استقراء لانتخابات غرفة تجارة وصناعة عُمان

 

علي بن كفيتان

باتت عدة تساؤلات تشغل فكر المتابعين لمستجدات الأحداث في السلطنة بغض النظر عن محصلتها في الواقع ومن ضمنها الانتخابات المرتقبة لغرفة تجارة وصناعة عُمان التي تُحظى هذه الأيام بنصيب وافر من المتابعة والاهتمام ومن تلك التساؤلات.. ما الذي تقدمه تلك الغرفة للتجار والصناعيين والمستثمرين في عُمان؟ ابتداء من مهنية الانتخابات وشفافيتها وانتهاء بإنجازاتها على أرض الواقع سواء على المستوى السلطنة أو المحافظات.

المفهوم المهني للغرف التجارية يتمثل في كونها الواجهة الشرعية للقطاع الخاص على المستوى الوطني والإقليمي والدولي وحاضنة للتجار والصناعيين وللاستثمار الخارجي، وتقوم على تقديم التسهيلات والمشورة بما يتناسب مع المناخ التجاري في البلد. وهذا المفهوم له أهداف نبيلة لا يختلف عليه اثنان وفي هذا الإطار تتبنى غرفة تجارة وصناعة عُمان الرؤية التالية: "تنمية القطاع الخاص وجعله شريكا أساسياً في التنمية الاقتصادية المستدامة".

مثّلت انتخابات الغرفة نقطة هامة وتكاد توازي انتخابات الشورى والبلدي لكن الناخبين هم التجار والمنتخبون يفترض أن يكونوا كذلك أو ممن يتحفزون لدخول نادي الأثرياء، ولقد شكلت الغرفة كذلك محطة هامة لبعض الطامحين لمناصب حكومية وبالرجوع للتاريخ نجد أنّ الغرفة انتجت بعض القيادات التنفيذية العليا. إذاً من خلال باب الغرفة ستلج إلى سبلة المال وعالم السياسة ومن هنا ربما نجد تفسيراً منطقياً لحشد الناخبين من تجار الشنطة إلى أصحاب الأطيان لهذه الانتخابات فالأمر يستحق التضحيات إذن!

ربما لا يجد المتابع العادي مبرراً لربط تحالفات الشورى والبلدي بانتخابات الغرفة، وهذا أمر منطقي ففي الانتخابات البرلمانية والبلدية الأمر متاح للعامة لاختيار من يمثلهم في الجانب التشريعي والخدمي لكن في انتخابات الغرفة التجار هم المدعوون للصندوق ويعرف التاجر عندنا بأنّه من يملك سجلا تجاريا مجددا وانتسابا للغرفة ساري المفعول بغض النظر إذا كان لديه نشاط على الأرض أو في كوكب آخر، لذلك لا تتفاجأ إذا وجدت رسالة عبر الواتساب من صديق قديم يدعوك للانضمام إلى قافلة التجديدات الموسمية للسجلات والانتساب للغرفة ويبرر لك الأمر بأنّه إظهار وجود، وفرض واقع جديد من خلال اقتحام جدار غرفة علي بابا. حيث إنه من يضمن ولاءً أكبر قدر من السجلات التجارية المجددة هو من سيفوز حتما وليس من يصوت له التجار الحقيقيون، وهنا مفارقة غريبة وتساؤل منطقي: ماذا ستنتج لنا تلك السجلات وشهادات الغرفة المجددة في الغالب؟ النتيجة وجه جديد يُحظى بنفوذ اجتماعي أكثر منه تجاري وهذا ما يبرر توجّسنا من توظيف تحالفات الشورى والبلدي وحشدها لانتخابات الغرفة.

تحظي فترة الانتخابات بتنزيلات وخصومات غير مسبوقة من وزارة التجارة والصناعة ومن الغرفة نفسها فهي فرصة لنفض السجادة وتحصيل المزيد من الأموال حيث تبدأ العروض بالإعفاء من دفع تأخيرات التجديد وانتهاء بتسوية أوضاع السجلات المتراكمة، وهنا يحدث تسهيل استثنائي لسجلات الشنطة وأختام الحطب للعودة إلى الواقع والمشاركة في المعترك الانتخابي للغرفة وهذا ما يفرز لنا في الغالب واقع افتراضي غير حقيقي فقد تجد الشخص الذي حظي بثقة العضوية لا يمت بصلة للشأن الاقتصادي في البلد وليس له أي تجربة تجارية رائدة في عالم المال والأعمال وفي الغالب غير ملم بالشأن السياسي والمناخ الاستثماري.

المحصلة هم أعضاء ذوي ولاءات خارج الصندوق التجاري وفي الغالب وظفوا قوالب الشورى والبلدي الجاهزة للمرور إلى مقعد الغرفة والمستفيدون الحقيقيون قد يكونوا رجال أعمال دفعوا بمثل هؤلاء تحت شعارات قبلية أو مناطقيّة أو غيرها لارتهان قراراتهم طوال فترة العضوية بهدف تمرير المصالح الضيّقة لمؤسساتهم على حساب الوطن.. عليه وجب التنويه!!.

alikafetan@gmail.com