المطرب السوداني هاني عابدين لـ"الرؤية": السلطنة غنية بالتراث الأصيل.. وللعمانيين ذائقة فنية راقية

في زيارته الأولى للسلطنة قال المطرب السوداني هاني عابدين إنّ الشعب العماني يمتلك ذائقة فنية راقية، مؤكداً إعجابه بجمال السلطنة وبمهرجان مسقط الذي تجول بين أروقته، مشيرا إلى أن المهرجان ضم أنشطة وتراثا غنيا يُنبئ بأنَّ هذا البلد عريق وضارب بجذوره الحضارية في عمق التاريخ.

وكان عابدين قد زار السلطنة بدعوة من الجالية السودانية لإحياء حفلات عيد الاستقلال، والتي أقيمت في مسقط والبريمي وصور وصلالة..

في هذا الحوار يتحدث المطرب أو "العرّاب" كما يلقبه جمهوره ومحبوه في السودان عن بداياته الأولى، ورحلته الفنية، وانطباعاته عن السلطنة، ومهرجان مسقط.

الرؤية - محمود المدني

  • كيف كان دخول هاني عابدين إلى عالم الغناء والموسيقى؟

البداية كانت في المدرسة الابتدائية والحصص المُخصصة لإظهار مواهب التلاميذ، حينها بدأت المحاولات، ثم ازداد النشاط في المرحلة المتوسطة التي كانت الجمعيات الأدبية جزءا أصيلاً من برامجها غير الفصلية، وكان شغفي بالغناء هو الدافع الأول، وبعد الانتقال للمدرسة الثانوية كانت الدورات المدرسية مُحفزاً لي للإبداع والظهور لجمهور أكبر وأكثر تنوعاً، والاستماع لآراء النقاد والإفادة من مُلاحظاتهم الثَّرة التي قوَّمت الأداء، وشهدت المرحلة الجامعية جموداً فنياً حيث صار النشاط محدوداً يقتصر على الغناء في فناء الجامعة مع الطلاب ووسط الأصدقاء والحفلات الخاصة، ثم جاءت مرحلة الاحتراف والغناء في الأستوديوهات وحفلات الأعراس والحفلات الجماهيرية.

  • وهل وجدت مساندة أو تشجيعا حتى برزت على الساحة الفنية؟

وجدت كل التشجيع في البداية من الأسرة التي ساندتني خلال مسيرتي الفنية كثيراً، كما تعلمت الكثير على يد المُلحن دفع السيد سليمان، ثم جاء دور أساتذة كلية الموسيقى والدراما جامعة السودان، ومنهم الدكتور النور حسن والصافي مهدي والزملاء في "عقد الجلاد" شمَّت محمد نور وشريف شرحبيل أحمد.

  • طالما أنّها المرة الأولى التي تزور فيها السلطنة، حدثنا عن انطباعاتك؟

نعم هي الزيارة الأولى لي لسلطنة عمان وأتمنى ألا تكون الأخيرة، فالسلطنة بلد جميل ويتميز أهله بالطيبة والرقي، فضلاً عن ذائقة فنية راقية، والتعامل مع العُمانيين يسير بسلاسة، حيث لم يداخلنا إحساس -مطلقاً- بأنَّ هناك فرق بين شعب السلطنة والشعب السوداني فهو شعب أصيل وطيب المعشر يُقابلك بكل بشاشة وأريحية، وتتيقن من ذلك لحظة دخولك لصالة الوصول بمطار مسقط الدولي.

  •  صف لنا شعورك عندما زرت مهرجان مسقط؟

زيارة مهرجان مسقط كانت واحدة من أهم عناصر برنامجي، وما سرني وشدَّ انتباهي في هذه التظاهرة الاجتماعية البديعة؛ أنها تجمع كل الجنسيات والمشاركات من جميع دول العالم في لوحة فنية رائعة عنوانها التسامح وحب الخير للجميع يتعرَّف من خلالها زائر المهرجان على ثقافات متعددة ومتنوعة، حقيقة أدهشنا مهرجان مسقط بما فيه من نشاطات وتراث غني يُنبئ بأنَّ هذا البلد عريق وضاربة جذوره في التاريخ، وتعرفنا من خلاله على مهن العُمانيين الأوائل الذي يعتبرون أسياد البحار، وتذوقنا كذلك الطعام العُماني والحلوى العمانية ذات المذاق الطيب، وكذلك قمنا بزيارة الركن السوداني الذي حوى مُقتنيات أثرية وقُدمت فيه المشروبات السودانية المعروفة.

  •  ماذا لو قدمت لك الدعوى لإحياء إحدى حفلات المهرجان مستقبلا أسوة بالفنانين العرب؟

لا شك سأُقبل على المُشاركة بصدرٍ رحبٍ حال تقديم الدعوة لي من قبل مُنظمي مهرجان مسقط كمُمثل للسودان، واعتبر هذا فخرًا لي.

  • مع من تعاملت من شعراء ومُلحنين وشركات إنتاج؟

تعاونت مع عددٍ من الشعراء والملحنين منهم، دفع السيد سليمان في أغنية "عِتاب" ومراكب الشوق، ولحَّن لي الصافي مهدي "قصيدة حب مسببة" للشاعر مُحمد المكي إبراهيم، كما تعاملت مع الشاعر عُثمان بشرى، وجهاد عوض وناصر عبد العزيز، وغيرهم من المُلحنين والشعراء. 

وتعاقدت مع شركة "البروف" في ألبوم صدر في ديسمبر الماضي بعنوان "زول أغبش"، وكانت تجربة جميلة باعتبار أنَّ هذه المرة الأولى التي أتعامل فيها مع شركة إنتاج فني بعد مُغادرتي لفرقة "عقد الجلاد"، وأطمح للتعامل مع شركة أبوسنية للإنتاج الفني قريباً.

  •  يتساءل كثيرون حول مُلابسات مُغادرتك فرقة "عقد الجلاد" كيف ترد.. وكيف تقيّم التجربة؟

"عقد الجلاد" فرقة عريقة ومُتمكنة من أدواتها وتجمع فنانين مجيدين، وقد أضافت لي الكثير خلال الفترة التي قضيتها ومن خلال ما تُقدِّم من أعمال متنوعة وهادفة، وعن الأسباب والمُلابسات فإني لم أتحدث عنها منذ أن خرجت لوسائل الإعلام وأفضل الاحتفاظ بها لنفسي، لكن اعتبر أنَّ مغادرتي للفرقة كانت لأسباب خاصة وبعض الخلافات في الرؤى والأفكار، هذا فضلاً عن إحساسي بأنَّ حُلمي أكبر من أن أكون ضمن فرقة وإنما يجب أن اتَّجه إلى الغناء الفردي.

  • فما الفرق بين الغناء الفردي والجماعي من خلال تجربتك؟

يكمن الفرقُ في أنَّ الفنان في الأول" الفردي" يُغني بطريقة حرة كـ"صولو"، بينما تكون في الثاني محكوماً بأداء مُعين، تحكمه الأغنية فإذا كانت تحتوي "صولو" ربما يكون هناك كورس أو أصوات خلفية، ورغم ذلك لا يُعتبر الفرق بينهما كبيراً إلى حدٍ ما، لكن الغناء الجماعي يحتم عليك أن تلتزم بطبقة معينة"كامبرتون" أوما يسمى بصوت الباص أو التِّنور، كما أنَّ هناك الأصوات الرجالية بقسميها والأصوات النسائية بقسميها، كل هذه الأمور تجعل الأداء الجماعي محكوماً بضوابط مُعينة.

لكني لا أعتقد أنَّ الغناء الجماعي يحد من الإمكانيات لأنه يُمكن للفنان أن يُغني مع الجماعة ويُغني في ذات الوقت منفرداً، وهو غير مُقيِّد أيضاً للفنان غير أنك تلتزم أشياء محددة أثناء الغناء الجماعي.

  •  البرنامج التلفزيوني الرمضاني "أغاني وأغاني" حظي بنسبة مشاهدة كبيرة ما تقييمك لمُشاركتك فيه؟

تجربة برنامج "أغاني وأغاني" كانت حافلة ، فمن خلالها تعرَّفتُ على عدد من الزملاء الفنانين الذين كنت بعيداً عنهم بحكم ارتباطي أكثر بفرقة عقد الجلاد وكورال كلية الموسيقى والدراما؛ الذي اعتبره بيتي الثاني، فضلاً عن الإضافة الفنية حيث يجعلك البرنامج تتغنى بأغانٍ مُختلفة وجديدة عليك وفي بعض الأحيان لم تسمعها البتة؛ وذلك بحكم طبيعة البرنامج الذي يُركز على إحياء الأغاني القديمة التي تضمها مكتبة التلفزيون، رغم الصعوبة التي لا تخلو منها المشاركة في البرنامج والمُتمثلة في أداء أغانٍ جديدة عليك بعد الإطلاع عليها لزمنٍ وجيز.

  • ماذا عن تجربتك مع كورال كلية الموسيقى والدراما؟

الكورال هو بيتنا الكبير، والعمل مع المجموعة المكونة له من طلاب كلية الموسيقى والدراما مُفيد جداً، حيث تكون دائماً في حالة تمارين وغناء مع المجموعة، فهو بمثابة معسكر الإعداد الدائم والمُتجدد، وهو يزودك بكل ماهو جديد في المجال، وقدمنا من خلاله أعمالاً رائعة منها أغنية أرض الطيبين التي صُورت على طريقة "الفيديو كليب" والتي تظهر جماليات البلاد حيث تتجول الكاميرا في مناطق كثيرة من السودان فتارة تنتقل من الشرق إلى الغرب وتارة من الجنوب إلى الشمال وهي من كلمات الشاعر عماد الدين إبراهيم وألحان الأستاذ علي السقيد.

تعليق عبر الفيس بوك