دور الإعلام في إدارة الأزمات (1 – 4)

عيسى الصوافي – سلطنة عمان - دكتوراه في إدارة الأزمات

 

بالرغم من التطور التكنولوجي الهائل الذي طرأ على وسائل الإعلام في إطار الثورة الأمية التكنولوجية مع بداية القرن الحادي والعشرون والتغيرات الكبيرة التي شهدتها المؤسسات الإعلامية مع التقدم المذهل في الأصناف والأنواع الإعلامية كافة، بحيث أصبح عبارة عن قرية صغيرة يستطيع المرء فيها مشاهدة العالم من خلال شاشة صغيرة وبكبسة زر واحدة، ويستقي منها على الأخبار والبرامج في مختلف المجالات الحياتية. وتنبع أهمية الإعلام من كونه الأداة الرئيسة في عملية الإتصال الجماهيري التي توسعت آفاقها، مع الثورة المعلوماتية والاتصالية والتكنولوجيا الحديثة (..)
إن العلاقة ما بين الإعلام والأمن هي علاقة وطيدة وكلاً مكمل للآخر فوظيفة الإعلام تساعد على تشكيل الرأي العام السليم واتخاذ الفعل المناسب والملائم بينما الأمن يسعى لتحقيق الاستقرار والشعور بالطمأنينة وتوعية الأفراد في المجتمع من المخاطر والأزمات المحتملة والمحيطة. لذلك يعتبر الإعلام أداة فعالة من أدوات الأمن وهو حلقة من حلقات التواصل والترابط مع الجماهير.

أولا - دور الإعلام في الوقاية من الأزمات والظواهر الإجرامية:
يعد الأمن المحرك الأساسي للتنمية ومن أهم مقومات تقدم وازدهار الدول والأمن كشعور واقع لا يمكن تحقيقه وترسيخه في أي مجتمع إلا من خلال إعلام فاعل وقادر على الوصول لجميع أفراد المجتمع لتنبيههم بالظواهر السلبية وأساليب مواجهتها وكيفية التعاون مع الأجهزة الأمنية لمكافحة الجريمة واجتثاث جذورها من المجتمع من خلال تقليل العوامل الدافعة إلى ارتكاب الأسلوب الإجرامي، مما يحتم استخدام وسائل الإعلام لمواجهة الظواهر السلبية في ضوء قدرة ومرونة الإعلام على إيصال الحقائق لجميع أفراد المجتمع وتحصينهم من أخطار الجريمة والانحراف. إذن فالإعلام الأمني يهدف في الأساس إلى تصحيح الأفكار والمفاهيم الخاطئة وتغير الاتجاهات السلبية لأفراد المجتمع من خلال تبصيرهم بخطورة الآثار السلبية الناجمة عن الظواهر والمشكلات الاجتماعية التي تمس أمنهم ودعوتهم للمساهمة في علاجها(..)

(أ‌)    مفهوم الإعلام:
في المعجم اللغوي وردت كلمة إعلام بمعنى إخبار أي الإخبار والتعريف، إذ تبدأ بمعرفة الإعلامي بمعلومات ذات أهمية، أي معلومات جديرة بالنشر والنقل حيث تتوالى مراحلها وجمع المعلومات من مصادرها ونقلها والتعامل معها وتحريرها ثم نشرها عبر وسيلة إعلامية. فالإعلام عبارة عن وسيلة تعمل على تزويد الناس بالأخبار والمعلومات والحقائق التي تساعدهم على تكوين رأي في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً في توجهات الجماهير، بمعنى أن الغاية من الإعلام هي الإقناع عن طريق بث المعلومات والحقائق، والأخبار، والأرقام والإحصائيات(..)
ولقد شاع مصطلح الإعلام في هذه الأيام نتيجة لحضارة العصر الحديث، إلا أن هذا لا يعني أن الإعلام كظاهرة اجتماعية فن مستحدث، بل هو يضرب بجذوره في مراحل التطور الإنساني ويتطور معها ويجدد في وسائله ساعياً لتحقيق أهدافه النابعة من احتياجات الجماعات البشرية، فالاتصال عملية أساسية في الحياة الاجتماعية فن مستحدث، بل هم يضرب بجذوره في مراحل التطور الإنساني ويتطور معها ويجدد في وسائله ساعياً لتحقيق أهدافه النابعة من احتياجات الإنسان. لذا، فالاتصال يبقى عملية أساسية في الحياة الاجتماعية لها تأثير كبير في جمع شمل الجماعة لتشعر بالتئامها.
إن الاتصال حاجة موضوعية في حياة الفرد والمجتمع، حيث عرف الإنسان الأشكال الأولى للاتصال منذ وجوده على سطح الأرض فكان الإنسان البدائي بحاجة إلى أن يتزامن مع الآخرين حفاظاً على جودة البيولوجي وضماناً لاستمرار هذا الوجود، ومن هنا واجهت الدراسات والبحوث الإعلامية صعوبة شديدة في محاولة وضع مفاهيم وتعريفات أساسية لبعض المسميات ومنها الإعلام وسوف نتناول بعض التعريفات من وجهات نظر مختلفة.
هكذا نجد أن الاتصال يلامس كافة أوجه النشاط الاتصالية التي تستهدف الجمهور بكافة الحقائق والأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة عن القضايا والمعلومات والمشكلات ومجريات الأمور بطريقة موضوعية دون تحريف، بما يؤدي إلى خلق أكبر درجة ممكنة من المعرفة والوعي والإدارك والإحاطة الشاملة لدى فئات جمهور المتلقين للمادة الإعلامية بكافة الحقائق والمعلومات الموضوعية الصحيحة هذه عن القضايا والموضوعات وبما يساهم في تنوير الرأي العام الصائب لدى الجمهور في الوقائع والموضوعات والمشكلات المثارة والمطروحة1. كما يمكن أن نرصد في الإعلام الحركية بحيث يبدو مركزاً في القيام بالإرسال والإيصال كما هو إعطاء وتبادل المعلومات سواء كانت مسموعة أو مرئية بالكلمات والجمل أو بالإشارات والصور والرموز(..)
وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر في تعريف الإعلام إلا أن لكل تعريف من التعريفات السابقة مزاياه ومعانيه باعتباره أنه يقدم معنى إضافياً يزيد من فهم الاتصال ويعكس وجهة نظر عدد من الباحثين رغم اختلاف تخصصاتهم.

(ب‌)    تطور وسائل الإعلام:
أثبتت الأبحاث والدراسات والعلوم بما لا يدع مجالا للشك أن الإعلام يلعب دوراً هاماً ورئيساً في تفاعلات الأزمة. هذا الدور تنامى مع قدوم العولمة وبدء ثورة المعلوماتية وتوسع البث الفضائي لدرجة أن الساسة ومتخذو القرار أصبحوا يعتمدون على هذه الوسائل الإعلامية في تقييم الأوضاع وصياغة المواقف والتحركات. والأصل في الإعلام وسائله أن يقدم للناس المعلومات النافعة والحقائق الثابتة، ليكون بذلك أداة توجيه وبناء ومصدر معلومات موثوقة1. كما يؤدي الإعلام دوراً كبيراً في نقل المعلومات والبيانات ونشرها ووصف الأحداث وتشكيل الرأي العام. ويفترض بالإعلام أن ينقل الوقائع ويقدم المعلومات بمصداقية وهذا ما يميزه عن الدعاية التي تعتمد على إثارة العواطف بغية السيطرة على عقول الناس.
إن التطور الذي حدث في الأعوام الأخيرة لمفهوم الإعلام والاتصال لم يكن وليد المصادفة بل ساعدته مجموعة من العوامل الموضوعية التي أدت إلى تطور المجتمعات الإنسانية ويأتي أهمها في ما يلي:
(1)     التطور الكمي والنوعي في وسائل الاتصال، ذلك أن نشأة الإعلام بمعنى الحديث تعود إلى بداية ظهور الطباعة عند القرن الخامس عشر، فكان لهذا الاكتشاف أثره الذي مكن الإنسان من الحفاظ على تراثه العلمي والأدبي، كما لعب دوراً مهماً في اتساع المعرفة وسرعة نقلها وحفظها وهيأ المناخ لولادة الصحافة باهتماماتها المختلفة. بهذا استطاعت الثروة العلمية في تكنولوجيا الاتصال وتنظيم المعلومات أن تحدث تغيراً جوهرياً في مفهوم الإعلام (..).
(2)     بروز دور ظاهرة الرأي العام وتعاظم تأثيره في الأحداث على الساحتين المحلية والدولية وقد واكب هذه الظاهرة اهتمام الحكام الذين جهدوا في سبيل توجيهها عبر وسائل الإعلام.
(3)     ظهور دور الأيديولوجيات، حيث أن للنشاط الإعلامي دور مرتبط بدخول العقائد السياسية لمجالات التاريخ الحديث.
(4)     تطور العلوم الاجتماعية والنفسية التي أعطت بعداً جديداً لمفهوم النشاط الإعلامي فغدا الإعلام حقاً إنسانياً مبرمجاً وقائداً لعملية النشاط الإنساني، إذ هو ثمرة من ثمار علوم إنسانية مترابطة.

تعليق عبر الفيس بوك