العالم في وداع 2017.. قليل من السياسة كثير من الضوضاء

 

  1. عام ترامب.. الاستفزاز أسلوب حياة

بدأ العام بحفل تنصيب الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة دونالد ترامب في الـ 20 من يناير الماضي، ليتسلم مهامه رسميا لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة. ومن يومها يواصل ترمب إبطال إنجازات سلفه باراك أوباما، فانسحب أو هدد بالانسحاب من عدد من الاتفاقات الدولية (التبادل الحر، والمناخ، والهجرة الصحة، ويونسكو)، ولا يكف عن إثارة الجدل حول كل تغريداته وتصريحاته وحتى زياراته الخارجية، ومنها زيارته إلى السعودية في 20 من مايو إلى السعودية في أول محطة في زيارته الخارجية الأولى التي استمرت ثمانية أيام وشلمت ست محطات بينها إسرائيل والفاتيكان، فضلا عن لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في السابع من يوليو على هامش قمة مجموعة الـ 20 في مدينة هامبورغ الألمانية، وصولا إلى صدمة صدمات العام باعتراف ترامب رسميا في الثامن من ديسمبر بالقدس عاصمة لإسرائيل، بطريقة عملية من خلال نقل سفارة أمريكا إليها، بعد سنوات من تمرير الكونغرس الأميركي قانون عام 1995 يقول إنّه "يجب على الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة غير مجزأة لإسرائيل".

وقد استفز إعلان الرئيس الأمريكي الجماهير العربية في كل مكان، وأثارت الخطوة الأمريكية احتجاجات في عدد من الدول العربية واشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. واستخدم المغردون العرب هاشتاغ #القدس_عاصمة_فلسطين_الابدية للتعبير عن رفضهم للقرار الأمريكي وانتشر الهاشتاغ بصورة كبيرة ليظهر في أكثر من 1.6 مليون تغريدة خلال أسبوع من كلمة ترامب.

 

  1. هزيمة "الدواعش".. توابع أخطر من الزلزال


أعلنت بغداد في 9 ديسمبر الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في العراق لكن عسكريين أكدوا أن التنظيم ما زال يشكل خطراً على هذا البلد. وفي سوريا خسر التنظيم الجزء الأكبر من الأراضي التي سيطر عليها، وعاد في مطلع ديسمبر إلى محافظة إدلب. وإلى جانب هذين البلدين تعرضت دول كثيرة بينها مصر وبريطانيا لهجمات دامية جديدة نفذها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد أعلن في 10 يوليو النصر على تنظيم داعش في الموصل، وانتهاء "دولة الخرافة والإرهاب الداعشي". واستعادت القوات العراقية المشتركة في الـ 17 نوفمبر قضاء راوة بالكامل من قبضة داعش، بعد ساعات من بدء عملية اقتحام المنطقة. وبتلك الهزيمة، انتهت سيطرة داعش على مدن العراق التي استولى عليها منتصف عام 2014. وأعلنت "قوات سورية الديموقراطية" المدعومة من واشنطن في الـ 20 من أكتوبر تحرير الرقة التي كانت المعقل الأبرز لداعش في سورية.

 

 

 

 

 

  1. دراما صعود وهبوط أهل السلطة في 5 دول

وقد كانت أخبار نجوم السلطة في عدة دول أخرى تتصدر الأنباء المثيرة للجدل على مدار العام، ومنذ لك فوز مرشح تيار الوسط إيمانويل ماكرون، 39 عاما، في السابع من مايو بالانتخابات الرئاسية الفرنسية، متفوقا على منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، ليصبح أصغر رئيس في تاريخ البلاد، وهو ما اعتبره مراقبون زلزالا سياسيا، حيث تمكن على رأس حركته "إلى الأمام!" التي أنشئت قبل عام واحد، من إزاحة الحزبين الحاكمين الكبيرين في فرنسا للمرة الأولى عن الأليزيه، أي الحزب الاشتراكي و"الجمهوريون.

وفي 21 يونيو، أصدر العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز أمرا ملكيا عين فيه الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد بدلا من الأمير محمد بن نايف، الذي أشرف على حملة لاعتقال أمراء سعوديون بدعوى "مكافحة الفساد" في الرابع من نوفمبر، حيث أوقفت لجنة جديدة لمكافحة الفساد في السعودية، يرأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، 11 أميرا وأربعة وزراء حاليين وعشرات من الوزراء السابقين. وتسبب اعتقال أمراء ووزراء، بينهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال، في صدمة للسعوديين غير المعتادين على التغيير المفاجئ. وفي تحرك منفصل أعفي الأمير متعب بن عبد الله من منصب وزير الحرس الوطني. وكان متعب آخر فرد من فرع عبد الله في الأسرة المالكة يحتل منصبا رفيعا في الحكومة السعودية. وإثر ذلك انتشر هاشتاغ #الملك_يحارب_الفساد بصورة كبيرة في السعودية ليظهر في أكثر من 1.5 مليون تغريدة خلال أسبوع من ظهوره. وانقسم المغردون حول تلك الخطوة، إذ أشاد البعض باللجنة العليا لمكافحة الفساد قائلين إنها تصب في مصلحة الوطن. بينما قال آخرون إن ما قامت به اللجنة يعتبر خطوة سياسية بحتة لتصفية معارضي الملك وابنه.

أما في لبنان، فقدم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقالته في الرابع من نوفمبر أثناء زيارته للسعودية، لكنه تراجع عن القراربعد ذلك. وكان الأكثر إثارة للدهشة أنه في نفس اليوم الذي أوقفت فيه لجنة مكافحة الفساد السعودية عددا من الأمراء والوزراء بداعي مكافحة الفساد، أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته في خطاب متلفز مفاجيء من الرياض بثته وسائل إعلام سعودية.

وأعرب الحريري في خطاب الاستقالة عن خشيته من تعرضه للاغتيال، واتهم إيران بالتدخل في لبنان قائلًا: "أريد أن أقول إيران وأتباعها خاسرون فى تدخلاتهم فى البلدان العربية وستقطع الأيادي التي تمد إليها بالسوء". وألهبت استقالة الحريري مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي وأثارت تساؤلات عديدة حول مستقبل لبنان والمنطقة، وانتشرت التكهنات حول سبب تقديم الحريري استقالته بهذه الطريقة. وتابع المستخدمون التطورات عن كثب منذ تقديم الحريري استقالته وحتى عودته إلى لبنان. وظهر اسم الحريري في أكثر من 1.3 مليون تغريدة خلال شهر نوفمبر.

وفي اليمن، أعلن الحوثيون في الرابع من ديسمبر مقتل حليفهم السابق علي عبد الله صالح بينما كان يغادر صنعاء. وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر جثة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.  وقتل صالح على أيدي الحوثيين رميا بالرصاص قرب صنعاء بينما كان في طريقه إلى مسقط رأسه في مديرية سنحان جنوب العاصمة. ولم تكن مواقع التواصل الاجتماعي المنطلق الأساسي لانتشار خبر مقتل صالح فقط، بل كانت أيضا منصة قدم من خلالها مغردون آراءهم وقراءاتهم حول مستقبل الصراع في اليمن. وناقش المستخدمون تداعيات مقتل صالح على الوضع الإقليمي ومصير حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يرأسه. وانتشر حينها هاشتاغ #مقتل_علي_عبدالله_صالحليظهر في أكثر من 140 ألف تغريدة خلال أسبوع من تدشينه، بينما ظهر الاسم "علي عبد الله صالح" في أكثر من 320 ألف تغريدة.

وفي 21 نوفمبر استقال روبرت موغابي (93 عاماً) بعد 37 عاماً في الحكم بعدما تخلى عنه الجيش وحزبه، وتعرض لضغوط للاستقالة بعد عملية أمنية للجيش رداً على إقالة نائب الرئيس ايمرسون منانغاغوا، الذي خلفه في الرئاسة.

 

 

  1. تحالفات دولية على المحك

في 31 يناير الماضي، أعاد الاتحاد الأفريقي رسميا عضوية المغرب إلى المنظمة القارية بعد أكثر من ثلاثة عقود من انسحاب الرباط بسبب خلاف على وضع الصحراء الغربية.

لكن على الشاطئ الآخر، كانت العلاقات تسير إلى مصير مختلف تماما، حيث بدأت لندن في 29 مارس آلية للخروج من الاتحاد الأوروبي بعد تسعة أشهر على استفتاء بشأنه آثار انقساماً في البلاد. وفي 8 يونيو دعت رئيسة الوزراء المحافظة، تيريزا ماي، إلى انتخابات تشريعية مبكرة على أمل تعزيز موقعها في البرلمان، لكنها خرجت منها أكثر ضعفاً. وبعد أشهر من المشاورات اتفقت بروكسل ولندن في 8 ديسمبر على ترتيبات الانفصال ما فتح المجال أمام بدء مناقشات تجارية.

وخليجيا، كان عام 2017 مليئا بالأحداث، ففي يونيو أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع كافة العلاقات مع قطر، لتبدأ مرحلة تسميها الدول الأربع "مقاطعة" وتسميها قطر "حصارا"، وأصدرت الدول الأربع قائمة تضم 13 مطلبا لقطر، منها وقف دعمها لجماعة الإخوان المسلمين وإغلاق قناة الجزيرة الإخبارية وإغلاق قاعدة عسكرية تركية وتخفيض مستوى علاقاتها مع إيران، متهمة إياها بتمويل الإرهاب وهو ما أصرت الدوحة على نفيه.

 

  1.  إرهاب مجنون.. وطبيعة غاضبة

كوارث إنسانية مفزعة في 2017 جمعت بين جنون الإرهابيين وغضب الطبيعة، ومنها على سبيل المثال ما شهده اليوم 17 أغسطس، حيث دهس شاب مغربي بشاحنة صغيرة حشدا في رامبلا، أكثر جادة يرتادها السائحون في برشلونة، في هجوم أوقع 14 قتيلا و120 جريحا. وكذلك إطلاق رجل النار بشكل عشوائي على حشد كان يحضر حفلا موسيقيا في الأول من أكتوبر، ما أودى بـ59 شخصا. وفي سيناء المصرية، أو ما عرف بهجوم مسجد الروضة، حيث هاجم متشددون يوم الـ 24 نوفمبر مسجد الروضة في مدينة العريش المصرية في اعتداء أسقط أكثر من 300 شخص.

وعلى الجانب الآخر، ضرب الإعصار هارفي ساحل ولاية تكساس ليلة 25 أغسطس بسرعة رياح وصلت إلى 209 كيلومترات، متسببا في فيضانات كارثية ومقتل العشرات. كما ضرب إعصار إرما ولاية فلوريدا في الـ 10 من سبتمبر مخلفا عشرات القتلى وأمطارا غزيرة وفيضانات.

 

  1. مصائر شعوب في صناديق الاستفتاء والانتخاب

في خطوة لم تحظ بترحيب المجتمع الدولي، نظمت حكومة إقليم كردستان في الـ 25 سبتمبر استفتاء لتقرير المصير، وصوتت فيه الغالبية لصالح الاستقلال عن بغداد، لكن المحكمة الاتحادية العليا في العراق قررت عدم دستورية الاستفتاء في إقليم كردستان، مما تسبب في أزمة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، بعد أن رفضت سلطات الإقليم التراجع عنه، وتمسكت حكومة بغداد بموقفها الرافض له، حيث اعتبر بيان لمكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي أن الاستفتاء "ممارسة غير دستورية تعرّض أمن واستقرار البلد للخطر، وهو إجراء لا يترتب على نتائجه أي أثر واقعي، بل يؤدي إلى انعكاسات سلبية كبيرة على الإقليم بالذات. وفـوّض البرلمان العراقي يوم 27 سبتمبر 2017 رئيس الوزراء بنشر قوات للسيطرة على حقول النفط في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها مع كردستان العراق. وطالب الإقليم بإلغاء كل ما يترتب على استفتاء الانفصال.
وفي الأول من أكتوبر نظمت كاتالونيا استفتاء بشأن استقلالها رغم منعه بقرار من القضاء الإسباني. وفي 27 منه أعلن البرلمان الكاتالوني الاستقلال من جانب واحد، فردت مدريد بوضع الإقليم تحت وصايتها وأقالت حكومته وحلت برلمانه قبل الدعوة إلى انتخابات مبكرة في الإقليم.

وفي 30 يوليو انتخبت جمعية تشريعية تتمتع بسلطات محدودة في استحقاق قاطعته المعارضة، بعد أربعة أشهر من التظاهرات العنيفة.  وأقالت الجمعية المدعية العامة لويزا اورتيغا المعارضة الشرسة للرئيس نيكولاس مادورو ثم منحت نفسها سلطات البرلمان. ويعتبر البلد الذي أنهكه انهيار أسعار الخام في حالة تخلف جزئي عن السداد.
 

تعليق عبر الفيس بوك