موانئنا مستقبلنا

سيف المعمري

"مؤتمر عُمان للموانئ"، الذي نظمته جريدة "الرؤية"، بالتعاون مع وزارة النقل والاتصالات والمجموعة العُمانية العالمية للوجستيات "أسياد"، يعد باكورة المبادرات النوعية لجريدة الرؤية في العام 2018م، كما يأتي المؤتمر استكمالا لنهج "إعلام المبادرات" الذي تبنته الجريدة؛ لتكون شريكا فاعلا في خدمة عملية البناء الشاملة التي تشهدها السلطنة في عهد النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.

المؤتمر -الذي شارك فيه نخبة من الاقتصاديين والخبراء والمختصين في قطاع الموانئ واللوجستيات على مستوى العالم- يمثل أهمية بالغة للسلطنة ودول المنطقة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والحضارية؛ كونه يُبرز الأهمية الإستراتيجية للموانئ العُمانية عبر العصور التاريخية المختلفة، ويؤكد التاريخ البحري العريق للعمانيين، والذين وصولوا إلى أقصى موانئ الشرق في الصين، ونقلوا التجارة منها إلى حضارات الشرق الأدنى، وشرق إفريقيا، وإلى أوروبا.

كما يكتسب المؤتمر أهمية كونه يُعقد في ظل تحديات متسارعة يشهدها الاقتصاد العالمي بشكل عام، واقتصاديات منطقتنا بشكل خاص، مع الانخفاض الحاد في أسعار النفط، والتذبذبات المستمرة في الأسواق، وحالة عدم الاستقرار الذي تشهده المنطقة جراء التقلبات السياسية المتعددة، فضلا عن قضية الباحثين عن عمل، التي تشهد تناميا في دول المنطقة ومن بينها السلطنة، كما أن المؤتمر يعد إحدى المنصات المهمة للتسويق للسلطنة وإمكانياتها في قطاع النقل البحري، وما يرتبط بها من بُنى أساسية أخرى من طرق حديثة ومطارات.

لا شك أن السلطنة ماضية في تطوير البنى الأساسية ورفع كفاءة الموانئ العُمانية، وتعظيم الاستفادة من موقع السلطنة الإستراتيجي على طرق الملاحة العالمية الرئيسية، فضلا عن الاستقرار السياسي والأمني الذي تنعم به السلطنة، وعلاقاتها النموذجية مع مختلف دول العالم، بما يؤهلها لتستعيد مكانتها التاريخية كحلقة وصل بين تجارة الشرق والغرب.

ومن بين التوصيات التي خرج بها المؤتمر: دعوة القطاع الخاص لدعم الجهود الحكومية الرامية لتعزيز مكانة السلطنة على خارطة الاستثمار الدولي في قطاع الموانئ، وتحفيز الشباب العماني الواعد على الانخراط في العمل بقطاع الموانئ واللوجستيات، والعمل عى تبني التقنيات الحديثة لإدارة قطاع المؤانئ بما يعزز سهولة الاجراءات وزيادة الحركة التجارة البحرية، ولا شك أن تلك التوصيات يجب أن تحظى بمتابعة حثيثة من الحكومة، وأن تترجم إلى إجراءات واقعية.

إن من الأهمية البالغة خلال المرحلة المقبلة أن يتم الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في إدارة الموانئ، وإبراز الموانئ العمانية على خارطة الملاحة العالمية، فهي عصب الاقتصاد العُماني والتي لو استُثمرت ستتجاوز الكثير من التحديات في مجال التوظيف؛ حيث ستوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة في قطاع الموانئ، وفرص العمل غير المباشرة في النقل البري وفي الأسواق التجارية ونشاط حركة البضائع من وإلى السلطنة، وتنمية القطاع السياحي ونحوها.

إن مؤانئنا هي مستقبلنا، وهي الرئة التي يمكن أن تُنفِّس عن اقتصادنا الكثير من التحديات، وإن باستطاعتنا بعد اكتمال البنى الأساسية أن نكون محطة لأنظار المستثمرين، وأن نجسد المكانة الحضارية لعُمان في التجارة العالمية التي اشتهرت بها منذ القدم، على أننا نتطلع أن يشهد العام المقبل عقد الدورة الثانية من "مؤتمر عُمان للموانئ"، ليكون ملتقى عالميا لتبادل الخبرات واستعراض التجارب الناجحة، وإيماننا كبير بأن نجاحنا لن يتأتى إلا بتكاملنا وتعاوننا مع الآخرين.

وبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت...!

Saif5900@gmail.com