انطلاق أعمال الملتقى الإقليمي للبرلمانيين في العلوم والدبلوماسية

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

  • السعيدي: استضافة السلطنة ممثلة في مجلس الدولة للملتقى يأتي في إطار دعمها للعمل الإسلامي والعربي المشترك

 

  • الحجرية: تعزيز أدوار اللجان العلمية في البرلمانات وتطوير فعاليتها للإسهام في خطط التنمية الوطنية

 

  • السليمي: البرلمان العربي أحد روافد تطوير منظومة العمل وتعزيز مقوماتها وتحديث آلياتها

 

  • الطائي: عمان اليوم واحة سلام غناءة وقلعة حياد إيجابي شامخة

كماضيها العريق يقصدها كل حالم بعالم يسوده الأمن والسلام والاستقرار

 

 

الرؤية- مدرين المكتومية

أنطلقت أمس أعمال الملتقى الإقليمي للبرلمانيين في مجال العلوم والدبلوماسية الذي تستضيفه السلطنة، وتنظمه المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) بالتعاون مع مجلس الدولة، رعى افتتاح الملتقى معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة وذلك بمقر المجلس في البستان.

تضمن برنامج افتتاح الملتقى كلمة لمجلس الدولة، وكلمة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، وكلمة البرلمان العربي، وعرض لفيلم وثائقي عن مجلس الدولة.

يهدف الملتقى إلى تعزيز دور البرلمانيين في وضع التشريعات والسياسات الداعمة للعلوم والتكنولوجيا، وبناء جسور التعاون بين الدول الأعضاء عبر دبلوماسية العلوم، وإشراك المجتمع في قضايا العلوم والتقنية والابتكار، وتعميق التعاون بين المؤسسات والهيئات العلمية في الدول الأعضاء إضافة إلى تفعيل دور الروابط والكيانات العلمية في التنسيق بين الدول الأعضاء بشأن دعم اتخاذ القرارات حول قضايا العلوم والابتكار ويشارك في الملتقى برلمانيون وخبراء ومفكرون من عدد من الدول العربية.

تعاون بناء

وألقى سعادة الدكتور خالد بن سالم السعيدي الأمين العام لمجلس الدولة كلمة في افتتاح حفل الملتقى أكد فيها أن استضافة السلطنة ممثلة في مجلس الدولة لهذا الملتقى المهم يأتي في إطار دعمها للعمل الإسلامي والعربي المشترك، اتساقا مع الحرص السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- على كل ما من شأنه خدمة قضايا الأمة وتعزيز ازدهارها.

 وأشار سعادته إلى أن الاستضافة تأتي كذلك في سياق التعاون البناء بين مجلس الدولة والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والتي أثبتت وجودها كجهاز إسلامي دولي فاعل يعمل ومنذ أكثر من ثلاثة عقود على تعضيد التعاون بين الدول الأعضاء وتشجيع تكاملها في المجالات التربوية والعلمية والثقافية، وتدعيم الحوار بين الحضارات ونشر قيم السلام والحرية وفقا للمنظور الحضاري الإسلامي والذي يمثل المرتكز التأسيسي للمنظمة الذي تستلهم منه الدافعية للإسهام في تقدم الحضارة الإنسانية ورفدها بمنظومة قيمية تدعم تطورها.

وأوضح سعادته أن ما يضفي أهمية استثنائية على الملتقى موضوعه الذي يتمحور حول دور البرلمانات العربية في دعم تطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار وتفعيل دورها في التنمية المستدامة، مبرزا حيوية هذا الموضوع في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع، الأمر الذي يستلزم تطويع السياسات الوطنية والإقليمية والدولية بغية مواكبة هذا التطور والاستفادة منه بما يلبي الاحتياجات الآنية والمستقبلية للدول.

وبين سعادة الدكتور الأمين العام لمجلس الدولة أن الملتقى يكتسب أهميته كذلك من الأهداف الطموحة التي يسعى إلى تحقيقها وفي مقدمتها تعزيز دور البرلمانيين في دبلوماسية العلوم، والحث على تبني التدابير اللازمة وتشريع القوانين التي تسهم في التمكين العلمي والتقني، والعمل على تعزيز جسور التعاون الإقليمي وتبادل الخبرات في هذه المجالات الحيوية، إضافة إلى تشجيع الاهتمام المجتمعي بقضايا العلوم والتقنية والابتكار وتجذير الوعي بأهميتها، وهذه المنظومة من الأهداف يمكن أن تشكل مرتكزا للتعاون البرلماني العربي في حقول العلم والتقانة والابتكار.. مبرزا سعادته أهمية توقيت الملتقى لتزايد الحاجة إلى تعزيز مكانة العلوم وتوطين التقانة وتشجيع الابتكار، بعد أن أصبحت تمثل الرهانات الأساسية للتقدم والازدهار.

وقال سعادته: إن الابتكار والعلوم في الوطن العربي لا تزال في حاجة إلى المزيد من الاهتمام والدعم حتى تواكب الطموحات، وتتلاءم مع الإمكانيات البشرية والمادية التي يزخر بها عالمنا العربي، وهذا لن يتأتى إلا بانتهاج السبل الكفيلة للارتقاء بهذه المجالات من خلال تذليل الصعوبات وإزالة العوائق التي تعترض مسار تطويرها وتفعيل إسهامها المرتجى في نهضة المجتمعات العربية والإسلامية. ويبرز في هذا الإطار دور المجالس البرلمانية والتي لم تعد مهامها في الحياة السياسية المعاصرة مقتصرة على التشريع والرقابة، بل أضحت شاملة لمختلف الجوانب التي تعنى بتحقيق التنمية المستدامة وتطور الأمم.

ونوه سعادته إلى مايبذُله مجلس عمان بمجلسيه (الدولة والشورى) من جهود في سبيل دعم النهضة العلمية التي تشهدها السلطنة، وتشجيع البحث العلمي والابتكار، وذلك من خلال ممارسة صلاحياته واختصاصاته التي تتضمن إمكانية التقدم بمقترحات ودراسات في جميع المجالات ومن بينها العلمية والتقنية والابتكارية، مسترشدا في ذلك بالتوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - والتي تحث على تسريع الخطى في السير على درب العلوم والمعرفة والانفتاح على مستجداتهما بما يسهم في الارتقاء بالسلطنة إلى آفاق المعارف الحديثة المتجددة. وأشار سعادته إلى أن السلطنة أنجزت خطوات ملموسة في هذا الإطار ومنها اعتماد الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي، وتأسيس ​مجلس البحث العلمي وإقرار مشروع الاستراتيجية الوطنية للابتكار.

وأعرب سعادته في ختام كلمته عن تطلعه إلى أن تشكل أطروحات المشاركين ونقاشاتهم إضافة نوعية قيمة لموضوعات الملتقى، وأن يحقق هذا المحفل الإقليمي المهم ما يصبو إليه من أهداف خيرة وغايات نبيلة تصب في خدمة الأمة وتعزز تقدمها الحضاري.

التعاون الإقليمي

عقب ذلك ألقت الدكتورة أمينة بنت عبيد الحجرية المديرة العامة المساعدة للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) كلمة أشادت في مستهلها بالتعاون القائم بين المنظمة وبين السلطنة عمان في المجالات التربوية والعلمية والثقافية والاتصالية، معربة عن شكرها وتقديرها للخبراء والبرلمانيين المشاركين في الملتقى.

وأشارت إلى أن الملتقى سيركز على تعزيز التعاون الإقليمي عبر دبلوماسية العلوم ودعم وتطوير دور البرلمانات العربية ومساهمتها في تنمية الدول الأعضاء وتطوير السياسات العربية الكفيلة بإحداث مؤسسات بحث ذات جودة عالية، وسبل تمويل البحث العلمي على مختلف المستويات وكذلك تعزيز استخدام الدبلوماسية لدفع الأهداف العلمية بما يسهم في بناء الروابط بين البلدان وتحقيق التنمية المستدامة بالمنطقة العربية.

وبينت أن الملتقى في دورته الحالية يهدف إلى دعم وتعزيز دور البرلمانيين في العلوم والدبلوماسية في الدول العربية وإلى استخدام وتطبيق التعاون العلمي للمساعدة في إنشاء الروابط وتعزيز العلاقات بين المؤسسات ذات الصلة في الدول الأعضاء، وكيفية النهوض بالعلوم والدبلوماسية من أجل تعزيز التنمية الإقليمية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وتعزيز التعاون الإقليمي والمساهمة في توظيف العلوم والدبلوماسية في الوطن العربي للتصدي للعوائق والتحديات التي تواجهها المنطقة العربية في ضوء العولمة والمنافسة العالمية وتسهيل التعاون العلمي والتقارب عن طريق العلوم والدبلوماسية.

وقالت إن الهدف الرئيسي من تنظيم المنتديات البرلمانية هو تعزيز دور اللجان البرلمانية في التنفيذ الفعال للسياسات وتدعيم التعاون بين كل العناصر وأصحاب المصلحة، وذلك لتشجيع اللجان البرلمانية للمضي قدما في مواكبة التطور والإسهام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية.

وأضافت: إن الايسيسكو وفي إطار اختصاصها وانفتاحها على محيطها، قامت بتنظيم أول منتدى برلماني حول "العلوم والتكنولوجيا والابتكار"، بالتعاون مع منظمة اليونسكو واللجنة البرلمانية الفنلندية في هلسنكي 2003، ومنذ ذلك الحين تم تنظيم عدد من الملتقيات والمنتديات في مناطق مختلفة من العالم، بهدف تعزيز سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار في الدول الأعضاء لمواكبة الأولويات الوطنية والإقليمية ذات الصلة ووضع الآليات والتشريعات من أجل التنفيذ الفعال للسياسات العلمية، مشيرة إلى أن المنتديات البرلمانية المختلفة حققت نجاحات في تعزيز العلوم والتكنولوجيا، لافتة إلى أن الإيسيسكو ظلت الشريك الأساسي لليونسكو في تنظيم المنتدى البرلماني الدولي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في منطقة البحر الأبيض المتوسط منذ 2015 م والذي يضم العلماء والبرلمانيين والإعلاميين وممثلي المجتمع المدني بهدف تبادل الخبرات المتعلقة بالتطورات المستقبلية في العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

وأكدت على أهمية تعزيز أدوار اللجان العلمية في البرلمانات وتطوير فعاليتها للإسهام في خطط التنمية الوطنية انطلاقا من مضمون الوثيقة المرجعية التي أعدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة وقدمتها إلى مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة في جوهانسبرغ عام 2002م تحت عنوان "العالم الإسلامي والتنمية المستدامة: الخصوصيات والتحديات والالتزامات".

العمل المشترك

عقب ذلك ألقيت كلمة معالي رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي ألقاها نيابة عنه المكرم خميس بن سعيد السليمي عضو مجلس الدولة وعضو لجنة الشؤون الاجتماعية والتربوية والثقافية والمرأة والشباب بالبرلمان العربي، أعرب فيها عن تقدير البرلمان العربي لدور سلطنة عُمان بقيادة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – في تعزيز ودعم العمل العربي والإسلامي المشترك، كما أعرب عن شكره لمجلس الدولة العماني على احتضان مثل هذه الملتقيات الهامة والفعالة.

 وأشار إلى أن البرلمان العربي يعد أحد أهم تجليات التجارب العربية في مجال التعاون المشترك، سعيا من القادة العرب لتأكيد قيم الديمقراطية والحكم الرشيد، وإيجاد فضاء عربي لممارسة مبادئ الشورى التي تقوم عليها ثقافتنا العربية والإسلامية وتضمنتها معظم الدساتير العربية، فالبرلمان العربي أحد روافد تطوير منظومة العمل العربي المشترك وتعزيز مقوماتها وتحديث آلياتها وتفعيل مسيرتها، وممثلا للشعب العربي من خلال الدبلوماسية البرلمانية والشعبية لتحقيق المصالح العليا للأمة العربية.

 

التكيف مع التطور

تضمنت أولى أيام الملتقى جلستي عمل الأولى حول دور البرلمانات العربية في السياسات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وتشتمل على أوراق مقدمة من برلمانيين وخبراء من السلطنة والمغرب ومصر والأردن حيث تدير الجلسة الأولى دكتورة أمينة الحجرية من الإيسيسكو ويقرر الجلسة منصور بن ناصر الصقري؛ حيث قدم ورقة العمل الأولى الدكتور حسام بدراوي وأشار فيها إلى التقدم العلمي والتقني الكبير الذي شهده العالم خلال السنوات الأخيرة، وقال إن دورة التقدم في العلوم، ويطيب للبعض أن يسميها دورة الحضارة، أصبحت حوالي ١٨ شهرا فقط، أي أن مولود اليوم بمتوسط عمر ٧٥ سنة ستمر عليه أكثر من ٤٠ دورة حضارة بمتغيراتها وهو أكثر من عدد دورات الحضارة التي مرت بها البشرية منذ بداية الخلق.

وقال: يجب أن يتعلم صناع السياسات التكيف مع سرعة التطور العلمي وأن يكون لديهم قدر أكبر من الاستشراف وتوقع السياسة العامة المحتملة الجديدة، سيتطلب الاستثمار المجتمعي في مجال العلوم تحديد الأولويات فإن التقدم في مجال الصحة العامة والتعليم يستحقان اهتماما خاصا.

الدبلوماسية البرلمانية

في حين قدم المكرم حاتم بن حمد الطائي ورقة بعنوان "الدبلوماسية البرلمانية العمانية ودورها في تدعيم التعاون العلمي الإقليمي" وقال فيها" أود التأكيد على أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول، تُمثلُ أحد أبرز مظاهر تعزيز العلاقات بين مختلف الأقطار؛ بما يُسهمُ في تطويرها في شتى المجالات، ويخدمُ الأهداف السياسية والاقتصادية للدول. لذا يُمكن القولُ إن الدبلوماسية تعني ببساطة: "التواصلُ الإيجابي الفاعلُ بين الدول". ولقد أسهمت الدبلوماسيةُ بدور رائد في تدعيم المصالح الاستراتيجية للدول، والحفاظ عليها، وتنوعت صورُ الدبلوماسية المعاصرة؛ فتشكلت بأنماط مُتباينة، وبرز من بين هذه الأنماط ما نُطلقُ عليه اليوم "الدبلوماسيةُ البرلمانية"، وهي توجهاتٌ تمزجُ بين العمل الدبلوماسي والأداء البرلماني.

واضاف: لنبدأ أولا بمفهوم الدبلوماسية البرلمانية؛ فنعودُ لجذور الكلمة وأصلها اللغوي؛ إذ هي لفظةٌ مُشتقةٌ من اللغة اليونانية: من دبلوما (diploma) والمشتقة هي الأخرى من كلمة دبلوم (diploma)، والذي يعني أساسا الوثيقة الرسمية التي يُصدرُها أصحابُ السلطة، وتمنحُ حاملها مزايا مُعينة.

ومع تعاقبُ الأزمنة، تنقلت الكلمةُ بين اللغات الحية، ومنها اللغةُ العربية، لتعبر عن مفهوم ومعنى، يتخطيان اللفظ اللغوي، أو الترجمة الحرفية.. وباختصار، فإن الدبلوماسية هي علمُ وفنُ تمثيل الدول، والتفاوض، وإدارة العلاقات الدولية بالوسائل السلمية.

وفي الجانب الآخر، نجدُ أن البرلمان يُمثلُ هيئة نيابية ذات اختصاص تشريعي ورقابي، ويتمتعُ بالاستقلال الإداري والمالي، ويحتل مكانة سياسية يستمدها من نصوص دُستورية. وقد شهدت الدبلوماسيةُ تطورات، وتحولات عديدة، مع تطور الحضارات، وحاجتها للتعارف، والسلم، وحل الخلافات، وتجنب الحُرُوب.

وفي ظل التطور الذي شهدته وسائلُ الاتصال، وتنامي دور الرأي العام، شرعت الدول في وضع قواعد العمل الدبلوماسي، عبر المؤتمرات والاتفاقيات الدولية، وكان من أبرز هذه المؤتمرات: مُؤتمرُ فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1815م، والذي أرسى القواعد الأولية للدبلوماسية الحديثة، ببُعدها المهني، وقد تضمنت اتفاقيةُ فيينا الثانية للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961م، أهم القواعد القانونية المنظمة لهذا الحقل من التفاعل الإنساني، وتمخض عنها ما يُعرفُ بالقانون الدبلوماسي، في صُورته الحالية.

ومن خلال ورقة العمل "الدبلوماسيةُ البرلمانيةُ العُمانية ودورُها في تدعيم التعاون العلمي"، استعرض الطائي 3 محاور رئيسية، وهي مفهومُ الدبلوماسية البرلمانية، ومجلسُ عُمان ودورُهُ في تعزيز العلاقات الدولية، ودورُ الدبلوماسية البرلمانية في توطين العلوم والتقنية والابتكار.

وأضاف: في تجربتنا العُمانية، نجدُ أن رأس الدولة حضرةُ صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظهُ اللهُ ورعاه- يتولى صياغة السياسات الخارجية، وترتيب الملفات الدبلوماسية، ويُعاونُ جلالته فيها الوزيرُ المسؤولُ عن الشؤون الخارجية، بجانب مُؤسسات الدولة الأخرى ذات الصلة.. مما مكن عُمان اليوم لتكون واحة سلام غناءة، وقلعة حياد إيجابي، شامخة بشموخ ماضيها العريق، وتاريخها التليد.. يقصُدُها كل حالم بعالم نقي، يسوُدُه الأمنُ، والسلامُ، والاستقرار، وقد أحدثت التطوراتُ المتسارعةُ في العلاقات الدولية تأثيرات كبيرة على الشؤون الداخلية للدول، سُرعان ما انعكست على طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية لشعُوبها. لذا؛ فقد فرض هذا الوضعُ على البرلمانات الوطنية ضرورة المساهمة في الجهود المبذولة؛ من أجل تحقيق السلم، والأمن، والديمقراطية، والتنمية، وتحقيق التبادل العلمي والمعرفي. وكل ما سبق يُسهمُ في إحداث التقارب بين الثقافات، والديانات، والحضارات.

واختتم بالإشارة إلى أن البرلمانات العربية، ومجلس عُمان على وجه التحديد، منوطٌ بها السعي نحو الاستفادة من الدبلوماسية البرلمانية في تعزيز علاقات التعاون في مجالات البحث العلمي، والتقنية، والابتكار؛ بما يكفلُ لمختلف الأطراف الاستفادة من الخبرات المتقدمة، والبناء على أحدث ما توصلت إليه الحضارةُ الإنسانيةُ الحديثة؛ لضمان تقدم البشرية، وتطورها في شتى ميادين العمل، وتحقيق التنمية المُستدامة التي ننشُدُها جميعا.

 

 

في حين قدمت الدكتورة سمية بن خلدون ورقة بعنوان " أي دور للبرلمان في تعزيز البحث العلمي والابتكار- حالة المغرب " وأوصت فيها بمواصلة "الإيسيسكو" العمل في هذا الاتجاه من أجل تراكم الخبرة الضرورية في تشخيص مصادر الاختلالات المؤثرة سلبا على علاقة البرلمانات بالبحث العلمي والابتكار؛ وتنظيم دورات تدريبية للبرلمانيين في مجال تملك مهارات وقدرات تقييم السياسات العمومية ذات الصلة بالبحث العلمي والابتكار؛ كما دعت الى إصدار دليل عملي منهجي لصالح البرلمانيين يساعد على فهم واستيعاب أهمية حضور البحث العلمي والابتكار في مختلف واجهات العمل البرلماني؛ والتعريف بالتجارب البرلمانية الناجحة في هذا المضمار؛ وإحداث روابط وشبكات لوزراء البحث العلمي السابقين والحاليين بالدول الأعضاء وتنظيم ملتقيات تجمعهم برؤساء اللجان البرلمانية ذات الصلة ببرلمانات الدول الأعضاء؛ وتنظيم ملتقى سنوي دوري ومنتظم تحتضنه مقرات برلمانات الدول الإسلامية على التوالي يخصص لبحث سبل تطوير علاقة هذه البرلمانات بالبحث العلمي والابتكار وتمكين البرلمانيين والبرلمانيات من الخبرات والممارسات الفضلى في جعل العمل البرلماني في خدمة البحث العلمي والابتكار مقترحة استضافة برلمان المغرب للدورة الأولى لهذا الانعقاد في العام المقبل.

 

سد الفجوات

في حين تحدث الدكتور يوسف عبد اللات في ورقتة التي تحمل عنوان "تعزيز دور العلوم والتكنولوجيا والابتكار في التنمية المستدامة" عن وجود "فجوة" بين البحوث التي تجري في المؤسسات الأكاديمية وترجمتها إلى منتجات قابلة للتسويق.

وأشار إلى أن مشروع برنامج "دكتور لكل مصنع " انطلقت فكرته لبناء جسر حقيقي لربط الصناعة الوطنية بالمؤسسات الأكاديمية وكان نقطة انطلاق لبناء الثقة بين الطرفين وتميزت فكرته بكونها فكرة غير تقليدية قابلة للتطبيق وكونه البرنامج الأول من نوعه في الأردن والمنطقة. كما إن تأمين تمويل الصناعة لمشاريع في مراحلها المبكرة أمر جدا صعب، لأن الصناعة عادة ما تبحث عن تقنيات أكثر ثراء للدعم. لذلك، قام البرنامج الوطني بعدة مبادرات لتقديم المشاريع الواعدة ولم يكن للبرنامج أن يحقق إنجازاته دون تعاون العديد من الجهات الداعمة كصندوق دعم البحث العلمي كداعم رئيس، وغرفة صناعة عمان، وغرفة صناعة الأردن والجامعة الأردنية وغيرها من الجهات الأخرى. حيثُ تبنت المشاريع المنفذة بالبرنامج حل المشكلات والعقبات التي تواجه قطاع الصناعة بطرق ووسائل مبنية على أسس علمية إبداعية وبهذا عززت دور البحث العلمي التطبيقي التي تقوم به مؤسساتنا الأكاديمية

وأوضح قائلا: إن أهداف البرنامج هو الاستفادة من الثورة المعرفية والخبرات الكامنة وغير المستغلة للأكاديميين المتميزين في الجامعات الأردنية ونقلها للطلبة والباحثين لتحسين جودة المخرجات التعليمية وتطوير مشاريع تنموية بعيدة المدى تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني من خلال الاستغلال الأمثل لقدرات القطاع الصناعي والأكاديمي بشكل خاص، والعمل على ربط الإنتاج الوطني بالحاجات الحقيقية المحلية وزيادة الطاقة الصناعية بالمصانع الوطنية، بالإضافة إلى الاستفادة من الموارد المحلية وتصنيع المواد محليا من أجل تحسين وزيادات قدرة الاقتصاد الوطني ودعم البعد التوعوي المبني على الإبداع والابتكار الذي يؤثر على التنافسية والقيمة المضافة، وإيجاد فرص عمل جديد وزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي وتطوير الصناعات المحلية وربطها بالتكنولوجيا الحديثة، وتكمن فوائد البرنامج للمشاركين الأكاديميين لرفع درجة التثقيف والتعلم ونقل التكنولوجيا لدى المشارك، وزيادة الدخل، وتطوير مهارات الاتصال والعلاقات العامة، بالإضافة إلى تطوير الخبرات العملية والذي ينعكس إيجابا على الطلاب في غرفة الصف، والعمل على تعزيز المعرفة لتطوير المناهج الدراسية مستقبلا، وتطوير مهارات حل المشاكل لدى المشارك والخبرات العملية.

أما على مستوى الشركات والصناعة، فتكمن في تطوير المعارف لدى الشركة من خلال التطبيقات النظرية والعملية في حل المشكلات، وزيادة ربح الشركة وتقليل نفقاتها من خلال التعرف على أحدث الأساليب الهندسية والعلمية، ورفع درجة التثقيف والتعلم ونقل التكنولوجيا، والحصول على مورد بشري إضافي، بالإضافة إلى التعرف إلى المشاكل غير الظاهرة وتطوير مهارات حل المشاكل لدى الشركة.

وحول التوجهات المستقبلية ترى الورقة العمل على طرح فكرة الأستاذ الممارس (Industrial Professor) للاستفادة من الخبرة العملية والفنية الموجودة بالصناعة في الجامعات الأردنية وفتح باب الجامعات والمراكز البحثية للخبرات الصناعية، وفقا لتعليمات وشروط يجب توفرها في الأستاذ الممارس، والتركيز على القطاعات الصناعية كل قطاع على حدة وكذلك تدريب الطلاب وتهيئتهم لهذا القطاع تحديدا بشكل مدروس ومحدد لإيجاد فرص عمل وفق متطلبات هذا القطاع مبني على خصوصية القطاع وكذلك مدعوم بالمهارات العملية والمعرفية التي يحتاجها هذا القطاع. وتسويق المنتجات الأكاديمية (Commercialization of Research Products) والتي تتمثل في مشاريع التخرج أو الأفكار الإبداعية الريادية (Innovation & Entrepreneurship ) أو دعم المشاريع الناشئة (Start Up).

فيما استعرضت الجلسة الثانية التي رأسها المكرم دكتور سعيد بن مبارك المحرمي تجارب من المجالس البرلمانية في عدد من الدول العربية في مجال دعم التعليم والبحث العلمي والابتكار. حيث قدمها سعادة علي القطيش عضو مجلس النواب بمملكة البحرين، استعرض فيها جهود مملكة البحرين في رعاية ودعم الموهوبين والعلوم والتكنولوجيا وفق أهداف التنمية المستدامة، متطرقا إلى أبرز جهود تعزيز التعاون الاقليمي والدولي في هذا المجال، كما تناول المشاريع والاقتراحات والأسئلة التي قدمها مجلس النواب البحريني في مجال دعم الموهوبين والعلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى استعراض تجربة مملكة البحرين في رعاية الموهوبين من خلال المركز المختص بهذا المجال. إثر ذلك قدم الدكتور طارق البراق عضو مجلس النواب التونسي ورقة بعنوان: "التعاون الإقليمي في مجال البحث العلمي". واختتمت الجلسة بنقاش مفتوح حول موضوعاتها.

وستعقد اليوم جلسة العمل الثالثة وستترأسها المكرمة المهندسة ناشئة بنت سعود الخروصية، حيث سيقدم الدكتور يوسف عبد اللات ورقة بعنوان "دور العلوم في التطوير التكنولوجي (خارطة طريق للابتكار في العالم العربي)" في حين يقدم نعيمة بن يحيى ورقة بعنوان "تفعيل دور البرلمان في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار وآلياته ونماذج" في حين تقدم انتصار أبو ناجمة ورقة بعنوان "دور الدبلوماسية البرلمانية في دعم العلوم والتكنولوجيا والابتكار (تجربة السودان)" من ثم يقدم الدكتور سلطان بن حسن ورقة بعنوان "التعاون الإقليمي في المجال التكنولوجي للتنمية الاقتصادية: مشروع القطار الخليجي" أما دكتورة سمية بنت خلدون فتحمل ورقتها عنوان "البحث العلمي قاطرة للتنمية السياسية والدبلوماسية: دراسة حالة" يليها نقاش مفتوح.

وستناقش الجلسة الرابعة المائدة المستديرة حول دور العلوم والدبلوماسية في تعزيز وتنمية التكنولوجيا والابتكار في العالم العربي، وسيترأسها المكرم السيد الدكتور سعيد بن سلطان البوسعيدي ويقرر الجلسة أحمد بن حمد الرواحي، ومسير الجلسة دكتور حسام بدراوي والمكرم حاتم الطائي.

حيث ستناقش الجلسة سبل تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بالإضافة إلى العلوم الدبلوماسية في الوطن العربي: أية أدوار؟ وستناقش أيضا العلوم والتكنولوجيا في العالم العربي في ضوء العولمة والمنافسة: العوائق والتحديات، يلي ذلك نقاش مفتوح.

أما الجلسة الختامية والتي ستكون يوم الأربعاء فستترأسها الدكتورة سمية خلدون ويقررها سالم بن حمود الحراصي، يلي ذلك التقرير الختامي والتوصيات.

يذكر أن الملتقى يتضمن 5 جلسات عمل تناقش عددا من الأوراق المتعلقة بموضوعه، كما ستصدر توصيات عن الملتقى في ختام أعماله من شأنها تعزيز دور البرلمانات العربية في مجال العلوم والدبلوماسية.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك