وقفات من خليجي 23

 

 

خالد الميمني

 

أسدلت بطولة كأس الخليج 23 الستار بفوز منتخبنا الوطني، وعمت الفرحة جميع أرجاء عمان وامتدت لخارج الوطن بشكل كبير، فالحمدلله على ذلك. 

هذه البطولة كانت مغايرة تماماً عن البطولات السابقة بسبب ما يحصل بين الأشقاء حاليا، الكل كان يترقب الأحداث المثيرة وإن كانت البطولة ستقام في موعدها ومكانها المحدد مسبقا أم لا، فكانت دولة الكويت الشقيقة البديل عن دولة قطر الشقيقة لتنظيم البطولة. وبالرغم من ضيق الوقت إلا أنّ الكويت سخرت كل طاقتها لتنظيم وإنجاح هذه البطولة وبالفعل كان لها ذلك.

خليجي 23 كان مختلفاً تماماً لنا أيضا في عمان، ففيه تم تحقيق أول بطولة خارج أرض الوطن، وهي الثانية طبعا بعد بطولة خليجي 19 والتي أقيمت على أرض السلطنة. المباراة النهائية حبست أنفاس الجميع لأننا مررنا بفترات عصيبة بسبب بعض القرارت التحكيمية التي جانبها التوفيق بالرغم من أنّ الحكم كان جيداً في أغلب الأوقات، ولكنه كاد أن يفسد المباراة في الدقيقة 89 بضربة الجزاء الخاطئة التى احتسبها بشهادة جميع المحللين.

لن أخوض في الأمور الفنية للمباراة لكني أقول إنه كانت هناك أحداث ورسائل سامية لهذه البطولة وهذا الذي استوقفني، لربما الكثير لم يشاهدها ولَم يحس بها، لكن من حضر إلى الكويت لمس ذلك الجانب ومدى التلاحم الأخوي والتكاتف بين أبناء الوطن والتعامل الراقي للجمهور العُماني مع الآخرين، فكانوا سفراء مثلوا عمان خير تمثيل خلقاً ومحبةً والتفافاً حول الوطن، فنالوا أشد الترحيب من الشعب الكويتي.

لنا وفقة مع انهيار الحاجز الزجاجي في إستاد جابر. فالحمد لله لم تحدث إصابات خطيرة للجماهير العمانية في هذه الحادثة. وكان التعامل الكويتي مع الحدث سريعاً بنقل المصابين إلى المستشفيات لتلقي العلاج وحرص القيادات على الاطمئنان عليهم مع أخذ كل الإجراءات اللازمة فورا ومنها إعادة النظر في الجانب الإنشائي للملعب. فشكراً للكويت بلد المحبة والسلام والإخاء حكومةً وشعباً.

هذا ما رسم مبادئه مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- بحنكته منذ عقود.

وها نحن نجني ثمار سياسته الحكيمة وسط الصراعات التي تعصف بدول وشعوب المنطقة، مما يجعلنا نشعر بالفخر والإخلاص للوطن والسلطان الذي أعطى وسخّر كل عمره لعمان لينعم أبناؤه بهذا الترحيب. فاللهم لك الحمد والشكر بتسخيرك لنا قائداً حكيماً.

الهوية الوطنية العمانية برزت في كل مكان من أبناء السلطنة برموز الحب والولاء لعمان والتعايش مع الجميع، فتعاملوا بالرقي مع الجميع حتى في مواقع التواصل الاجتماعي رغم محاولات الاستدراج من بعض المتربصين بشق الصف وإفساد الحب والسعادة، إلا أنّ الردود كانت في قمة الرقي. فكسبوا الاحترام والقلوب من الجميع قبل الكأس. 

عمان السلام، اسم لمع في سماء الكويت الحبيبة وفوزها بكأس خليجي 23 أسعد معظم الشعوب العربية وفرحت له وكأن منتخبها هو الفائز. الكل يبارك ويهنئ هذا الفوز المستحق للأحمر العُماني. كم تمنى الشعب الكويتي بقاء الجمهور العُماني هناك وذلك لطيب معشر العمانيين وحسن تعاملهم مع الجميع بمبادئ المحبة التي غُرست في أبناء قابوس، فأرض عمان الطيبة لا تقبل إلا طيباً.

كنّا بحاجة إلى هذا الفوز كونه أول بطولة تحرزها عمان خارج أرضها. أعتقد إن الفوز أتى في توقيت مناسب مع تأهل المنتخب لنهائيات بطولة آسيا والذي كان بحاجة إلى مصالحة جماهيره بعد سنين عجاف. وبالفعل بدأ الجميع يتحدث عن المنتخب وينادي باسم عمان ويشيد بالوطن وأبنائه، كل هذا عامل مساعد لإعادة الثقة وهكذا هم أبناء عمان لحمة واحدة.

ومما أثلج الصدر كذلك اللمحة الإنسانية والأخلاقية التى قد قام بها أعضاء المنتخب الوطني من خلال زيارتهم للمستشفى السلطاني ومشاركة الأطفال المرضى فرحتهم ضمن احتفالهم بالفوز. وبعد أن وطأت أقدامهم ملعب أستاد جابر بكبرياء الأبطال، هاهي تطأ المستشفيات بحب وحنان. كم كان لهذه الزيارة الراقية أثر على نفوس الأطفال وأهليهم، وكلنا أهل لهم بطبيعة الحال. فشكراً نجوم منتخبنا وطبتم وطاب مسعاكم.

فرحة وطن لا تعادلها فرحة وسعادة لا تضاهيها سعادة.

تعليق عبر الفيس بوك