وزير الإعلام يدشن الجزء الثاني من ثلاثية "أبناء السندباد" في "جيوتك"

 

≤ الفيلم يضم 3 أجزاء: "إمبراطورية الرياح الموسمية" و"الطريق إلى الهند" و"نداء زنجبار"

≤ العمل يستهدف التأكيد على أهمية التعاون والتواصل بين مختلف الشعوب والحضارات

≤ عرض الجزء الثالث "نداء زنجبار".. غداً الإثنين

≤ المشروع بتمويل من مكتبة السالمي والجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عُمان

 

مسقط - الرؤية

دشن معالي الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام، الجزء الثاني من الفيلم الوثائقي "أبناء السندباد"، والذي يحمل عنوان "الطريق إلى الهند"، في الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عمان "جيوتك"، والذي يحمل رسالة هادفة بكلمات بسيطة ومعنى عميق، يُمكن تلخيصها في "نحو عالم قائم على العدل والاحترام وتبادل المنافع"؛ وذلك بحضور عدد من أًصحاب المعالي والسعادة ومديري العموم، والهيكل التنظيمي للجامعة، ومؤسسات القطاع الخاص والباحثين والمهتمين بالتاريخ والثقافة.

جاء التدشين تزامنا مع احتفالات الجامعة بالذكرى الخامسة لزيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- لحرم الجامعة، وذكرى مرور عشر سنوات على تأسيسها. وشهد العرض حضوراً لافتاً من الطلاب العُمانيين وبعض ممثلي المجتمع الألماني، إضافة لعدد من الأساتذة والموظفين والطلاب وأولياء الأمور والمدعوين، وعدد من الصحفيين والإعلاميين.

 ويضم الفيلم 3 أجزاء؛ هي: "إمبراطورية الرياح الموسمية" الذي دُشن في مدينة ميونخ الألمانية وتم عرضه ضمن الاحتفال باليوم العماني الألماني، والجزء الثاني "الطريق إلى الهند"، والجزء الأخير "نداء زنجبار"،

ويتعمق الفيلم الوثائقي في حياة التاجر العُماني أبوعبيدة بن عبدالله القاسم، الذي عاش في القرن الثامن الميلادي، وأبحر في البحار السبعة للتبادل الفكري والتجاري مع الصين. وعلاقة عُمان لم تقتصر على الشرق فقط، بل كانت هناك علاقات متبادلة مع دول الغرب مثل أمريكا الشمالية وأوروبا في وقت مبكر جدًّا. وقاد الاهتمام المشترك بين ألمانيا وعُمان قبل 25 عاما إلى إنشاء جمعية الصداقة الألمانية-العُمانية؛ حيث تقوم جمعية الصداقة الألمانية على توطيد التبادل الثقافي والفكري بين البلدين. ومن الأمثلة الناجحة على التبادل الثقافي: مشروع تبادل الطلاب بين مدرسة سابل في ميونخ، ومدرسة أحمد بن ماجد في عُمان. إلى جانب إنشاء الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عُمان.

 

طبيعة الشخصية العُمانية

وقدَّم مُخرج العمل فريدريك كلوتش شرحًا مبسطا عن الفيلم وطبيعة عُمان، وأبرز التحديات التي واجهتهم أثناء التصوير، إلى جانب الآلية التي اتبعوها لإظهار العمل بصورة متكاملة، مع تركيزه على المفردات العُمانية التي قام بتسليط الضوء عليها، وأكد أنَّ إنجاز المشروع تطلَّب الكثيرَ من الوقت والجهد ليظهر بالصورة المطلوبة. مشيرا إلى أنَّ المشروع نتاج 4 سنوات من العمل الدؤوب والتعاون، والاهتمام بإبراز سمات الشخصية العُمانية والطابع البسيط الذي جعلها تفرض وجودها بين الآخرين، متمنين للحضور طيب المشاهدة.

وعُرضتْ الحلقة الأولى من المشروع الوثائقي بعنوان "إمبراطورية الرياح الموسمية" في 6 ديسمبر، وتم من خلالها تقديم مدرسة الفكر الإسلامي "الإباضية" والإنجازات في الملاحة البحرية، وكيفية وصول الإسلام إلى الصين، وعن أبي عبيدة عبدالله بن القاسم، إلى جانب التعريف بطريق الحرير البحري وحطام سفينة على جزيرة بيليتونج وأخيرًا جوهرة مسقط؛ حيث ألقت الحلقة الضوء على القرون الأولى من العصر الإسلامي وتنتهي مع سقوط سلالة عائلة تانغ الصينية، الذي يتزامن مع نهاية التجارة البحرية المباشرة بين الصين ومنطقة الخليج العربي.

وأوضحت الحلقة الأولى خبرة وعراقة التجار العُمانيين من خلال ما أسسوه من تجارة راسخة عبر شبكة بحرية من الشركاء لشراء وتوزيع الموارد الطبيعية والمنتجات المصنعة. ومع مستوى التنمية والانفتاح على العالم، آمن العُمانيون بالإسلام ووجدوه متوافقآ مع حياتهم ويعود بالنفع على المجتمع والثقافة. كما أسهم حسهم الأخلاقي وتجارتهم العادلة في إبراز سمعتهم كشريك تجاري أمين.

وقد رُويت القصة من وجهة نظر التاجر العُماني أبي عبيدة عبدالله بن القاسم. وذكر في كتاب "أحداث ووقائع العرب التاريخية في القرن الثالث الهجري-القرن التاسع الميلاي" الذي حدد مسقط رأسه كقرية بهلا. وأسس البحارة العُمانيون العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الصين. ومن خلال التجارة العادلة والمنصفة، كان التجار العرب موضع ثقة وترحيب في الصين. وقاموا بتطوير وتأسيس علاقات طويلة الأجل، بما في ذلك الزواج، وإدخال عناصر جديدة لمجتمعهم، كالدين الإسلامي.

 

"الطريق إلى الهند"

الجزء الثاني من الفيلم "الطريق إلى الهند"، يسلط الضوء على الملاح أحمد بن ماجد، وأهم آثار البرتغاليين، وسقوط قلهات وكيفية مواجهة العنف والتأثيرات البيئية على المجتمع، إلى جانب عصر الإمام ناصر بن مرشد. ويأخذنا الجزء الثاني إلى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي الذي شهد تأسيس شبكة مستقرة وسليمة من المراكز التجارية حول المحيط الهندي، ومن شرق إفريقيا وعلى طول شبه الجزيرة العربية إلى بلاد فارس والهند وسيلان وإلى لصين.

ووَصَل البرتغاليون إلى المحيط الهندي للبحث عن المعرفة الملاحية والثروة الجديدة. واستولوا على طرق التجارة، ولم تسلم الموانئ العُمانية ومدينة قلهات حيث تم احتلالها وتدميرها، وأغرقت السفن البحرية التجارية، وأجبر البحارة والملاحون على الخدمة لديهم وتم إجراء العقود والمعاهدات ونقضها، وبذلك فقدت الثروة والموارد العُمانية.

ويوضح الفيلم في جزئه الثاني مع بداية القرن السابع عشر الميلادي طيف وصلت قوة البرتغال إلى أوجها، ومع ارتفاع حدة المقاومة في داخل عُمان تم إضعاف القوة الاستعمارية. وفي العام 1624، نجح ناصر بن مرشد اليعربي في توحيد القبائل العُمانية وتم انتخابه إماما لعُمان. ولأن البرتغاليين في هذا الوقت لم يريدوا المخاطرة بالقيام بأي عمل عسكري، عقدوا معاهدة مع الإمام على أساس أن يدفعوا جزية سنوية. وبتأسيس الإمامة هُزم البرتغاليون، وتم التأكيد على أهمية العلوم والتكنولوجيا، في فهم التراث الديني؛ وبالتالي ظهر عصر ذهبي جديد للقوة البحرية العُمانية.

 

"نداء زنجبار"

ويحمل الجزء الثالث من الفيلم عنوان "نداء زنجبار"، ويناقش خسارة عُمان للاستقلال وتجارة الرقيق، إلى جانب تجارة القرنفل وانفصال عُمان وزنجبار، والنفوذ العُماني والأوروبي في شرق إفريقيا، والسلطان ماجد، والسلطان برغش، وأخيرًا السيدة سالمة.

ويبدأ الفيلم في جزئه الثالث باستعادة السلطان سعيد بن سلطان هيمنة عُمان على مناطق التجارة في المحيط الهندي وإعادة ترسيمها، مع قاعدتين في إمبراطوريته: مسقط وزنجبار. وفي القرن التاسع عشر، بدأت عُمان باستغلال الموارد الطبيعية في زنجبار ووسائل الإنتاج، واعتماد اقتصاد المزارع الرأسمالي باستخدام العبيد، مع شبه احتكار عالمي لتجارة القرنفل. والنشاط الدبلوماسي مع أوروبا والعالم الجديد عزز اقتصادها، في حين أسهمت أوراق الاعتماد المستقلة لعُمان مع الشركاء التجاريين في التقليل من اعتمادها على الأوروبيين.

ويتناول الفيلم مرحلة وفاة السلطان سعيد في العام 1856، وشارك 3 من أبنائه في الصراع على الخلافة: برغش، وماجد، والأميرة سالمة. وتم تسوية الصراعات الداخلية من قبل قوة خارجية، وهي إدارة الاستعمار البريطاني الذي ثبتت ماجد كحاكم جديد في زنجبار. وكان ثمن توليه مقاليد الحكم الانفصال الاقتصادي والسياسي لزنجبار عن الموطن الأم عُمان. وجرى استعراض أحداث مختلفة أدت إلى نهاية ثورة القصر. وتوفر مذكرات الأميرة سالمة وجهة نظر من الداخل حول هذه الأحداث والمؤامرات. وبعد وفاة السلطان ماجد، تولى شقيقه برغش السلطة وقام بتحسين مستوى المعيشة، وتوفير إمدادات المياه المأمونة والكهرباء لأكثر من مائة عام، ظلت زنجبار مقر إقامة سلطان زنجبار، وموطن الكثير من العُمانيين حتى تأسيس دولة تنزانيا والثورة في العام 1964.

 

رسالة المشروع

وحمل العمل رسالة مفادها أن "أبناء السندباد" بأجزائه يخاطب الكافة من الشرق أو الغرب، وهو عن الناس وطريقتهم في التفكير والقيم المشتركة بينهم. وهو خروج عن رأي مركزية النظرة الأوروبية للتاريخ، معترفا بأنَّ الدين يتخلل الحياة اليومية للفرد، ويمده بالقوة لتحقيق ما يبدو مستحيلا إنسانيا. وهو عرض لمدرسة فكرية هي "الأباضية" التي كانت مُهمَّة جدًّا لتطوُّر فهم الإسلام في الشرق الأقصى وشرق إفريقيا.

ولم يُركز الفيلم على تقديم سيرة من الماضي فقط، بل إظهار استمرار أثره حتى اليوم. وقد تمَّ اختيار مُمثلين هُواة عاشوا تجربة تاريخهم مع المشاهدين، وقد شارك أكثر من 120 شخصا، نصفهم من عُمان، في إنتاج الفيلم، ويدل نجاح المشروع العُماني-الألماني على أنَّ التعاون البناء بين الشرق والغرب، خلافا للرأي السائد، سيكون مفيدا للجميع.

يُشار إلى أنَّ الفيلم في أجزائه الثلاث من إنتاج شركة ديماكس للإنتاج الفني، ومن تمويل مكتبة السالمي والجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عمان، وسيتم عرض الجزء الثالث للفيلم الوثائقي للجمهور غداً الإثنين.

تعليق عبر الفيس بوك