التاريخ الطبي لمريض الأسنان.. أسئلة مُحرجة وحقائق غائبة

د. فوزية البدواوي – سلطنة عمان


الكثير منا يعاني من ألم الأسنان بين فنية وأخرى مما يستعدي بالضرورة زيارة طبيب الأسنان. المريض يعتقد هنا أن العلاج يبدأ بمجرد جلوسه على كرسي الأسنان والإشارة بإصبعه على موضع الألم, ولكن عملية التشخيص أطول وأعمق من ذلك بكثير, لأنها تبدأ من أول خطوة يضعها المريض بعد دخوله من باب العيادة على الطبيب مُباشرة. قد يُخيّل للبعض مصدر الألم من السنّ , ولكنه غير ذلك, قد يكون ألما صادرا نتيجة لخلل في القلب, صداع , زكام أو غيره الكثير. الأسئلة التي يطرحها طبيب الأسنان قد تكون مملة بالنسبة للمريض, ولكنها مهمة جدا في تشخيص حالته, ويعدّ التاريخ الطبي بعد أخذ التفاصيل الشخصية هو أول خطوة في التشخيص, ولهذا فقد كتب المتخصصون لها مواضيع عدّة, وبدأ طلاب طب الأسنان تدريبهم في العيادات بها, فالسؤال عن الحالة الإجتماعية قد يقود الطبيب للتفكير بخصوص ما إذا كانت المرأة متزوجة أم لا , ثم يتبع ذلك بالسؤال عن احتمالية الحمل من عدمه , وسؤال الرجل عن كونه متزوجا أو لا قد يقود الطبيب للتفكير بخصوص بعض الأمراض الجنسية التي يمكن أن تؤثر على الفم وغيره, السؤال بخصوص بعض أنواع الحساسية التي يمكن للمريض أن يملكها كمثل التحسس لبعض المعقمات قد يقود لإصابته بمرض الاكزيما مثلا أو تحسس المرأه من مادة قفازات المنزل قد يؤدي لمعرفة أنها تملك حساسية ضد مادة اللاتيكس لذلك سيتم استخدام مادة مطاطية أخرى من أجل عزل السن عن غيره. هناك أسئلة أخرى بخصوص الأدوية والأمراض التي يملكها المريض, ولا يجب عليه أبدا ومطلقا أن يخجل من ذكرها, كالعمليات التي تم إجراؤها له, والحوادث التي تعرّض فيها لبعض النزف, ومواضع الخوف والفوبيا التي يعاني منها. جميع هذه المعلومات قد تغيّر من تعامل الطبيب مع مريضه ومن الخطة العلاجية أيضا. أغلب المرضى يُنكر موضوع تدخينه للسجائر أو الشيشة, في حين يسعى البعض إلى مغافلة الطبيب بموضوع شرب الكحوليات أو مضغ التبغ... مع العلم أن جميع الحالات بعد إجراء الفحص الداخلي للفم يتم اكتشافها بسهولة. والأمر الأكثر احراجا هو عندما يدّعي المريض أمر تفريشه لأسنانه ثلاث مرات يوميا أو مرتين على الأقل, ثم تجد كمية هائلة من الأكل متراكمة بين أسنانه في موعد الصباح الباكر, ومع أنه لم يتناول فطوره على حدّ قوله إلا أن بقايا الطعام قد وجدت لنفسها مستودعا ومستقّرا منذ الأمس أو ربما منذ أسابيع.
هذا الحال لا ينطبق على الجميع بالطبع, ولكن لكل عادة يمارسها المريض علامات في فمه أو جسمه, فالذي يستخدم أعواد الأسنان قد تجد بين أسنانه فراغات أو لثة مجروحة في ناحية الاستخدام, ومن لديه عادة مص الإصبع سواءا أكان طفلا أو شابا يافعا سوف تجد فراغا بحجم الاصبع بين أسنانه مع القدرة على التركيز على الاصبع نفسه بحيث يكون رطبا ومحّمرا مقارنة ببقية الأصابع. هناك الكثير من الأسئلة التي يعتقد بعض المرضى أنها مُحرجة وليس هناك من داع لطرحها, ولكنها تعود بالنفع على المريض قبل الطبيب في تشخيص الحالة, والحدّ من العادات السيئة, ومعالجة المشكلة قبل تفاقمها.

تعليق عبر الفيس بوك