علمتنا كأس الخليج

 

حمود الحاتمي

لم تكن الآمال والطموحات معلقة على مشاركة المنتخب الوطني لكرة القدم في كأس الخليج قبل بدء الدورة، عطفاً على النتائج السابقة من خلال النتائج غير المرضية، وكانت تصريحات المدرب الهولندي التي يؤكد من خلالها أننا سنرى منتخباً قويا عما قريب، محل سخط وسخرية لدى الشارع الرياضي، وكان الشيخ سالم الوهيبي يشاركه الرأي، نعم سنصنع منتخبا يعود للواجهة، وكانت تعليقاتنا عليهم أن ذلك بعيد المنال؛ حيث إن الدوري ضعيف، ولا يفرز لاعبين جيدين، وإمكانيات الأندية لا ترقى لأن تكون أندية محترفة، وتسير أمورها بالبركة، ولدينا مدربون مغمورون عدا بلاتشي مدرب السويق، والديون أسقطت أندية جعلتها تجمد نشاط كرة القدم، ومشاكل لا حصر لها في كرة القدم.. فكيف لنا أن نصدق رئيسا يعدنا بعودة الكرة العمانية إلى الواجهة، ومدربا يعد بمنتخب قوي؟ هل يملكان السحر كما ينعتنا به بعض المغرضين؟ هل سيقفزان على واقع الكرة العمانية؟

ذهبت البعثة إلى الكويت ووصيتنا لهم نأمل أن نخرج بأقل الخسائر، وفي استطلاعات الرأي منتخبنا سيخرج من الدور الأول، المباراة الأولى مع المنتخب الإماراتي كان الأداء فاجأ الجميع، خاصة النفاد؛ حيث استطاع المنتخب شل قدرات هجوم المنتخب الإماراتي، وشن هجمات على المنتخب الإماراتي، ورغم ذلك احتسبت ضربة جزاء ظالمة لصالح المنتخب الإماراتي، ورغم ذلك واصل العطاء وأعاد شيئاً من ثقة الجماهير في مباراة الكويت، بعدما قدم المنتخب العماني مباراة جميلة، وظهرت خطوطه مترابطة، وفاز على صاحب الأرض والجمهور؛ مما جعل الجمهور يتحرك لمساندته.

ومباراة السعودية، كانت موقعة المنتخب الذي قدم نفسه منتخباً واعداً يمكن أن تراهن عليه الجماهير العمانية، وفاز بهدفين نظيفين أشعلا الشارع الرياضي حماساً، وجعله يشد الرحال إلى الكويت برًّا وجوًّا ليتحول سوق المباركية كأنه سوق مطرح أو السيب يعج بالجماهير العمانية التي تصدح طربًا حتى الصباح الباكر، وتأتي مباراة البحرين في نصف النهائي، يثبت فيها المدرب الهولندي بيم فيربك أنه مدرب المرحلة القادمة للكرة العمانية، يحسن قراءة للخصم، وتوظيف قدرات لاعبيه، وعدم قدرة الخصم على قراءة أفكاره، لتنطلق بعدها الجماهير مرة أخرى إلى الكويت لحضور نصف النهائي زاحفة خلف المنتخب في طائرات أكثر من عشرين رحلة، فضلا عن الحافلات والسيارات الخاصة يمتلئ بهم استاد جابر في الكويت في مشهد رائع.

كان مساء يوم الجمعة مساء ترقب وموعد مع الإنجاز، الكل يتسمر خلف شاشات التلفاز كبارًا وصغارًا، والقلوب تخفق مع كل هجمة، دعوات الجميع للمنتخب تتردد في كل مكان وعلى كل لسان "يا رب حقق آمالنا، والليلة ليلة فرح، ونهدي الإنجاز لمولانا الذي أهدانا عمره، في مشهد يشع وطنية ولو كان هناك مقياس طبي للوطنية في تلك الليلة؛ لمن استحمل ذلك المقياس درجة الوطنية من شدتها".

ركلة الجزاء التي احتسبها حكم المباراة لصالح المنتخب الإماراتي في الدقيقة الأخيرة من المباراة حبست أنفاس الجماهير، ولكن توفيق من الله، وبراعة سوبر مان الكرة العمانية فايز الرشيدي، يعيد الحلم مرة أخرى، ليحتكم الفريقان لضربات الجزاء، وليثبت رجال المنتخب مهاراتهم في تسديد ضربات الجزاء كاملة، ويظهر سوبر مان الكرة العمانية فايز الرشيدي مرة أخرى، ويصد ضربة الجزاء الخامسة، وتكون ركلة محسن جوهر إشارة البدء في ليالي الملاح وأفراح الجماهير العمانية في مدن السلطنة من أقصاها إلى أقصاها، وتهدي الفوز إلى سلطان القلوب وحبيب الشعب جلالة السلطان المعظم قابوس بن سعيد يحفظه الله ويرعاه.

علمتنا كأس الخليج:

- أن التخطيط الجيد والإيمان بقدرات أفراد المجموعة يصنع الإنجاز.

- أن الإنجاز يحتاج إلى عزيمة وصبر، وهو ما كان عليه المنتخب.

- أن لكل مرحلة معطياتها، ويجب التعامل معها دون اعتبارات أخرى.

- أن توظف قدراتك والإيمان بها دون النظر لقوة المنافسين.

- أن الإنجاز لا يتحقق دون تكامل الأدوار: منتخب وإعلام وجماهير وجهات أخرى.

- أن اللعب باسم عُمان هو أسمى الغايات، وحينما نستشعر عمان في ذواتنا نصنع العجب.

- الشعب العماني راقٍ في كل شيء، ويظهر ذلك في المناسبات الكبيرة.

- عمان ذات حضارة، وتظهر حضارتها في سلوك شعبها الوفي حينما يكون خارج الديار.

- الشعب العماني يظهر الود والتمسك باللحمة الخليجية في هكذا مناسبات.

- الجماهير العمانية تحتفل بانتظام ونظام، ويعكس ذلك رقيهم.

- الفنون العمانية حية وحاضرة لدى الجماهير العمانية، ويعكس جمالها حماس الجميع وهي مؤثرة في تحفيز اللاعبين.

alhatmihumood@gmail.com