خريجون على قوائم انتظار الوظيفة.. إهدار لسنوات التعليم وتأخر في "مشوار الألف ميل"

المكتومي: انتظار الوظيفة يتسبب في تراكم الديون وعدم الاستقلال المالي

السديري: تأخرت في تكوين الأسرة

الوهيبية: فقدت ما تعلمته في سنوات الدراسة

الحسني: القبول بوظائف القطاع الخاص أفضل من الانتظار

الرؤية- مريم البادية

يتكبد عدد من خريجي الجامعات في التخصصات المختلفة عناء البحث عن عمل، في ظل أوضاع اقتصادية مليئة بالتحديات، ليس على مستوى الفرد وحسب، بل على مستوى الدولة، التي فقدت أكثر من نصف إيراداتها من بيع النفط الخام، نتيجة للهبوط الشديد في الأسعار الذي بدأ منذ العام 2014، ولم يبدأ في التعافي الخجول إلا في النصف الثاني من العام المنصرم..

فتزايد مخرجات التعليم العالي بالتوازي مع عدم مواءمتها مع متطلبات سوق العمل، يفاقم من صعوبة حل الأزمة، وقد ذكر عدد من الخريجين أنّهم يبحثون عن وظيفة لما يصل إلى 7 سنوات، لم يتوقفوا عن طرق أبواب القطاعين العام والخاص، بحثا عن وظيفة شاغرة. ويشكو الخريجون من عدم توافر الفرص الملائمة لهم، التي تتماشى مع أبسط تطلعاتهم، حيث ذكروا أنهم يحصلون على وظيفة بعائد مادي غير مجزٍ، أو في تخصصات لا تناسب مؤهلاتهم الأكاديمية.

يقول علي المكتومي، خريج فني ميكانيك صيانة المركبات الحديثة: انتمي لأسرة متوسطة الحال، وفي ظل عدم توافر وظيفة لي، تتراكم الديون يوما بعد الآخر، وأنا عاطل عن العمل لأكثر من ثلاث سنوات، لذا لم استطع اقتناء سيارة حتى الآن، فأشعر بأنّي شخص غير فعال في وطنه، وعالة على المجتمع.

ويضيف: طول فترة البحث عن الوظيفة، يؤثر على المستوى المعرفي فيبدأ بالانخفاض تدريجيا، وكلما زادت فترة الانتظار، قلت الخبرة المكتسبة، ومع مرور الوقت يحتاج إلى إعادة تأهيل، لكي يكون قادراً على مواجهة سوق العمل.

توافقه على ذلك سهى الوهيبي، خريجة أدب إنجليزي منذ 7 سنوات، فتقول: إنّها فقدت معظم ما تعلمته خلال سنوات الدراسة.

ويوافقه الرأي راشد السديري، الباحث عن عمل منذ عام 2014م؛ حيث يقول إنّ مشكلة التوظيف ذات آثار سلبية على الباحث عن عمل، فمن الناحية النفسية قد يصل الوضع عند البعض إلى درجة الاكتئاب، فنجد الباحث سريع العصبية والانفعال، يفقد صبره في كثير من الأحيان، ويفضل العزلة والابتعاد عن الأهل والأصدقاء، وقد يصل الحال إلى تعاطي المخدرات، ومن الممكن أن يلجأ بعضهم إلى السرقة نتيجة لعدم قدرتهم على توفير احتياجاتهم الأساسية من مأكل وملبس ومشرب.

حيرة وتساؤل

وأشارت آخر إحصاءات المركز الوطني، الصادرة عن الهيئة العامة لسجل القوى العاملة، في شهر سبتمبر للعام الماضي 2017م، إلى أنّ عدد الباحثين عن عمل، وفقا لتوزيع الجغرافي وصل إلى 43 ألف، حيث بلغ عدد الذين لم يسبق لهم العمل إلى 35 ألف باحث، وجاءت غالبية أعمارهم ما بين 25 إلى 29 سنة، وأكثرهم من حملة درجة البكالوريوس. فيما أقرّ مجلس الوزراء، عن توفير 25 ألف فرصة عمل، في مؤسسات الدولة العامة والخاصة، وجاء تطبيق هذه الخطوة في شهر ديسمبر من العام المنصرم.

ويرى الكثير من الباحثين عن عمل أنّ الوظائف التي تمّ طرحها في ملاحق وزارة القوى العاملة، كانت غير كافية، وتلك التي طرحتها منصات التوظيف، توجد عليها الكثير من التحفظات، خاصة التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك استياء واضح حيال ذلك، فهي لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية.

وأشارت إحدى الباحثات- رفضت نشر اسمها- إلى أن الوظائف التي أعلنتها الوزارة غير كافية، وغير كفيلة بحل مشكلة الباحثين عن عمل في سلطنة عمان، فعدد الوظائف التي تصدر في الملاحق قليلة جدا، مقارنة بعدد الباحثين، ناهيك عن الباحثين غير النشطين قبل تاريخ 3 أكتوبر، إضافة إلى ذلك هناك تخصصات لم تدرجها وزارة القوى العاملة عند إعلان وظائف لها في الملاحق ومنها تخصصي الهندسة الكيميائية والمعالجة التحويلية. فنقص أعداد الوظائف في الوطن لها أثر كبير في هجرة العديد من القوى العاملة الوطنية ذات الكفاءة إلى بلدان أخرى. وتوافقها في ذلك هناء الغيلانية، فتقول: درست خارج الوطن، وتحملت عناء الغربة، وفي النهاية لا توجد وظائف تناسب تخصصاتنا.

ولكن من جهة أخرى، كان لأصحاب المشاريع الخاصة نظرة مغايرة، فيقول: خليل الحسني، الرئيس التنفيذي لشركة "الروسم للإعلام الرقمي" يجب على الباحثين التحلي بالقليل من الصبر، وتقبل وظائف القطاع الخاص، حتى ولو كانت بعلاوات قليلة، وذلك من أجل الحصول على الخبرة الكافية، وتحسين الأداء، لكي تكون هناك فرصة أكبر لشغل وظائف أفضل.

ويوافقه الرأي قحطان العطابي، صاحب مؤسسة إحساس الضوء للتجارة: ويطالب باستغلال الطاقات الشبابية العمانية بأي وسيلة كانت، فإن لم تكن الفرصة متوافرة يعمل في أي شيء، حتى يصل إلى مجال تخصصه، ويبدع فيه، أمّا أن يجلس في البيت ويكون عبئا على أهله، فهذا هو العيب نفسه.

ويوافق رأيه أحد الباحثين فيؤكد أهميّة أن يستثمر كل باحث عن العمل وقته، ولو كان بأبسط الأشياء، مثل مراجعة ما درس، أو المشاركة في بعض الدورات المفيدة من خلال الإنترنت، أو البحث عن عمل مؤقت، ولو كان بدخل بسيط.

تعليق عبر الفيس بوك