مهرجان المسرح السابع.. قراءة سابقة لأوانها!

هلال الزيدي

أيام قليلة تفصلنا عن موعد رفع ستار مهرجان المسرح العماني السابع في صحار، والأمل معقود في عروض مسرحية توازي الحراك المسرحي المتقطع، والمشوب بكثير من التحديات والأزمات، كأزمة النصوص والإمكانات المادية وموسمية الفعاليات المسرحية التي تظهر الفرق المسرحية على الساحة وتختفي بانتهاء ذلك العرس، ومهما كانت تلك التحديات كبيرة، إلا أن رغبة المسرحيين في ضبط أيقونة سينوغرافيا الحركة المسرحية تكون حامية الوطيس؛ من أجل تحريك المياه الراكدة كي نستطيع أن نُقيّم وجهتنا المسرحية، ومعرفة مدى استطاعتنا في مواكبة المستجدات التقنية والأيديولوجية، حتى نستطيع تحقيق فرجة مسرحية يتألق عبرها أبو الفنون لمعالجة ظواهر اجتماعية، وتلُّمس أوضاع ممتدة بامتداد الموضع والموقع الجغرافي.

خشبة المسرح هي الحاضن الديناميكي الذي يتحرك فيه النص المسرحي بجُمَلِه وإسقاطاته؛ من خلال حالة شعورية يتبناها المخرج يمزج الفنتازيا بالواقع، ويستخدم الرموز والأشكال والصور التعبيرية، ويثير علامات الاستفهام من أجل تقديم عرض يُلملم شتات السطور، ويغرس الممثل فيه ذاته وقوة تقمُّصه للشخصية بكافة تجلياتها وتأزماتها التي تجعل الجمهور متسمراً ومتفاعلاً منذ البداية وحتى إسدال الستار.

ثمانية عروض تدق أوتار الوجع الإنساني وتتصارع فيها قوى الخير والشر، لتصل إلى نهايات مغلقة بحسب رؤية الكاتب والمخرج، أو نهايات مفتوحة تضع الرجاء حلًّا آخر تثور عبره التوقعات التي توازي الفكر الإنساني، وتتقاطع حولها التفاسير.. تلك العروض المسرحية ستتنافس من أجل بلوغ منصة التتويج، وبها تعود الفرق المسرحية للظهور من جديد.. فهل سيوازي الحراك على تلك الخشبة الطموح المفضي إلى روح الابتكار والتجريب وإيجاد فرجة مسرحية حديثة؟

ثمة أسئلة تدور في أروقة الساحة المسرحية، فهل يا تُرى يستطيع الكاتب بدر الحمداني أن يوصل "خيارات في زمن الحرب" إلى فضاء السلام، أم أن لحوم البشر تتحول إلى لقمة سائغة كعادة الحروب البشرية؟ وهل سيعلن المخرح حسين العلوي عن ميلاد فرقة "تكوين" عبر هذا الفضاء الرحب؟ وبالتالي سيقدم رواية مسرحية خالدة في وصف الحال العروبي؟ أم أن "شيزوفرينيا جسر وديك الحاكم" للكاتب حمود الجابري ستشكل انفصاما مسرحيا تضطرب من خلاله خشبة المسرح لتشكل هلوسات الفرجة التي تدفع العقل إلى قلة التركيز؛ وبالتالي يكون الإنسان مُسيراً، وليس مخيراً؟ وهل سيكون المخرج سامي البوصافي قادرا على تشخيص وجع الخشبة قبل صياح ديك الحاكم ليسهل على الجمهور وضع العلاج؟ أم أن العلاج سيكون "مفقود" بحسب رواية الكاتب التونسي ناصر سامي، الذي يفتش فيها عن تأملات بانورامية تستقصي نصل الفقد والغياب؟ ومنها يتمكن المخرج الدكتور مرشد راقي أن يضبط بوصلة العرض ويكون الربان الذي يوقف فقدان الذات والبحث عن إبرة في كومة القش؟ أم أن "رحى" الكاتب العراقي عباس الحربي ستدور في اتجاه معاكس فتصبح الجعجعة والطحن؟ وبها يكون المخرج الدكتور شبير العجمي قادرا على إعادة عرك الخشبة "فتلقح كشافاً ثم تتنتج فتتئم"؟ أم أن صيحة "ندبة" الجنوب للكاتب عماد الشنفري سيدوي صداها حتى كمزار شمالاً؟ لتصبح جسداً واحداً يتماسك كلما اشتدت عليه الظروف؛ وبالتالي ستحقق انتصاراً مدوِّياً؟ وربما ستكون تلك الندبة علامة يضعها المخرج خالد الشنفري أبو سبعة في عمق الخشبة فتكون ندبات لا تندمل في الفضاء المسرحي، أم أن "ساعات رملية" للكاتب والمخرج (في آن واحد) بدر الحمداني ستكون دقيقة في تسجيل اللحظات التاريخية، ومنها تكون رمالا ناعمة تسهل حركة الممثلين على الخشبة، ويكون لهم ظهور متماسك في تجربة "المؤلف والمخرج معاً"،  أم أن "قرية برمودا" للكاتب المجري أسطفان أوركيني، والتي أعدها مسرحيا الدكتور عجاج سليم، ستنهي سنوات الضياع الذي لم يجد لمثلثها أيَّ تفسير حتى الآن؟ وبالتالي سيكون المخرج خالد الضوياني الكابتن الذي يستطيع أن يجعل قمرة القيادة متصلة بأبراج المراقبة على يمين ووسط ويسار القاعة؟ أم أن "على يمين الملك" للكاتبة الدكتورة آمنة الربيع سيكون لها موقع محجوز لفرقة مسقط الحر؛ فيعبر من خلاله المخرج جاسم البطاشي ليعتلي كعادته قلوب الجمهور؟

وعلى تلك الخشبة، سليتقي النجوم والهواة، وتتصارع الكفاءات، لكن الأهداف تتَّحد من أجل إنجاح المهرجان، كما أن الطموحات ستدفع بالأسماء إلى صراع حقيقي في إثبات الوجود للظفر بأفضل ممثل وأفضل ممثلة؛ فهل ستدوي ندبة عبدالله مرعي على الخشبة فتكون دويًّا لا يتوقف؟ وهل ستكون زهى قادر قادرة على الاستحواذ على بطاقة العبور؛ كونها تتكئ على مجد فني وظهور متفاوت؟ وهل يستطيع عبد الحكيم الصالحي أن يتصالح مع المهرجانات، وتنفك عقدة الحصول على الجوائز؟ وهل ستكون قبضة نهاد الحديدية قوية على مفاصل اللعبة المسرحية؟ أم هناك كلمة أقوى لشيماء البريكية تثبّت بها ذاتها؟

----------------------------

همسة:

السؤال الأهم في محور هذا العرض هو: متى تستطيع وزارة التراث أن تردم هوة الدعم المادي، عبر إطلاق مبادرة دعم القطاع الخاص للمهرجانات المسرحية؟

 

abuzaidi2007@hotmail.com