هيماء- محفوظ الشيباني
ناشد عددٌ من موظفي القطاع الحكومي بمحافظة الوسطى الجهات المعنية من أجل التدخل لتحسين أوضاعهم، والعمل على تخفيف معاناتهم التي يواجهونها جراء الانتقال من منازلهم إلى جهات عملهم وقطعهم مسافات كبيرة مما يكبدهم الكثير من الجهد والوقت والمال.
حيث يقول حارث بن عبدالله السعيدي موظف بإدارة التربية والتعليم بمحافظة الوسطى عن تجربته: تم تعييني عام 2009 بمدرسة الشموخ للتعليم الأساسي بمحافظة الوسطى بوظيفة معلم مجال أول بعد ذلك انتقلت بوظيفة إدارية بإدارة التربية والتعليم بمحافظة الوسطى بولاية هيماء؛ حيث أعاني من المسافة التي أقطعها أسبوعيا والتي تقدر بـ1340 كيلومترا ذهابا وإيابا من مقر إقامتي بولاية الخابورة إلى مقر عملي بمحافظة الوسطى، وهو مايترك آثاراً سلبية على الصحة بسبب الغبار والأتربة جراء الرياح الدائمة وكذلك الإعياء والإرهاق الدائم نتيجة قصر الإجازة الأسبوعية إضافة إلى تحمل مصاريف كبيرة في صيانة المركبة وتعبئة الوقود في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وفي ظل عدم مراعاتنا من قبل الدعم الوطني للوقود؛ إذ نأمل أن نكون من المستحقين لمثل هذا الدعم ونطالب الجهات المعنية بالعمل على ذلك. وأضاف: نفتقر إلى أي حافز يميزنا عن الموظف الذي يعمل بالقرب من مقر سكنه بالإضافة إلى عدم مراعاتنا في نظام الإجازات حيث تمت مساواتنا مع جميع الموظفين، بالرغم من اختلاف الظروف الزمانية والمكانية والنفسية والترفيهية.
ويمضي قائلا: سبق لنا التقدم لوزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية بعدة مقترحات ومطالبات، منها طلب علاوة استثنائية للمشقة وكذلك العمل بالمناوبة أسبوعين مقابل أسبوعين راحة يقضيها الموظف مع عائلته، لكن لم نتلق أي رد.
ويقول حميد بن عبدالله الحارثي رئيس قسم رقابة الأغذية والبيطرة ببلدية الجازر: أعمل ببلدية الجازر منذ 7 سنوات واتكبد معاناة الطريق من مقر سكني بولاية الرستاق إلى ولاية الجازر بمسافة 1460 كيلومترا أسبوعيا ذهابًا وإياباً، هذا إضافة إلى المصاريف التي أنفقها في وقود السيارة وصيانتها نتيجة الرحلة أسبوعيا في ظل ارتفاع أسعار الوقود ومخاطر الطريق، إلى جانب عدم الاستقرار الأسري بسبب بعد المسافة بين عملي ومحل سكني، كما إنني لا أستطيع اصطحاب أسرتي بسبب ظروف الطقس وغيرها من التحديات المعيشية.
ويطالب الحارثي الجهات المعنية ببحث إمكانية سن آلية واضحة لنقل الموظفين وتدويرهم وصرف علاوة للبعد واستحداث نظام إجازات يراعي ظروفهم، كما هو الحال في القطاع الخاص، وبالتالي جذب الكوادر البشرية والاستقرار بالمحافظة.
وعبر هلال المسروري أمين سر بمحكمة الاستئناف بالدقم عن تجربته بالقول: لا يوجد وجه مقارنة بيننا وبين الموظف الذي يعمل بالقرب من مقر سكنه، ونظرًا لندرة التخصص الذي أعمل به بمحافظة الوسطى تم استقدام الكفاءات من المحافظات الأخرى، لكن لم يتم الأخذ في الاعتبار المسافات التي نتكبدها إذ نصل إلى ولاياتنا في وقت متأخر ونشد الرحال من صباح السبت للعودة إلى مقر العمل بالمحافظة.
وقال: تقدمنا عام 2012 بمقترح عن طريق والي الدقم إلى محافظ الوسطى سعادة الشيخ معضد اليعقوبي لمخاطبة مجلس الوزراء من أجل العمل بالمناوبة أسبوعين بأسبوعين مواكبة للقطاع الخاص لكن لم نتلق ردا.
وقال يحيى بن أحمد بن علي بني عرابة إنه يقطع أكثر من 500 كيلومتر طول المسافة بين مقر سكنه في محافظة شمال الشرقية ومحافظة الوسطى في ولاية الدقم، إضافة إلى التكلفة المالية والجهد والوقت. وأضاف: "لا أكاد أصل السكن حتى أسلم نفسي للنوم لأستعيد قواي وعزمي لليوم التالي الذي أبدأ فيه عملي، وهو وضع متكرر أعيشه في الأسبوع مرتين يوم السبت عند ذهابي من مقر سكني إلى مقر عملي ويوم الخميس عند عودتي".
وتابع: أؤمن بأن خدمة الوطن واجبة إلا أن للموظف حقوق كما عليه واجبات، وهناك أمور وأحوال يجب أن تراعى فليست الأماكن واحدة من حيث الخدمات والقرب والبعد، وليست الوظائف واحدة فهناك اختلاف في نوعها وطبيعتها؛ إذ أخرج من عملي في الساعة الثانية من ظهر يوم الخميس وأصل منزلي في محافظة شمال الشرقية في حدود الساعة الثامنة مساء، ويوم السبت صباحًا أتجهز للعودة للدقم ولابد أن أخرج في حدود الساعة الواحدة مساءً،لأن الطريق طويل وغير مضاء في الليل وخوفًا من الحيوانات السائبة والرمال المتحركة التي تعترض الطريق ولا تكاد أن ترى بالليل، والمسافة التي أقطعها في الشهر لها أثر سلبي على صحة الجسم مع الجلوس الطويل في مقعد القيادة لمدة تصل 6 ساعات فيصبح الموظف متعب الحال قليل العطاء، مع ما تفتقر إليه المنطقة من الخدمات الترفيهية.
ويقترح بني عرابة العمل بنظام المناوبة أسبوعين بأسبوعين مع تخصيص مرافق للسكن والترفيه للموظفين، كما يمكن منح الموظفين بعض الامتيازات كصرف تذاكر سفر من خلال الطيران أو النقل البري أو صرف علاوة خاصة، حيث سبق لنا مخاطبة العديد من الجهات وتقديم مذكرة بظروف ومعاناة الموظفين لعضو دائرة جهاز الرقابة بمحافظة الداخلية وكذلك مخاطبة والي الدقم، وتم إحالة الطلب إلى سعادة محافظ الوسطى ومخاطبة معالي وزير الخدمة المدنية عن طريق النافذة الإلكترونية الموجودة بموقع الوزارة الإلكتروني باسم "تواصل مع الوزير"، لكن جميع هذه المخاطبات لم تحظ بأي ردود.
بينما قالت غالية الهاشمية أخصائية مصادر تعلم بمدرسة رأس مدركة إنها تواجه منذ سنوات تحديات عدة بسبب الاغتراب ومُعاناة السفر وعدم الاستقرار النفسي والاجتماعي وتشتت الأسرة، وأنا أم لطفل بلغ عمره سنتين ونصف السنة أعمل في مدرسة رأس مدركة التابعة لولاية الدقم للسنة الرابعة والتي تبعد عن مسقط رأسي قرابة 7-8 ساعات نعاني من الكثير والكثير، بدءا من عدم وجود حوافز للعمل في هذه المناطق، بسبب بعد المسافة وصعوبة التنقل كوني أتحمل مسؤولية أسرة (طفل وعاملة منزل) تجبرنا على الإقامة في رأس مدركة من 3 أسابيع إلى شهر، وذلك لأنَّ أسعار تذاكر الطيران من الدقم إلى مسقط والعكس في ازدياد مستمر؛ إذ إن شخصين وطفل يتكلفون 170 ريالا عمانيا ذهابا وإيابا، هذا إضافة الى ارتفاع أسعار الوقود، وعدم اكتمال الخدمات في قرية رأس مدركة، كما إن القرية لا تتواجد فيها حضانات للأطفال، إضافة إلى تحملنا مصاريف فواتير الكهرباء والماء في السكن، بدون حوافز مشجعة، وهناك نماذج كثيرة تنتظر من يلتفت إليها بعين الرأفة من أجل العمل بروح إيجابية قادرة على العطاء وبناء جيل المستقبل.
ويقول غدير الحكماني موظف بإدارة التربية والتعليم: لا توجد بيئة عمل جاذبة في المؤسسات التي تعمل بلائحة الخدمة المدنية في محافظة الوسطى مقارنة مع القطاعات الأخرى؛ حيث يحظى الموظفون بمناوبة أسبوعين بأسبوعين وهذا النظام يشمل حتى سكان المحافظة نفسها.
وأضاف: لوحظ ارتفاع مؤشر الرضا الوظيفي لدى الموظفين في قطاعات أخرى بخلاف موظفي القطاع الحكومي المدني، لكن هناك تجربة جديدة في هيئة الكهرباء والمياه تتمثل في تمديد ساعات العمل إلى الساعة الرابعة مساء، وحصول الموظف على إجازة أسبوع بعد كل أسبوعين عمل، مما أدى إلى زيادة الإنتاجية والاستقرار الوظيفي لدى الموظفين؛ حيث أصبحت لديهم رغبة متجددة للعمل بعد كل إجازة. وناشد الحكماني وزارة الخدمة المدنية بتوفير بيئة عمل بمحافظة الوسطى تتوافر فيها حزمة مكافآت للموظف الذي يغترب في المناطق البعيدة، بما فيها من تحديات معيشية ونفسية كبيرة.