مبادئ الديمقراطية المعاصرة (2-2)

د. طلال الحسني

**خبير القانون الدولي العام

استكمالا لما سبق نشره في الجزء الأول من هذا المقال، نطرح تساؤل البعض عن معنى الديمقراطية وأصلها اللغوي ونشأتها والمبادئ الرئيسية التي تقوم عليها الديمقراطية في العالم المعاصر.

ونجيب بأن الديمقراطية هي كلمة ذات أصل إغريقي أويوناني، وهي تتكون في اللغة اليونانية القديمة من مقطعين وتعني الشعب وتعني السيادة أوالحكومة أوالسلطة. والديمقراطية قبل أن تكون نظاماً للحكم كانت مذهباً سياسيًا نادى به الفلاسفة وكتاب العلوم السياسية وقد كرستها مواثيق دستورية هامة تمثلت أساسا في إعلان حقوق الإنسان والمواطن في الولايات المتحدة وفرنسا.

ويختلف الأخذ بالديمقراطية بحسب ظروف وطبيعة وعادات وأعراف كل دولة، وتحاول كل دولة تطبيقها بقدر من النجاح مع الحاجة للتطوير إلى الأفضل.

ومن أهم المبادئ الرئيسية التي تستند عليها الديمقراطية في العالم المعاصر :مبدأ الحرية ومبدأ المساواة.

فالديمقراطية تقوم على أن حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول بالكتابة أوالتصوير أوغير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون وتعطي حرية الرأي للإنسان الحق في أن يكون له رأيه الخاص في العلاقة التي تربطه بغيره في شتى نواحي الحياة .

وحرية الرأي من الحريات الأساسية التي تحتمها طبيعة النظام الديمقراطي وتعد ركيزة لكل حكم ديمقراطي سليم. وحرية الرأي مصدر للكثير من الحريات فهي بمثابة الحرية الأصل التي يتفرع عنها الكثير من الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها وتعد المدخل الحقيقي لممارستها ممارسة جدية كحق النقد وحرية الصحافة والطباعة والنشر وحرية الرأي ضرورة لمباشرة الحقوق السياسية وإمكان المساهمة بهذه الحقوق العامة في الحياة السياسية مساهمة فعالة كحق الانتخاب والتشريع وإبداء الرأي في الاستفتاء. والنظام الديمقراطي يقوم على مبدأ المساواة ويقصد بمبدأ المساواة هي المساواة القانونية التي تعني عدم التفرقة أوالتمييز بين الأفراد في تمتعهم بالحقوق والحريات التي يكفلها القانون.

والمساواة أمام القانون تعني المساواة في الحقوق السياسية والتي تتمثل في حق التصويت وحق الترشيح للمجالس النيابية وحق تولي الوظائف العامة والمساواة في الحريات العامة والمساواة في الأعباء العامة.

ويثار التساؤل عن الديمقراطية الاقتصادية والاجتماعية في العالم المعاصر. واليقين هو أن الديمقراطية الاقتصادية تتطلب تنظيم الاقتصاد القومي لكل دولة وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وزيادة فرص العمل وربط الأجر بالإنتاج وضمان حد أدنى للأجور.

أما عن الديمقراطية في العالم المعاصر فهي تعني أن المجتمع يقوم على التضامن الاجتماعي وأن الدولة تكفل تكافؤ الفرص لجميع المواطنين وأن الأسرة التي قوامها الدين والأخلاق هي قوام المجتمع وواجب الحفاظ على الطابع الأصيل للمجتمع وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد وأن العمل وواجب وشرف تكلفة كل دولة.

أخيرًا.. علينا أن نبرز أهم صورة من صور الديمقراطية التي عرفها العالم وهي الديمقراطية الإسلامية أن نظام الحكم في الإسلام كما طبقه الخلفاء الراشدون يعتبر صورة رفيعة من صور الديمقراطية لأنه يقوم على أساس صادق من إرادة المسلمين وجعل الإسلام الحنيف المشاركة في الحياة السياسية واجبًا على أهلها أو القادرين عليها.

وتفوق الديمقراطية الإسلامية كافة صور الديمقراطية التي عرفها العالم خاصة من حيث الهدف الذي تسعى إليه فهي تستهدف تحقيق مصلحة الناس في الحياة الدنيا وكذلك ضمان سعادتهم في الحياة الأبدية أيضًا والآخرة خير وأبقى.

d.94065488@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك