمة في هذا المنهج مهم يقوم على ملاحظة الطفل لتحديد اهتماماته ، وتوجيه  الطفل دون تدخل في مجهوده ليتعلم بنفسه ، وإعداد البيئة الملائمة لتناسب احتياجات الطفل بناء على الملاحظة.

أما دور الطفل في هذا المنهج فيركز على حرية الطفل في اختيار اللعب والأنشطة  وفي تنمية نفسه بشكل طبيعي ، ورغبة الطفل في استخدام يديه لاكتشاف الأشياء ،لذلك يجب أن تنظم المواد على أساس حاجته ليتعلم من خلال الحركة ، كما يمتلك الطفل شخصية يسعى لتنميتها، لذلك فهو يتمتع بالمبادرة  ويختار لعبه الخاص، ويثابر عليه أو يغيره بحسب حاجاته.

خامسا : منهج والدورف  :
وهو منهج تعليمي أسسه الألماني رودولف شتاينر عام 1919م  في مدينة والدروف ستوتجارت ، استخدم فيه أسلوب التعلم القائم على تعدد التخصصات ودمج العناصر العملية والنظرية والفنية في التعلم ويؤكد المنهج على دور الخيال وتنمية التفكير الابداعي لدى الأطفال ، ويقوم على اعتبار أن أول سبع سنوات من حياة الطفل هي أهم فترة في نمو الطفل وذلك من أجل تعويد الطفل على التكيف مع نفسه والعالم المحيط به.
لا يتبع المنهج نظام الحصص بل نظام الفترات ، ولا توجد كتب مدرسية بل أنشطة ، ولا يتم تقييم الطفل بالعلامات.
اهداف منهج والدورف تتمثل في توفير تعلم متوازن ومتكامل للأطفال نظريا وعمليا ، واكساب الأطفال قيم الخير والجمال وحب التعلم ، وتنمية روح التواصل الايجابي بين الأطفال والعالم المحيط بهم ، كما يركز المنهج على تعويد الأطفال على تحمل المسؤولية ، واكساب الأطفال المعارف عن طريق الوسائل التعليمية المختلفة ، وكذلك اكساب الأطفال العادات الصحية المرغوب فيها.
ودور المعلمة في منهج والدورف يرتكز على تحفيز خيال الأطفال في أثناء اللعب عن طريق توفير الألعاب والأنشطة والمناسبة لذلك ، ومشاركة الأطفال في اثناء اللعب ، وإتاحة الفرصة للأطفال لاختيار الألعاب المناسبة لهم ، وإكساب الأطفال الشعور بالأمن والسلامة اثناء تواجدهم في الروضة ، واستخدام خامات البيئة فى صنع الألعاب التعليمية.
أما دور الطفل في هذا المنهج فيتمثل في اختيار الأطفال الألعاب المحببة لهم ، ومشاركة بعضهم البعض ومشاركتهم للوالدين في أعمال المنزل مثل الطبخ- الخبز- التنظيف وغيرها.

Sebawaih2000@hotmail.fr

تعليق عبر الفيس بوك