روحٌ نابضةٌ لوطنٍ خالد

 

مسعود الحمداني

 (1)

كلما أطل 18 نوفمبر من سدرته العلويّة، أطلت عمان من خدرها المعقود بماء الأمل، كقطعة من ياقوتة زرقاء، محمّلة بالجمال الذي يرصعها من رأس السماء إلى أخمص الأرض، مطرزة بجواهر الأحلام، ومدثرة بزبرجد الأيام، تغرس نخيلها الباسقات في قلب الأديم، وتكتب في سِفر التاريخ روايتها التي لا تنتهي إلا ببداية جديدة، أكثر تألقا، وألقا، إنها الجوهرة التي لا تزيدها الأيام إلا بريقا، وقدرة، وحياة..

(2)

قبل 47 عاما مضت أشرقت شمس جديدة على هذه الأرض، تبدلت الحال غير الحال، وبدأت حكاية خالدة خطتها أنامل العمانيين، وسطرتها سواعدهم، تحفر بإزميل الكفاح في تربة الحرية، فانقشع غبار الجهل، والفقر، والمرض، وتسارعت دقات الساعة لتعلن موعدا لا يُنسى، يتراءى للذاكرة كلما تبدلت روزنامة التاريخ، وتعاقب الليل والنهار، هنا..كتب العمانيون تاريخهم الجديد الناصع، ونبشوا بأظافرهم كهوف الظلام، ليبدأ عصر يعبق بالزهو، والخير، والمنجزات التي لا تتوقف.

(3)

قابوس بن سعيد بن تيمور بن فيصل بن السلاطين الأماجد، وريث الدولة البوسعيدية، ومحرر طاقاتها من وعثاء السفر الطويل، وملهم شعبها الحلم البعيد، ومجدد طاقات شبابها، الاسم الذي سيظل محفورا بأحرف من ذهب نورانيّ في قلب التاريخ، خالدا كنهر جارٍ لا ينقطع، ولا ينضب، قائد أتى ليصنع المجد، ويعيد لعُمان كبرياءها، ويستعيد ماضيها التليد، ويصنع حاضرها المشرق، قاد ركب الخير، ولم ييأس، ولم يتذمر، ولم يكل أو يمل، واستطاع خلال فترة وجيزة من الزمن أن يعيد الأمور إلى نصابها، ويسترجع ما فقدته البلاد من هيبة، وبزغ فجره الشارق الذي لا يخبو، ولا ينطفئ، على مر الأيام المسرعات..  

(4)

وطن عظيم.. وقائد عظيم.. وشعب عظيم.. اجتمعوا ليكونوا الحدث الأجمل في هذا الكون، وُلدوا معاً في ليلة قمراء، وساروا معا رغم كل الصعاب، ووصلوا لغاياتهم رغم مشقة الطريق، ووعورة المعضلات، وقسوة الظروف..

وقفوا أمام المصاعب بصلابة الألماس، وشراسة الأسود، وكبرياء النجوم، وفتحوا في كل يوم بابا لم يكن ليفتح، وأناروا كهوفا أظلمت طيلة عقود، وأثمر غرسهم أجيالا من المتعلمين، والعاملين المخلصين لوطنهم، والقادرين على دحر كل فعل غاشم، متسلحين بنور العلم، وجلال الوطن، وهيبة السلطان.

(5)

47 عاما هو عمر الدولة الوليدة التي أصبحت اليوم في عز شبابها، وقوتها، تعلّم العالم دروسا في العطاء، والوفاء، والولاء، والتضحية، والإنجاز الذي لا يعرف سقفا، ولا سماء، ولا حدودا، كبر أبناؤها، وشاخوا، ولكن قلب الوطن لا يزال نابضًا بحبهم، وبشغفهم في الحياة، لم يكبر إلا بهم، ولم يتطور إلا بعقولهم، ولم يحيا إلا بصبرهم وكفاحهم، وتكاتفهم في وجه المعضلات التي تكسّرت أمام صفهم، ووحدتهم، ووعيهم.

(6)

كل الحب لهذا الوطن..

كل الولاء للسلطان المفدى..حفظه الله .

كل التقدير لشعب عمان الأوفياء.

في مثل هذا اليوم (18 نوفمبر) وُلدت عمان..التي لا تعرف اليأس..ولا تعترف بالمستحيل.

Samawat2004@live.com