إلى متى سيظل تسجيل الطلاب بالصف الأول مفتوحًا؟!

سيف المعمري

في الوقت الذي يطالب فيها أولياء الأمور وزارة التربية والتعليم بالتخطيط السليم لجميع عناصر المنظومة التعليمية، تبرز تحديات للوزارة تحول دون تحقيق الأهداف التي ترنو إليها؛ بسبب فتور آليات التواصل بين الوزارة وأولياء الأمور والتي يمكن من خلالها توحيد الرؤى حول كل ما يتعلق بمجالات العمل التربوي، والتي تتجسد في الكثير من الظواهر والتي لا يتسع المقال لذكر جميعها ولكن سنفرد لأحدها وهي ظاهرة عزوف بعض أولياء عن تسجيل أبنائهم المستجدين في الصف الأول والذي تقوم الوزارة بالإعلان عنه مع بداية كل عام دراسي، ويبدأ التسجيل الفعلي خلال شهرين ميلاديين، وقد بدأ تسجيل الطلبة المستجدين للصف الأول للعام الدراسي المقبل 2018/2019 منذ صباح يوم الأربعاء الذي يوافق الرابع من أكتوبر الماضي ويستمر حتى نهاية الدوام الرسمي يوم الخميس الذي يوافق السابع من ديسمبر المقبل.

ورغم تبسيط إجراءات التسجيل التي قدمتها الوزارة خلال الأعوام الدراسية الماضية والمتمثلة في فتح باب التسجيل على مدار الساعة، ولمدة شهرين من خلال الدخول على بوابة سلطنة عُمان التعليمية (www.moe.gov.om)، ورغم بث رسائل إعلان التسجيل عبر مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية وقنوات الاتصالات الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي من خلال حسابات الوزارة الرسمية، وكذلك المحافظات التعليمية إلا إنّ ذلك لم يكن كافيا -على ما يبدو- للكثير من أولياء الأمور للتخلف عن مواعيد التسجيل، والتعلل بأعذار ربما الكثير منها غير مقنع في عصر أصبحت الأخبار والمعلومات تتدفق على جميع وسائل الاتصالات المختلفة، وأصبح من النادر أن تجد ولي أمر لا يحمل هاتف متنقل ولديه حسابات على شبكات التواصل الاجتماعية جميعها أو بعضا منها كالواتساب مثلا، وخلال العام الدراسي الماضي على -وجه التحديد- قامت الوزارة بفتح باب التسجيل لمرتين خلافا لفترة التسجيل الفعلية الأولى.

أمّا عن نماذج الأعذار التي يسوقها أولياء الأمور المتخلفين عن تسجيل أبنائهم تتمثل في عدم كفاية آليات التوعية والإعلان عن مواعيد التسجيل التي تقوم بها الوزارة بمختلف الوسائل الإعلامية، والبعض الآخر يتعللون بعدم إلمامهم بالتسجيل عبر البوابة التعليمية أو أنّه لا توجد لديهم شبكة الإنترنت في منازلهم، ويرى طرف ثالث من أولياء الأمور بأنّهم تعودوا على مواعيد تسجيل أبنائهم للصف الأول في نهاية الفصل الدراسي الثاني حسب ما كان معمول فيه قبل عدة سنوات، والبعض يتعللون بأنّهم يرغبون في تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة بعد أن يتيقنوا من إمكانيات كل مدرسة في بداية ذلك العام الدراسي، ونحو ذلك كثير.

وخلال العام الدراسي الحالي، فإنّ العدد الإجمالي لمواليد 2012م المتوقع تسجيلهم بالصف الأول في العام الدراسي 2018/2019 حوالي 75301 طالب وطالبة، منهم 56475 طالبا وطالبة في المدارس الحكومية، و18826 طالبا وطالبة في المدارس الخاصة، وخلال فترة التسجيل الممتدة من الرابع من أكتوبر الماضي وحتى آخر إحصائية للوزارة قبل نشر المقال، بلغ عدد الطلبة المسجلين 37031، فيما بلغ عدد الذين لم يسجلوا 19444 طالبا وطالبة، ولم تبق من فترة التسجيل سوى خمسة عشر يوما فقط والتي تنتهي في السابع مند ديسمبر المقبل، ونما إلى علمي من مصدر مؤكد بأنّ الوزارة لن تفتح باب التسجل بعد ذلك اليوم، وعلى كل أولياء الأمور الذين تخلفوا عن مواعيد تسجيل أبنائهم خلال الفترة المحددة تحمل مسؤولياتهم تجاه ذلك التخلف.

وبصفتي ولي أمر لا أجد أي مبرر لتخلف أولياء الأمور عن تسجيل أبنائهم المستجدين للصف الأول، فالفترة المحددة للتسجيل طويلة ومناسبة، فضلا إنّ كل ولي أمر لا يستصعبه تقدير عمر طفله بعد تجاوزه سن الخامسة والثمانية أشهر فأعلى من العمر، وإنّ معظم أولياء أمور الطلبة من مواليد 2012 هم آباء وأمهات متعلمون ومعظمهم إنّ لم يكن جميعهم لا يوجد لديه أقل من دبلوم التعليم العام، كما أنني لا أجد أي مبرر للوزارة بإعادة فتح باب التسجل مرة أخرى، بعد انتهاء الفترة الفعلية إلا بإجراءات تعلن عنها مسبقا، وتتمثل فرض رسوم مالية على أولياء الأمور المتخلفين عن تسجيل أبنائهم بالاتفاق مع الجهات المختصة في الحكومة، وتعهد ولي الأمر بتحمل تكاليف نقل ابنه في أي مدرسة يتوفر له شاغر، بعد اكتمال نصاب كل مدرسة من الطلبة المستجدين حسب الطاقة الاستيعابية لكل مدرسة.

كما أرجو أن تتعاضد جهود جميع المؤسسات المعنية بحقوق الطفل في السلطنة كوزارة التنمية الاجتماعيّة واللجان الوطنية ذات العلاقة، وتبني مجلسي الدولة والشورى لدراسة وتشخيص أسباب هذه الظاهرة، ووضع اجراءات حازمة ضد أولياء الأمور الذين يتحملون مسؤولية حرمان أبنائهم من حق التعليم، وإحالة من يتخلف عن تسجيل ابنه في التعليم الالزامي إلى الادعاء العام للتحقيق، فـ "الحقوق التعليمية" التي جاءت بها المادة (36) في الفصل الخامس من قانون الطفل العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني(22/2014) تنص على:" للطفل الحق في التعليم المجاني في المدارس الحكومية حتى إتمام مرحلة التعليم ما بعد الأساسي. ويكون تعليم الطفل إلزاميا حتى إتمام مرحلة التعليم الأساسي، ويقع على عاتق ولي الأمر مسؤولية تسجيل الطفل، وانتظامه في المدرسة، والحيلولة دون تسرّبه منها" فمظلة التعليم المجانية التي تنعم بها بلادنا يجب ألا تقابل من قبل فئة من أولياء الأمور باللامبالاة والتسويف لمحاولة إضاعة حق أبنائهم في التعليم، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ستفتح وزارة التربية والتعليم باب التسجيل - مرة ثانية - للطلبة المستجدين في الصف الأول للعام2018/2019م- حتى لو لم يكتمل العدد الإجمالي لمواليد 2012- بنهاية دوام يوم السابع من ديسمبر المقبل؟!

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت.

Saif5900@gmail.com