انتصار الحق

جابر العماني

لا يشك عاقلٌ ولا مؤرخٌ ولا باحثٌ بعروبة فلسطين وإسلامها؛ فهي أرض الكنعانيين الذين عاشوا فيها منذ آلاف السنين، أما الصهاينة واليهود فمروا بها رُحَّلا، فهم لم يبنوا فيها حضارة عظيمة، ولا أمجادا تليدة، وهذا ما نصَّ عليه التاريخ، الذي بيَّن أن آثار فلسطين والقدس بنسبة ثمانين بالمائة منها كانت آثارا إسلامية معترفا بها، أما الصهاينة فكل ما ذكروه ويذكرونه من آثار ينسبونها إليهم ما هي إلا تزوير وقلب للحقائق التاريخية والإسلامية.

إن القدس هي المدينة المقدسة التاريخية التي يزيد عمرها على ستة آلاف عام، لتكون بذلك إحدى أقدم المدن العربية والتاريخية حول العالم، والتي بناها الكنعانيون آنذاك، ومع كل ذلك التاريخ المشرق لفلسطين والقدس، إلا أننا نجدُ اليومَ من ينعقون بفتح أفواههم الجريئة لإرضاء الغاصبين المحتلين، إن أمثال هؤلاء أتوا في آخر لحظات الدولة الغاصبة، فهم لا يُحسنون قراءة التاريخ، ولا يُحسنون الثقة بالله، ولا بالأمة العربية والإسلامية المجيدة، الموالية لفلسطين وقدسها الشريف، إن هؤلاء لم يعرفوا ولن يعرفوا أن الأمة العربية والاسلامية لا تزال حية وقوية بمواقفها الصادقة والوفية تجاه القضية الفلسطينة، وأن الشعوب المناضلة ستبقى في الخندق الأول لنصرة فلسطين وعاصمتها القدس الشريفة.

وهنا نستطيع أن نقول إن لكل بدن ولكل مجتمع إفرازات نتنة، ونجسة، وقذرة، ومن هذه الإفرازات القرار الأمريكي الجائر الذي جاء ليجعل من القدس الشريف عاصمة لإسرائيل الغاصبة، وتناسى أن أمتنا وشعوبنا طاهرة وقوية ومقدامة وشجاعة وأبية، تؤمن جيدا بأن القدس عاصمة أبدية لفلسطين، وأن الاحتلال إلى زوال وأفول.

وكم هي الفرحة العارمة التي سادت وطننا العربي والإسلامي، ابتهاجا وسرورا بتصويت أغلبية الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد القرار غير المسؤول للرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، حيث صوتت 128 دولة لصالح المشروع المعارض لقرار ترامب، ورفضته 9 دول، بينما امتنعت 35 دولة عن التصويت، وهنا عندما نتأمل نجاح التصويت لصالح فلسطين والقدس نعلم قوة الأمة وانسجامها مع تاريخها وحضارتها وأمجادها الخالدة.

لقد قالها الإنسان العربي "رُب ضارة نافعة"، فإن القرار الأمريكي الجائر عاد ليوحد العرب، ويجعل منهم أقوياء كما كانوا، فأعاد القضية الفلسطينية للواجهة مجددا، في ظل التراجع الواضح للأمة العربية بسبب الأحداث التي عصفت بالمنطقة، وهنا يجب على الأمة أن تحافظ على وحدتها، لتستطيع تشكيل موقف عربي إسلامي موحد، كما يجب عليها أن تغض الطرف عن كل الخلافات الحاصلة بينها، لتتمكن من الانطلاق بكل جد وإخلاص لمواجهة القرار الأمريكي البائس.