حسابات الليجا المُتباينة

 

حسين الغافري

 

المتابع للدوريات الكبرى في إسبانيا وإنكلترا وألمانيا وفرنسا يجزم اعتقادًا بأنّ الأمور قد حُسمت مبكراً جداً وباتت الحسابات في صراع اللقب تسير في ذات الأمر. ففي إسبانيا، برشلونة يُغرد بعيداً عن بقية منافسيه "المترددين" أقصد هُنا ومع الموسم المميز الذي يقدّمه فالنسيا إلا أنّ أمر طموحه في تحقيق اللقب بعيد جداً لفروقات كثيرة تدفع ترشيحه للإنجاز غير قابل للتحقق، وأتلتيكو مدريد ترنح في انطلاقة الموسم كثيراً وسلم أمر البطولة الأوروبية وصراعه المحلي ضعيف. الفريقان ومع ثقتنا بأنّهما يقدمان موسم جيد إلا أن تحقيقهم للقب الليغا لا يبدو في مرمى أهدافهم. المنافس الحقيقي الدائم للنادي الكتالوني ريال مدريد يمر بفترة فراغ طالت نسبياً. الفارق اتسع كثيراً وفكرة خسارة برشلونة لـ 19 نقطة تبدو صعبة جداً. أضف إلى خروج ريال مدريد المدوي من بطولة الكأس المحلية كانت صدمة كبيرة بالنسبة لمحبيه. الملكي يلعب دوري أبطال أوروبا والأمل في إنفاذ موسمه بأفضل طريقة ممكنة وإلا فإن الفريق سيكون أمام موسم للنسيان! برشلونة مع فالفيردي مختلف تماماً عن برشلونة العقد الأخير مع جوارديولا وانريكي وتيتو فيلانوفا ومن مرّ على النادي الكتالوني. اختلفت فلسفة إدارة المجموعة ميدانياً. برشلونة الحالي يلعب من أجل الفوز قبل كُل شيء، وفي السابق كان تركيزه الأول تقديم كرة قدم ممتعة. لا أقول إنّ برشلونة الحالي لا يقدم مباريات ممتعة، لا، القصد هُنا بأنّ الأولويات تغيّرت، تحقيق النقاط والفوز ارتفع ليكون أولاً.

في الجانب الآخر قلنا إنّ موسم الملكي أمام مفترق طرق ستحدد مسألة نجاحه من عدمه أدائه في البطولة الأوروبية التي يتسيّدها تاريخياً. عوامل كثيرة فرضت على الملكي أن يعيش هذا الواقع، منها تراجع أداء نجومه البارزين، والذي اعتبرته شخصياً لضعف الخيارات البديلة. بمعنى أنّ من يلعب مدرك تماماً بأنّه الخيار غير القابل بالمساس، ولو وُجِد البديل الذي يفرض نفسه لكان الوضع لربما مختلفاً. أضف إلى الإصرار الغريب الذي سار عليه زيدان بعدم رغبته في إضافة خيارات جديدة على المجموعة.. خصوصاً في خط الهجوم بعد بيع لاعبين بخيارات ممتازة أمثال الإسباني موراتا والكولومبي خاميس. الأمر الذي ضاعف تعطل بعض الخطوط في الملعب وتراجع الأداء.

المميز في الليغا هذا العام تمثل في صحوة الخفافيش من جديد بعد ما يزيد عن عقد ونصف من الغياب البارز، ولعلّ المراحل التي عاشها النادي في الأعوام السابقة أنتجت تراجعه كثيراً، وعززت مشاكله المالية. ولكن بقي فالنسيا مخيفاً في كل أحواله وفريق يحسب له أكثر من حساب للقيمة الفنية التي يملكها. أضف أنّه واصل تقديم لاعبين كبار للكرة الإسبانية وتهافتت عليهم كبار أندية القارة العجوز. هذا العام ظهر فالنسيا بمظهر مختلف كثيراً، الفريق يقدم كرة قدم جميلة للغاية وأسلوب لعب مثالي. وهو ما يعطي لليغا جمالية أكبر في المنافسة مع قطبي العالم ريال مدريد وبرشلونة، وطموحه في استمرار أدائه والمشاركة بالبطولة الأوروبية سيسهل من تحقيق عائدات مالية هو بحاجة لها كثيراً كي يواصل نهوضه.

في المقابل، أتلتيكو مدريد وبغض النظر عن خروجه الأوروبي، وابتعاده عن تحقيق الليغا، إلا أنّ الفريق استعاد بريقه بعد فتح سوق الانتقالات التي أضرته جراء عقوبة الإيقاف التي تعرض لها. الفريق مع سيميوني في طريق صحيح وأصبح من بين كبار القارة العجوز. بالأخير يمكن القول إنّ الليغا هذا الموسم شهدت تقلبات كثيرة وإيجابيات وسلبيات كثيرة أيضا، تراجع الملكي وأتلتيكو وانفراد برشلونة بالصدارة وعدم خسارته حتى الآن قلل من شراسة المنافسة، كذلك ضعف موسم التحكيم لازال يتصدر العناوين باستمرار.