الصمت الناجح

عبدالقادر العجيلي

تعودنا في رياضة كرة القدم وخاصة دورات الخليج على الضجة الإعلامية والجماهيرية وهذا ديدن كرة القدم فعادةً ما يصاحب النجاح أو الفشل وما بينهما تلك الضجة.

هذه القاعدة تم كسرها بامتياز من الجهاز الإداري للمنتخب العماني لكرة القدم قبل وأثناء بطولة دورة الخليج 23 في الكويت حيث استطاعت هذه الإدارة أن تجهز بطلاً بكل صمت صاخب أفرح الجماهير العمانية كما أفرح الكثير من الجماهير العربية المحبة للأحمر.

لابد لنا أن ننصف مجلس إدارة الاتحاد العماني لكرة القدم والذي أعاد لنا هيبة الكرة العمانية التي فرضت سطوتها في فترة ماضية وبالتحديد في دورة الخليج 17 في الدوحة ودورة الخليج 18 في أبو ظبي قبل أن يتم تدميرها بعد الفوز ببطولة الخليج 19 والتي أقيمت في مسقط.

نعم لقد كان صمتاً صاخباً يدل على عقلية ناضجة استطاعت أن تدير الأمور بعيداً عن الضجيج الصامت والذي كانت لنا معه تجارب محزنة،

يُكتب لهذه الإدارة والتي لا أعرف معظم أسمائها إنها لم تركز على الكاميرات والظهور على القنوات الفضائية بل صبت جُل تركيزها على هذا الفريق البطل وجهزته نفسياً قبل أن تجهزه فنياً.

لمسات هذه الإدارة واضحة في الجانب الفني حيث تم جلب مدرب محنك ذي مواصفات عالية ومتناسبة مع قدرات اللاعبين الذين كانوا أبطالاً بمعنى الكلمة وأنا هنا لن أتحدث عن اللاعبين لأنني أحتاج إلى مقالات حتى أوفيهم حقهم، أما هذه الإدارة فيجب أن تُعطى حقها الكامل من الإطراء لما قامت به من عمل كبير للخروج ببطولة كانت بعيدة جداً عن تفكير معظم المتفائلين من الجماهير الرياضية العمانية.

الإطراء هنا ليس إلا من باب أن نعطي كل ذي حقٍ حقه وأن نقول لمن اجتهد وقدم عملاً ناجحاً شكراً لك على ما قدمت وشكراً لك لأنك أسعدت وطناً بأكمله ويجب علينا أن نكافئ الناجحين حتى ولو بالكلمات وذلك أضعف الإيمان. كما يجب أن ننتقد في حالة الإخفاق لأنّ الناجحين هم أول من يستمع للنقد لعلمهم بأنّ النقد هو الذي يساعدهم على تصحيح الأخطاء ولا يمكن أن يكون هناك عمل بدون أخطاء فإذا لم تُوجد الأخطاء فهذا يعني بأنه لا يوجد عمل!

هنا لسنا بصدد استعراض الأخطاء لأنها تُغتفر في ظل هذه المظاهر المفرحة ويتم تجاهلها حتى لا تعكر صفو النجاح لأن تجربة الإدارة الحالية لا تزال في بدايتها رغم هذا الإنجاز المبكر الذي صدمتنا به بكل هدوء.

الفوز بالبطولة نعم أفرحنا ولكن فرحتنا الكبرى كانت بميلاد منتخب قادر أن يفرض شخصيته على كل المنتخبات التي لعب معها أثناء البطولة وأرجع لنا تلك الفرحة التي فقدناها وافتقدناها.

الآن أصبحنا قادرين على متابعة المنتخب ونحن واثقون من أنه لن يخذلنا وإن لم يحقق النتائج المطلوبة في كل مرة فالفوز والخسارة واردان في كرة القدم، ولكن قد تخذلك بعض التفاصيل الصغيرة أحياناً أو كما يقولون الحظ، ولكن يبقى أننا نشاهد منتخبا لديه القدرة أن يذهب بعيداً وكلنا ثقة بأنّ القادم أفضل إن شاء الله.

كانت هناك فرصة ذهبية للضجيج والصراخ وإيجاد الأعذار وذلك عندما لم ينضم الكابتن الكبير والحارس الأمين علي الحبسي للمنتخب الذي سيخوض بطولة الخليج، وذلك لكون الكابتن علي الحبسي مادة إعلامية جذابة لجميع وسائل الإعلام ولكننا سمعنا صوت ذلك الصمت الذي صاحب هذا الحدث وهو يدوي في آذاننا في نهاية البطولة وتم تسجيل صوت يخرج من هذا الصمت دارت حوله كل التحليلات الرياضية وتوقفت عنده لتقول لنا اسمعوا.. فهناك صوت يخرج من هذا الصمت وهناك نجاح صامت.

أتمنى على هذه الإدارة أن تعمل بنفس الهدوء وألا تنجرف إلى البهرجة الإعلامية التي قد تفقدها التركيز في قادم الأيام وأن تتقبل النقد البناء، وألا تلتفت لكل من يحاول أن يفقدها تركيزها أو أن يسلب منها نجاحاتها لأنّ هناك دائماً اختلافات في وجهات النظر ولكن إن كنت تحمل مشروعاً فعليك أن تنجزه حسب ما خططت له أنت وألا تعمل بردة الفعل بل يجب عليك أن تصنع الفعل كما صنعته هذه الإدارة في بطولة الخليج.

يقول الشاعر بدر بن عبدالمحسن:

"الجريدة ..

ادري وش سر الجريدة

به أحد.. يقطع وريده..

وينزف أخبارٍ جديدة..

وحنا نقراها الصباح.."

تعليق عبر الفيس بوك