قصائدُ هَايْكُو

د. محمَّد حِلمي الرِّيشة – فلسطين
رئيس بيت الشعر الفلسطيني وباحث ومترجم


مَا حَاجَتِي لِمَائِكَ؟
أَنَا
نَحْتُ نَفْسِي!
*
بَائِعُ الظِّلِّ-
يَبِيعُكَ ظِلَّهُ بِشَمْسٍ خَرِيفِيَّةٍ،
وَيُغَادِرُكَ بِبُطْءٍ!
*
كَظِلٍّ
يَقُومُ
وَحِيدًا!
*
البَعِيدُ عَنِ العَيْنِ
بَعِيدٌ عَنِ الأُخْرَى!
قَالَتِ العَيْنُ الثَّالِثَةُ.
*
بِوُثُوبِهَا، وَثَبَاتِهَا، وَضِيَائِهَا-
بَيْضَاءُ نَاصِعَةُ الفَرَاشَةِ
مِثْلُ دَمِ القَصِيدَةِ!
*
لَيْسَتْ لِلسَّمَاءِ أَجْنِحَةٌ،
لكِنْ.. لِي-
إِلَيْهَا!
*
ظِلِّي مَعِي فِي عَتْمَتِي؛
ظَلِّي مَعًا
ظِلِّي!
*
حَتَّى خَلْفَ نَسِيجِ الثَّلْجِ؛
الوَجْهُ لِي،
وَالاسْمُ أَنْتِ!
*
دُورِيٌّ يَشْعُرُ بِالدُّوَارِ
كُلَّمَا طَارَ
كُلَّ مَرَّةٍ!
*
زَهْرَةً بِلَاسْتِيكيَّةً كَانَتْ
تِلْكَ الَّتِي حَطَّتْ عَلَيْهَا
نَحْلَةُ الرَّبِيعِ ا لـ ـعَـ ـرَ بِـ ـي!
*
نَمَتْ عَلَيْهِ أَعْشَابٌ
سَبَبَ خُطًى غَائِبَةٍ –
رَصِيفُ انْتِظَارٍ!
*
كَثِيرَةٌ حَوْلَكَ، لكِنْ
لِأَنَّكَ أَنْتَ، لَا يَرَاكَ –
مَاءُ مَرَايَاكَ!
*
أَسْتَيْقِظُ دَاخِلَ حُلُمِي..
أَشُكُّ سُبْحَةَ نَدًى
قَبْلَ شُرُوقِ شَمْسِي!
*
المَسَاءُ يَهْبِطُ.. وَحِيدًا
الصَّبَاحُ يَطْلَعُ.. وَحِيدًا
أَنَا مَعَهُمَا أَبْدُو.. وَحِيدًا
*
الأَرْضُ عَطْشَى..
المَطَرُ يَغْلِي حُرِيَّةً
فِي عُرُوقِ الغَيْمِ!
*
يُرَطِّبُ جَبِينَ الشَّمْسِ
بِفُوطَةٍ كَاذِبَةٍ–
طَائِرُ أَوَّلِ نِيسَان!
*
أَنَا لَا أُحِبُّكِ فَقَطْ؛
أَنَا أُحِبُّنِي فِيكِ!
قَالَ العِطْرُ لِلْوَرْدَةِ.
*
أَخَذَتْهَا السَّمَاءُ..
تَرَكَتْ لَنَا بَعْضَ أَشْيَاءِ طُفُولَتِنَا- الأَبْقَى مِنْهَا-
أُمُّنَّا الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ!
*
ثَلَاثَةُ فُصُولٍ مَعًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ!
آثَرَ عُزْلَةَ الشَّاعِرِ–
الفَصْلُ الرَّابِعُ!
*
اليَمَامَةُ المَقْدِسِيَّةُ فِي البُسْتَانِ
بُسْتُهَا بِدَمِي.
قَالَ شَهِيدُ- الغِرْبَانِ!
*
دُورِيٌّ يَشْعُرُ بِالدُّوَارِ
كُلَّمَا طَارَ
كُلَّ مَرَّةٍ!
*
أَسْتَيْقِظُ دَاخِلَ حُلُمِي..
أَشُكُّ سُبْحَةَ نَدًى
قَبْلَ شُرُوقِ شَمْسِي!
*
المَسَاءُ يَهْبِطُ.. وَحِيدًا
الصَّبَاحُ يَطْلَعُ.. وَحِيدًا
أَنَا مَعَهُمَا أَبْدُو.. وَحِيدًا
*
أَمْسِ سَأَلَنِي
عَنْ سَبَبِ ابْتِسَامَتِي الفَاتِرَةِ اليَوْمَ-
طَائِرُ الحَسُّونِ الوَطَنِيِّ!
*
حِينَ فَقَدَهَا فِي حَرْبٍ قَذِرَةٍ؛
اخْتَرَعَ أُمَّهُ الطَّاهِرَةَ-
الطِّفْلُ الشَّاعِرُ!
*
الوَرْدَةُ الأَجْمَلُ؛
هذِهِ الَّتِي بِنَدَى يَدِهِ-
أَنْتِ!
*
تَتَغَذَّى لَهَا،
أَمْ تَسْرِقٌ رَحِيقَ الأَزْهَارِ لِتَشْفِينَا-
هذِهِ النَّحْلَةُ الصُّعْلُوكَةُ؟!
*
لَيْتَكِ الَّتِي تَأْكُلُ،
وَمَنْ يَشْبَعُ أَنَا!
أَقُولُ لِلْقَصِيدَةِ.
*
لَا أُرِيدُ أَنْ أَصْطَادَهُ.
أُرِيدُهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَنْ قَضْمِ مَتَاهَتِي-
جُنْدُبُ الوَقْتِ!
*
نَحْوَ سَنَاهِمَا الأَزْرَقِ
تَفِرُّ رِيشَتَا رَعْشَتَيْنِ بَيْضَاوَيْنِ
مِنْ مُسَوَّدَةِ قَفَصَيْهِمَا!
*
حَتَّى وَإِنْ-
صَعْبٌ اصْطِيَادِي، وَصَعْبٌ سُقُوطِي.
يَقُولُ الفَتَى الطَّيْرُ!
*
عَلَّمَنِي، جَيِّدًا، بِصُدْفَةِ رَاءٍ
حِينَ كُنْتُ شَاطِئًا ذَاتَ مَرَّةٍ-
الزَّبَدُ الَّذِي يَذْهَبُ جُفَاءً، فَلَا يَنْفَعُنِي!
*
جَعَلْتُهَا تَرْتَاحُ عَلَى كَتِفِي-
الوَرْدَةُ الَّتِي تَصَدَّقتْ بِحُبَيْبَاتِ الطَّلْعِ
عَلَى فُقَرَاءِ الشِّعْرِ!
*
عَلَى الحَافَّةِ، وَبِدُونِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَوْقِعِ سَاقَيْهِ؛
يَقِفُ بِثَبَاتِ عَيْنهِ نَحْوَ هَدَفِهِ-
طَائِرِي الشُّحْرُورِ.
*
يُمَسِّدُ أَمْوَاجَ البَحْرِ،
وَيَسْبَحُ فِي مَاءِ مُخَيَّلَتِهِ-
الوَلَدُ الَّذِي أَغْرَقَنِي فِي دُوَاةِ الحِبْرِ!
*
حَتَّى وَإِنِ اسْتَطَاعَ غُرَابٌ إِطْفَاءَهُ بِسَوَادِهِ،
إِلَّا أَنَّهُ لَنْ يَسْتَطِيعَ إِخْفَاءَ حَقِيقَتِهِ-
القَمَرُ!
*
ثَلَاثُ وَرْدَاتٍ فِي الوَطَنِ- الإِنَاءِ؛
سَلْمًا تُحَاوِلُ إِخْفَاءَ
الوَرْدَةِ السَّوْدَاءِ!
*
إِنَّهَا مُدَبَّبَةٌ؛
لكِنَّهَا قَصِيرَةُ القَامَةِ-
أَقْلَامُ رَصَاصٍ.. فَارِغٍ!
*
الوَهْمُ الَّذِي افْتَعَلْنَاهُ فِي قُدْسِهَا
أَضْحَى شَلَّالَ شُهَدَاءٍ عَلَيْنَا!
قَالَتْ نَمْلَةُ الخَوْفِ لِنِمَالِهَا.
*
أَوْقَفَتْنِي عَلَى فَنَنِي-
حُرُوفِ دَمِهِ الوَاقِفِ
فِي حَلْقِي!
*
إِنَّهَا تُفَتِّحُ فِي أَعْيُنِنَا
أَزَاهِيرَ ثَأْرٍ-
نَظْرَةُ الوَدَاعِ الأَخِيرَةُ عَلَى الشَّهِيدِ!
*
تَتَوَضَّأُ الغُيُومُ بِمَائِهَا المُحْمَرِّ،
تَنْحَنِي/ تَرْكَعُ/ تَسْجُدُ-
الأَرْضُ المُقَدَّسَةُ سَجَّادَةُ صَلَاتِهَا!
*
التَقَطَهَا بِصَيْفِ شَفَتَيْهِ..
آوَاهَا خَرِيفَ لِسَانِهِ-
قَطْرَةُ دَمْعَتِهَا البَرَّاقَةُ المِلْحُ!
*
تُغَرِّدُنِي لِأَنْ أَلْتَقِيَهَا فِيهِ؛
أَنَا الحُرُّ الطَّلِيقُ-
العُصْفُورَةُ الَّتِي تَسْتَعْذِبُ الاسْتِرْقَاقَ!
*
يُقِيمُ فِي غُرْفَةٍ فُنْدُقِيَّةٍ فَاخِرَةٍ
بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عُشَّهُ لِلْغِرْبَانِ-
طَائِرُ الحَبَارَى!

تعليق عبر الفيس بوك