مُستقبل صناعة تقنية المعلومات البحرينية (2/2)

 

عبيدلي العبيدلي

 

على أرضية تلك البيانات، وأخرى غيرها، قام نائب رئيس مجموعة (IDC) جوني لاشانداني، والمتحدث الرئيس في هذا اللقاء، الذي دعت له "بيتك"، بالتعاون مع "تمكين"، بتقديم عرض متكامل حول رؤية المجموعة لمتطلبات ومقومات نجاح وضع استراتيجية تحدد معالم مستقبل صناعة تقنية المعلومات في مملكة البحرين؛ مركزًا على التحديات التي تواجهها، والآفاق التي يمكن أن ترسم معالم نجاحاتها.

استهل لاشانداني مداخلته بتقديم عرض متكامل شرح فيه منهج (IDC) في وضع خطة استراتيجية لأي سوق يتم اختيارها. وحدد قنوات جمع المعلومات لضمان صحتها ومصداقيتها سوية مع أدوات التحليل للتأكد من النتائج المستخلصة، وإمكانية تنفيذ مخرجاتها.

هنا توقف لاشانداني عند مجموعة من الثوابت التي تلتزم بها (IDC) والمعايير التي تتقيد بها عند البدء في مشروع وضع الاستراتيجيات؛ بما فيها الانتقال من الأفقي العام الذي يمعن النظر في تاريخ السوق المعنية، ويشخص حاضرها؛ كي يقرأ مستقبلها، إلى العمودي الذي يتوقف عند عينة من الشركات المختارة التي تمتلك مقومات النجاح في الأسواق الإقليمية والعالمية، كي يؤهلها لولوج تلك الأسواق.

ومن الاستماع انتقل المشاركون إلى النقاش والتعريج على كل النقاط المفصلية التي تناولها لاشانداني، كي يشمل المحاور التالية:

1.    كان هناك إجماع على أن هناك حاجة ماسة لا يمكن لمملكة البحرين أن تتجاوزها، وهي خطة استراتيجية مستقبلية تحدد، بوضوح مبني على منهجية علمية مستقبل صناعة تقنية المعلومات البحرينية، وأنّه في غياب مثل تلك الاستراتيجية، يصعب، إن لم يكن من المستحيل، مهما وضعت من خطط فرعية، أو رصدت من موازنات فلكية، ضمان مستقبل واعد لهذه السوق، أو حتى مجرد التنبؤ بالمستقبل الذي ينتظرها، الأمر الذي من شأنه تشكيل خطر حقيقي على مستقبل الشركات البحرينية الوطنية التي تعمل في هذا القطاع، وعلى نحو مماثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تبحث عن أسواق لأموالها.

2.    أفضل المنهجيات لوضع خطة استراتيجية تحدد ملامح مستقبل تقنية المعلومات البحريني. هل هو المسح الأفقي العام الكلي الشامل للسوق المحلية، بحيث تتوفر المعلومات الضرورية الكافية، أم تقسم تلك السوق إلى أجزاء عمودية متخصصة، ثمّ جمعها في رؤية كلية واحدة؟ على سبيل المثال لا الحصر، هل من الأفضل أن يبدأ المسح بسوق التعليم، أو الخدمات الصحية، والخدمات المالية والمصرفية، وفي ضوء معرفة نتائج احتياجات، وإمكانات نمو كل قطاع منها، يجري وضع الخطة الاستراتيجية الوطنية الشاملة؟ أم العكس هو الصحيح، حيث يجري البدء بوضع الإطار الاستراتيجي العام، ثم التفرّع منه، لوضع استراتيجيات ثانوية لكل قطاع من القطاعات التي يشملها البحث؟

3.    في حال الأخذ بالمنهج الأفقي العام الشامل، فكيف سيتم بناء قنوات التحول من ذلك العام الأفقي، إلى ذلك الخاص العمودي، ما هي آليات ذلك الانتقال التي تضمن السلامة في التنفيذ، والمرونة في التحول، دون تعطيل غير مبرر، أو التواءات غير مفيدة. والعكس صحيح تمامًا عند الأخذ بمنهج البدء من العمودي، من أجل الانتقال إلى الأفقي. بطبيعة الحال لكل واحد من هذين المنهجين سلبياته وإيجابياته التي ينبغي أخذها في الحسبان قبل أن يتم التوصل إلى الأخذ بأي منهما، إذ لكل سوق من الأسواق خصوصياتها التي تبرر الأخذ بواحد منهما بدلا من الأخرى، دون أن يعني ذلك أفضلية مطلقة لمنهج معين.

4.    آليات جمع البيانات، وطرق تحليلها، بما يضمن صحة تلك المعلومات أولا، ومصداقية الجهات التي وضعت نفسها مسؤولة عنها ثانيا، والتأكد من حق الحصول على التحديثات التي ستطرأ عليها مستقبلا، ثالثا وليس أخيرا. هذا يقتضي تشييد قنوات اتصال، وتواصل تناسب محتوياتها في اتجاهين متعاكسين، لكنّهما متكاملين، بين الجهة المسؤولة عن تلك الخطة، والفئات والمؤسسات المستفيدة منها، على التوالي.

5.    بعد الانتهاء من جمع البيانات الضرورية، وتدقيقها لضمان صحتها ودقتها، كيف في الإمكان وضع صمامات الأمان التي تضمن التنفيذ السليم لمرتكزات تلك الخطة، وقياس نجاحاتها، بل وحتى إخفاقاتها، وطرق تعزيز النجاحات، وتقليص الضرر الذي يمكن أن تلحقه بها تلك الإخفاقات، على أن يتم كل ذلك دون أي تأخير في تنفيذ تلك الخطة والاستفادة من مخرجاتها.

6.    ضرورة الالتفات نحو المحاذير التي تضمن عدم تضارب استراتيجية مستقبل صناعة تقنية المعلومات البحرينية مع الاستراتيجية الوطنية الأكثر شمولا وهي الرؤية الاقتصادية 2030، التي "أطلقها صاحب السمو الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المُفدى في أكتوبر عام 2008، وهي رؤيةً اقتصادية شاملة لمملكة البحرين من شأنها تحديد وجهة واضحة للتطوير المستمر للاقتصاد البحريني، وهي في جوهرها تعكس هدفاً أساسياً مشتركاً يتمثّل في بناء حياةٍ أفضل لكافة المواطنين البحرينيين، والتي جاء إطلاقها عقب أربع سنواتٍ من المباحثات المكثّفة مع مجموعة واسعة من قادة الرأي في القطاعين العام والخاص، بما يشمل المؤسسات الحكومية والمؤسسات المتخصصة، إلى جانب مؤسسات استشارية وهيئات عالمية".

مما لا شك فيه أنّ طاولة "بتك" و "وتمكين"، قد أطلقت بادرة، ستشكل، في حال حالفها الحظ ولقت ما تحتاجه من الدعم الذي يقود إلى التنفيذ، سابقة يمكن أن يحتذى بها في القطاعات الأخرى، وخاصة في قطاع الخدمات الذي يعد الركيزة الأكثر أهمية في أي صناعة سياحية وطنية، وهو أمر توليه الدولة اهتماما متزايدا نظرا لما تشكله السياحة كمصدر من مصادر تنوع الدخل الهادف إلى تقليص الاعتماد على النفط، كمصدر أساس للدخل الوطني.