عالم يلاحقنا.. وآخر نطرده!!

 

المعتصم البوسعيدي

نقف على شرفة عالية، نرى المشهد على مد البصر، ثم نمسك الورقة والقلم أو جهاز الحاسب الآلي؛ لنكتب ما نراه متجردين من زيف المصالح، ومع ذلك قد نخطئ ـ وهذا منّا والشيطان ـ وقد نصيب ـ وهذا فضل من الله، والقصة ليست معنية بمن كتب بقدر ما قد كُتب، وباب الاجتهاد مفتوح على ألا تتمكن منا لغة الإقصاء البغيضة.

المشهد الرياضي المحلي مع شتاء يناير وما أنقضى من فبراير من العام الجاري 2018م يبدو لي متناقض المشاعر، نبتسمُ حينا لجمال ننعم فيه، ونكفهر حينًا آخر لحزن يكتسيه، ولقد جاء العالم إلينا منجذباً لكرة طاولة صغيرة وخفيفة من "السليوليد"، وكرة مضرباً صفراء مكسوة "باللباد"، ومنجذبا لعشب أخضر واسع المدى، تسمع فيه دوي عصا الغولف "ميجارا" وهي تضرب كرة من المطاط القاسي، ومنجذبًا لدراجةٍ هوائيةً تُسابق الريح بين محافظات السلطنة بين رياضة وسياحة، وشراعاً يُداعب موج البحر ونسماته الصافية، إضافةً لجاذبيةٍ أوجدت معنا إمبراطورية "الفيفا" والغزل ساقه "الرئيس التاسع" ذو القلب اللبناني الجميل، كل ذلك العالم وغيره يُلاحق سلطنتا الجميلة لمقوماتها المتعددة التي ستظل في وضعها الحالي محاصرةً بكلمة (لو) المتعطشة للصورة المكتملة ذات الإطار الرائع المعول على صنعه الإنسان العُماني وبدون "رتوش" جانبية.

العالم الذي لاحقنا حتى ونحن نلاحقه بقوة "مغناطيسية" في الروح العمانية الأصيلة التي تضع بساطتها في قلوب البشر، هناك في الكويت حملنا كأس الناس قبل كأس البطولة، وعندما هجع صخب الفرح بدأ الحساب القديم المتجدد، والركض الحثيث لإظهار نقطة سوداء صغيرة في ورقة بيضاء كبيرة، فتلك في نظر البعض "ديناصور" نحتاج مجهرا لرؤيته، لذلك سنجد الورقة البيضاء مع مرور الوقت قد أكلتها "نار" لا ترحم، ولأن "الشديد ليس بالصرعة" فإنّ شديدنا الغاضب سيظهر "القبح" الذي يجب ستره ـ إن كان ثمة قبح ـ حتى لا يتحول الفرح إلى حزن بسرعة ضوئية، وما كنا نسمعه بعيدًا عن واقعنا العُماني جاء إلينا عبر "همز ولمز" بعضنا البعض على نحو شراء الذمم وحقائب الرشى، والدخلاء وهلم جرا، والعالم مفتوح الوسائط المتعددة والمُتلقفون كُثر ربما أغلبهم لم يشتد عوده، فتقويه الأفكار إلى عالم الاصطفاف الأحادي الذي لا يقبل الخطأ مهما كانت الظروف.

ما بين المشهدين اللذين يتسعان ويضيقان بين فترة وأخرى، جاء مشهد مكرر منذ أعوام ليست بالقصيرة؛ حيث تبدأ مشاركة أنديتنا الخارجية لكرة القدم خاصة في بطولة الاتحاد الآسيوي، ومعها يثور بركان ما يلبث أن يهدأ، والقرية التي يلفها الخطر من كل حدب وصوب تبتسم بلا مبالاة، لنحظى بالحسرات على تأجل الموت الحتمي!! والحقيقة أننا سنطرد العالم الذي نريده والذي يلاحقنا؛ فبدون عمل مؤسسي لا يقوم على الشخوص فإننا نقف دائمًا على "جرفٍ هارِ" فلا نحن طورنا من انجذاب العالم لنا ولا نحن سعينا لتحسين وضعنا الحقيقي، واليقين من قياس التقدم الرياضي بين الدول وفق ما ذكره الأستاذ والإعلامي القدير أيمن جادة في تغريدة له هذا الأسبوع: "عدد الميداليات الأولمبية والألقاب العالمية، أو عدد ممارسي الرياضة في الدولة" فكيف ثقل ميزان رياضتنا بين الإثنين؟!، وإجابتي التي استطيع الجزم بها أنّ المعيار الأول ليس له وجود ولا حتى سعي واضح وجلي لإيجاده!!.