قامة علمية وعبقرية لاتتكرر

السيرة الذاتية للشيخ الدكتور العلامة ابراهيم الكندي..رحمه الله

...
...
...
...

الرؤية - خاص

فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي النزوي واحد من أبرز علماء عمان والأمة في وقتنا هذا، سخَّر حياته كلها للدعوة إلى الله تعالى، ونشر العلم والمعرفة بشتى الوسائل والطرق من برامج إذاعية وخطب ومحاضرات ومؤلفات وغيرها، وقد ألفته أسماع أبناء الوطن ومن يعيش على ثراه من أقصاه إلى أقصاه عبر العقود الماضية؛ من خلال كثرة برامجه الإذاعية التي لا حدَّ لها ولا حصرَ، منفردًا بأسلوبه السهل الجذَاب الشائق في الطرح، وإيصال الفكرة إلى القلوب قبل المسامع.

كان رحمه الله مرجعاً علمياً بحد ذاته في مسائل الشريعة والفقه، وعلوم اللغة العربية، وخاصة علم النحو.

قال عنه الدكتور محسن بن حمود الكندي أستاذ الأدب الحديث بجامعة السلطان قابوس، في مقال  تحت عنوان "الشيخ الأستاذ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي: رجل الاستثناء المبكر.. بين جدلية البصر وعبقرية البصيرة":

كان الدكتور إبراهيم رجل المرحلة العلمية بامتياز، مفعما بكل مفاهيم الاستثناء ومقاييسه القيمية، وظل على هذه الحال في حياته كلها، تزكيه في ذلك منازله الأولى في التعليم منذ نعومة أظفاره وفقده لعزيزتيه وهو ابن الخامسة، وتملكه لقدرات الحفظ من الشرف الأول لكل شيء يسمعه أو يتبدى له من بعيد، وبالأخص آيات كتاب الله الكريم، وأحاديث نبيه الشريف، فكأنه وجد ليكون حافظا حاذقًا، وتلميذًا نبيها ماهرا حد العبقرية المفعمة بالتوق الأبدي إلى التفوق ونيل المراتب العليا، في حس طموحي لا يرضى إلا بالوصول إلى القمة مهما كلفته من أثمان غالية"

 

وقال أيضا: "... فالكل يقرُّ بعمق علمه وفقهه وورعه وبيانه وزهده وأخلاقه، وحنكته وتفاعله وتجاوزه لمحنته، وشقه لطريقه وتكوينه لمدرسة فقهية نحوية شرعية حديثة، تنطلق من الجوامع والمعاهد والجامعات ودور العلم لتصل إلى رحاب المجتمع برؤية حضارية ومنهج قويم، بل وأسلوب حديث شعاره التلقي البليغ والنقد البناء والكلمة الطيبة المؤثرة لتطال القلب بكل تدفق وانسيابية؛ بعيدًا عن التعقيد والتزمت وغواية التعالي والتفاخر على الآخر".

عبر الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي من حياة حافلة بالعطاء العلمي والأكاديمي إلى حياة أخرى ستكون حافلة بالعطاء الإلهي ونحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا فدنيا الرجل كانت عامرة بالذكر والعلم وسخّر معرفته اللغوية في خدمة الأم وتبسيط المسائل الكبرى في العلم، والفقه والتأويل لكلام المولى الجليل فاستقى العامة من أسلوبه الشارح عبر أثير إذاعة سلطنة عمان مرادهم ورووا ظمأهم المعرفيّ، واستعان بكتبه المنكبون على الدرس والفحص الأكاديميّ فكانت مرشدًا لهم في فهم ما استشكل عليهم وكان معينهم الذي نهلوا منه كتابه الشائق (الدلالات وطرق الاستنباط.. أصول الفقه بين النظرية والتطبيق).
واجتهد الشيخ الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي في تقريب (علوم النحو والصرف والإعراب) لإيمانه أنها الطريق الموصّل لفهم القرآن ومسائل الفقه والعقيدة والقضاء فأخرج للمكتبة العربية كتابه الميسِّر لمعرفة طرائق الإعرب المسمى (رياض الأحباب وإمتاع الألباب في أصول وقواعد الإعراب).
وأفاض الله على الشيخ الكندي من نعمه الكثير فباجنب الفقه والنحو والتفسير قرض الشعر وله من القصائد الكثير الأثير وقد عرّف به الشيخ الخصيبي في كتاب (شقائق النعمان) قائل: (ممن قرض الشعر من أهل عمان في القرن الرابع عشر وفي هذا القرن الخامس عشر من الهجرة في العلم والأدب الشيخ الضرير الأستاذ إبراهيم بن أحمد بن سليمان الكندي النزوي، نشأ في يتعلم في وطنه نزوى فكرع من مناهلها الفياضة، واغترف من بحارها الزخارة ورحل إلى الخارج لطلب العلم رحلات مستمرة واستفاد من علماء تلك الأطراف التي تردد إليها المرة بعد المرة، وقد وهبه الله حفظا وذكاء وتيسيرا في رحلاته فهو يتردد إلى تلك الأطراف النازحة بدون قائد ملازم، وقد صب نظمه في فوائد نافعة وأدبيات رائقة. فمن ذلك نظمه لكتاب (مغني اللبيب) سماه (حلية الأديب نظم مغني اللبيب). (يذكر أن الشيخ الراحل كان أكاديميًا في كلية التربية بجامعة السلطان قابوس).
عاش الرجل طوال حياته وفيا للدعوة إلى الله تعالى، ونثر العلم في طرقات عديدة، وزخّه على مسامع وآذان كثيرة، ما بين لقاءات جماهيرية، ومحاضرات جامعية، وحلقات إذاعية، ومؤلفا علمية.. لقد كانت حياة الشيخ العلامة إبراهيم الكنديّ أنموذجا للعطاء المتواصل الذي لا تحده الصعاب، ولا تعيقه الآلام فقال عنه الدكتور محسن بن حمود الكندي أستاذ الأدب الحديث بجامعة السلطان قابوس في كتاب بعنوان (بين جدلية البصر وعبقرية البصيرة): (الكل يقرُّ بعمق علمه وفقهه وورعه وبيانه وزهده وأخلاقه، وحنكته وتفاعله وتجاوزه لمحنته، وشقه لطريقه وتكوينه لمدرسة فقهية نحوية شرعية حديثة، تنطلق من الجوامع والمعاهد والجامعات ودور العلم لتصل إلى رحاب المجتمع برؤية حضارية ومنهج قويم، بل وأسلوب حديث شعاره التلقي البليغ والنقد البناء والكلمة الطيبة المؤثرة لتطال القلب بكل تدفق وانسيابية؛ بعيدًا عن التعقيد والتزمت وغواية التعالي والتفاخر على الآخر).
 انتقل العلامة الشيخ الدكتور إبراهيم الكندي من دار العمل والجهاد إلى دار الإثابة والإسعاد(لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) كما ذكر الطبري في تأويلها يقول تعالى ذكره: لمثل هذا الذي أعْطَيتُ هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة، فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون، ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم.

تعليق عبر الفيس بوك