خارطة الطريق لمناهج الطفولة المبكرة.. (أ)مقاربات عالمية (5/7)

د. عامر بن محمد بن عامر العيسري

هناك العديد من المناهج العالمية التي تعد مقاربات تطبيقية في تعليم الطفولة وتقوم مؤسسات تعليم الأطفال بتطبيقها ومن أهم تلك المناهج العالمية ما يلي :

أولا : هاي سكوب : وهي منظمة تعليمية تربوية غير حكومية غير ربحية تعنى بالطفولة المبكرة تأسست في الولايات المتحدة الامريكية عام 1970م ، وهي مؤسسة راعية للأطفال وللمعلمين ولأولياء الأمور أيضًا، تهتم بتدريبهم وإعدادهم الإعداد الجيد لتربية وتعليم الأطفال، وتتمثل مهمة المؤسسة في رفع مستوى الأطفال التربوي والتعليمي .
وتبرز في منهاج هاي سكوب عناصر مهمة للتعلم  ، أولها : اللغة عند الأطفال وهي القلب النابض للتعلم النشط ، وثانيها : استخدام نماذج التعلم المختلفة مثل العصف الذهني وأسلوب الحوار والنقاش ، والتعلم التعاوني ، يليها : استخدام الوسائل المتعددة المثيرة للحواس كمدخل للتعلم والتفاعل المباشر ، وآخرها : تقييم أداء الطفل باستمرار مع الاهتمام بالتقييم الذاتي للطفل.

ويركز نموذج هاي سكوب في التعليم على مبدأين رئيسين هما مبدأ الحرية ومبدأ المشاركة الفعالة. فالقاعات الدراسية مهيأة لأن تتيح للطفل مساحة أكبر من المرونة وحرية الحركة واختيار النشاط الذي يميل إليه، بما يناسب قدراته واهتماماته، كما تمزج بيئة هاي سكوب بين اللعب والتعلم معًا، ليصبح التعليم متعة وتنوعا على مدار اليوم.
ويتسم البرنامج اليومي في منهاج هاي سكوب بالثبات فهوعنصر أساسي لدفع الطفل للشعور بالأمان وتوقع الأحداث ومن ثم الإبداع ، ويبدأ برنامج هاي سكوب اليومي بمجموعات صغيرة للترحيب بعضهم ببعض والسؤال عن أحوالهم ومشاعرهم ، ويوفر برنامج منهج هاي سكوب للطفل كافة فرص التعلم بتوازن تام من التعلم الجماعي، والتعلم الفردي، والمشاركة في أنشطة واسعة، أو المشاركة في أنشطة صغيرة، ويوفر لهم فرص الاهتمام بأنفسهم من خلال تمرينات الرعاية الشخصية، والحرص على نظافة القاعات والعمل الجماعي على التنظيف والترتيب والاستعداد للفترة التالية.
 وتتمثل أهداف المنهج في تطوير قدرات الاطفال باستخدام مجموعة متنوعة من الانشطة فى الفنون والحركة البدنية، التحدث والتمثيل ، والعمل على نقل الخبرات الى الاطفال وتطوير قدراتهم على العمل مع الاخرين ، والاستفادة من وقت الاطفال لتطوير قدراتهم على التفكير من خلال المواقف الحياتية الطبيعية ، وتشجيع الاطفال على تحقيق أهدافهم عن طريق إشراكهم فى عمليات صنع القرار ومواقف حل المشكلات ، واشراك الاطفال في الانشطة اثناء التعلم حيث يتعلم الاطفال عن طريق استخدام ايديهم اثناء اللعب ، وإشراك الاباء والمعلمات فى تنمية مهارات الطفل البدنية والاجتماعية والوجدانية.
ودور المعلمة في منهاج هاي سكوب يقوم على تدريب الاطفال على تنمية اعتمادهم على انفسهم ، وتشجيع الاطفال على تطبيق ما تعلموه في الروضة في حياتهم ، والقيام بترتيب الانشطة والالعاب داخل القاعة ، تحفيز ودعم التعلم النشط الفعال بين الاطفال بعضهم البعض داخل القاعة.
أما دور الطالب في منهاج هاي سكوب فيتمثل في حرية اختيار الطفل للأنشطة المحببة له ، والقيام بطرح التساؤلات لمحاولة استكشاف العالم المحيط به ، والتفاعل مع زملائهم داخل القاعة ، والاشتراك بفاعلية في الانشطة والالعاب.

ثانيا :منهج هايد ستارت :
برنامج الهيد ستارت هو برنامج مقدم من قبل وزارة الصحة والخدمة الإنسانية الأمريكية ،التي توفر التعليم الشامل، والصحة، والتغذية، وكذلك توفر خدماتها إلى الأطفال وأسرهم من ذوي الدخل المحدود . فقد صمم البرنامج خدماته ومصادره لتعزيز العلاقات الاسرية ولتعزيز النمو البدني والعاطفي, ولإيجاد بيئة لتطوير المهارات المعرفية .
وهو برنامج  يهيئ أطفال الروضة للدخول الى المدرسة وذلك عن طريق تنمية الأطفال اجتماعيا وعاطفياً وفكرياً وغيرها من خلال توفير الخدمات التعليمية والصحية والغذائية والاجتماعية، كما يقدم البرنامج خدمات للنساء الحوامل، وكيفية رعاية أطفالهن بعد الولادة.
يقوم منهج هيد ستارت على استغلال فضول الأطفال وتوفير الأدوات والألعاب التي تساعدهم على التعلم والاستكشاف ، كما يؤكد المنهج على حفز خيال وابتكار الأطفال وذلك بالتنويع فى الأنشطة المقدمة لهم ، يؤكد المنهج كذلك على ضرورة إشراك الأطفال في عمليتي التخطيط والتنفيذ للأنشطة المقدمة لهم، والتي تهدف إلى إكسابهم التعلم ، يؤكد المنهج أيضا على ضرورة تنمية الجوانب الاجتماعية والعاطفية لدى الأطفال.

لمنهج هايد ستارت أهدافه مهمة تتمثل في تحسين صحة الطفل الجسدية وقدراته البدنية ، وتنمية الجانب العاطفي والاجتماعي للطفل عن طريق تشجيع الثقة في النفس والانضباط الذاتي له ، وتنمية مهارات الطفل الذهنية واللفظية ، كما يسعى إلى خلق مناخ من الثقة بين المعلمة والأطفال ، وزيادة قدرة الطفل على الترابط الإيجابي والتفاعل بينه وبين أفراد أسرته ، وتنمية شعور الطفل بتقدير الذات داخل الأسرة وخارجها.

يتمثل دور المعلمة في منهج هايد ستارت في تشجيع الأطفال على اللعب الجماعي والاشتراك في أنشطة مثل الجري والقفز والزحف ، وتوفير أدوات جذابة وآمنة للأطفال ، وإعداد مسرح بالروضة يساعد الأطفال على التعلم ، وإشراك الآباء والأمهات في البرامج المقدمة لأطفالهم ، ويقوم المعلم على استخدام أسلوب المرح واللعب لتعليم الأطفال ، والمساعدة في تنمية جميع جوانب الطفل ، وتقديم الدعم لعائلات الأطفال لتحديد وتحقيق أهدافها ، وتعزيز مهارات الأسرة لمساعدة أطفالهم.

أما دور الطفل في هذا المنهج فيتمثل في حرية اختيار الطفل للأنشطة ، وتفاعل الأطفال مع بعضهم البعض أثناء التعلم والقيام بالأنشطة ، و اشتراك الأطفال في عملية تخطيط وتنفيذ الأنشطة ، واستغلال فضول الأطفال وتوفير أدوات تساعدهم على التعلم ، كما يقوم الاطفال بتكوين علاقات إيجابية مع أقرانهم ومع المعلمات.

Sebawaih2000@hotmail.fr

تعليق عبر الفيس بوك