انخفاض أسعار النفط يضغط على ميزان الحساب الجاري .. و"اختبارات التحمل" تظهر مرونة المصارف

"المركزي": استئناف النمو الاقتصادي في 2018.. وعجز الموازنة يتراجع 12% بنهاية العام الجاري

 

◄ أداء الأنشطة غير النفطية يعكس جهود تعزيز التنويع الاقتصادي

◄ صافي أصول القطاع المصرفي ينمو 6% ويتجاوز 29 مليار ريال

◄ أسعار الفائدة على أدوات البنك المركزي وبين المصارف المحلية ترتفع تأثرا بتطورات السياسة النقدية الأمريكية

◄ "الملاءة المالية" متينة.. والمصارف تحافظ على مستوى الربحية رغم ارتفاع التكاليف

◄ مجموع صافي أرباح البنوك قبل الضريبة يتجاوز 438 مليون ريال في 2016

◄ نمو قوي للصيرفة الإسلامية.. والقطاع يكتسب أهمية نظامية

◄ 55 دولارا متوسط السعر المتوقع لبرميل النفط العماني في 2017

◄ 20.8 مليار دولار ديون حكومية بنسبة 31.4% من الناتج المحلي الإجمالي

◄ استمرار تراجع المخاطر قصيرة الأمد على الاستقرار المالي بفضل الأداء الجيد للبنوك

الرؤية - نجلاء عبد العال

توقع تقرير الاستدامة المالية السنوي الصادر عن البنك المركزي العماني أن يستأنف النمو الاقتصادي الارتفاع خلال العام المقبل؛ حيث تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن اقتصاد السلطنة سيسجل نمواً بالأسعار الثابتة يبلغ 3.8 في المئة في عام 2018، و2.4 في المئة في المتوسط خلال الفترة من2018- 2022.

وأكد التقرير استمرار الجهود المبذولة لضبط المالية العامة للدولة، مشيرا إلى أن العجز الثنائي في الميزانية العامة والحساب الجاري لا يزال مستمراً؛ حيث ارتفع عجز الميزانية العامة للدولة إلى 5.3 مليار ريال عُماني في عام 2016، أي ما يعادل 20.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأوضح التقرير أنه على الرغم من هذا الارتفاع، فإن التقديرات تشير إلى تراجع عجز الميزانية في عامي 2017 و2018 بناءً على التوقعات الإيجابية التي تظهر الضبط المالي وزيادة الإيرادات الضريبية وإزالة الدعم عن الوقود بالتزامن مع الارتفاع المتوقع في أسعار النفط.

وقال التقرير إن الإطار التنظيمي والإشرافي في السلطنة يتميز بمتانته، وقد شهد العام الماضي مواصلة العمل على ضبط التشريعات والقوانين سعياً لتسهيل النمو الاقتصادي بالتزامن مع الحفاظ على الاستقرار المالي؛ حيث بذل البنك المركزي العُماني جهوداً كبيرة خلال عام 2016، سعياً لضمان ملاءمة إطاره التنظيمي وسياساته الإشرافية لظروف التشغيل المتغيرة واحتياجات الاقتصاد، بالتزامن مع أداء وظيفته الأساسية وهي الحفاظ على الاستقرار المالي من أجل تسهيل النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، تم تطبيق بعض اللوائح التنظيمية لضمان مواكبة السلطنة لأحدث التشريعات الدولية وأفضل الممارسات العالمية، كما تم ضبط اللوائح والسياسات الأخرى بما يكفل تلبية الاحتياجات المحلية.

وشهد العام الماضي إصدار قانون جديد لمكافحة غسيل الأموال وصياغة إطار لتصفية المصارف بالإضافة إلى انتهاج سياسات تهدف إلى تعزيز الشمول المالي. كما تم إصدار لوائح إرشادية حول الممارسات السليمة فيما يخص مكافآت الإدارات والعلاقات مع المصارف المراسلة وتبني المعيار المحاسبي الدولي رقم 9. ونوه التقرير إلى أن السلطنة تسير على الطريق الصحيح فيما يخص تطبيق معايير بازل 3 بخصوص رأس المال والسيولة وفقاً للإطار الزمني المعتمد من قِبل البنك المركزي العُماني.

الوضع المالي الكلي

وحول الوضع المالي الكلي أشار التقرير إلى توقعات بأن يشهد العام القادم معاودة النمو الاقتصادي للارتفاع، وذكر أن نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسلطنة وصلت إلى 5.7 في المئة في عام 2015؛ حيث نقل تقديرات صندوق النقد الدولي بأن تتراجع هذه النسبة إلى 3.05 في المئة في عام 2016 وإلى 0.38 في المئة خلال عام 2017. أما في عام 2018، فمن المتوقع أن يعاود الاقتصاد النمو بنسب مرتفعة.

وأكد تقرير البنك المركزي أن أداء الأنشطة غير النفطية يعكس الجهود المبذولة على صعيد التنويع الاقتصادي، موضحا أنه على الرغم من الأرقام التي تشير إلى تباطؤ الأداء الاقتصادي، فإن أداء الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي يؤكد الجهود التي بذلتها السلطنة على صعيد التنويع الاقتصادي، بينما وفرت متانة القطاع المالي في السلطنة الوقاية اللازمة من التأثيرات السلبية المحتملة على الاستقرار المالي. وأشار التقرير إلى أن تحسن أسعار النفط لا يزيل التكهنات التي تهيمن على مسارها في المستقبل، كما إن الإنفاق الحكومي لا يزال يعتمد بدرجة كبيرة على إيرادات النفط. وفي هذا الشأن، ذكر التقرير توصل الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" إلى اتفاق لتقليص المعروض من النفط الخام في محاولة منها لزيادة أسعاره، ونجاح هذا الاتفاق في دفع أسعار النفط للارتفاع في أواخر عام 2016. لكنه تابع أن زيادة مخزون النفط الخام، وكذلك الزيادة المتسارعة في عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة أدتا إلى الحد من هذا الارتفاع، مشيرا إلى أن سعر خام النفط العُماني شهد تراجعاً خلال الربع الأول من عام 2017، ووصل إلى 51.22 دولار للبرميل في نهاية أبريل من نفس العام. ويُتوقع أن يتراوح متوسط أسعار النفط العُماني بين 50 إلى 55 دولارا للبرميل في عام 2017، مشددا على ملاحظة طبيعة سوق النفط من حيث ارتفاع درجة عدم اليقين.

وأوضح التقرير أن الإنفاق الحكومي في السلطنة لا يزال يعتمد بشكل كبير على أسعار النفط، وأن صياغة الميزانية العامة للبلاد لعام 2017، جاءت بناءً على سعر يبلغ 45 دولارا لبرميل النفط في المتوسط. وعليه، فإن اتباع سياسة ضبط المالية وفقاً للإطار الزمني المناسب سيؤدي إلى تحسن وضع الحساب الجاري وتعزيز استقرار الريال العُماني والنظام المالي في السلطنة.

وفيما يخص سعر الصرف للريال العماني، أوضح البنك المركزي في تقريره أن سعر الصرف لم يتغير، وأن ذلك ساعد على ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي العماني في عام 2016، مؤكدا أنه لم يتم المساس بسعر الصرف الثابت للريال العماني مقابل الدولار الأمريكي؛ حيث ساهمت الزيادة في إجمالي احتياطيات البنك المركزي العماني من النقد الأجنبي بالحفاظ على سعر الصرف.

أما عن الضغوط التضخمية، فذكر التقرير أن هناك تصاعداً على مستوى العالم في معدلات التضخم، بينما لا يزال مستوى التضخم المحلي "محدودا"؛ حيث بلغ متوسط نسبة التضخم العالمي في عام 2016 حوالي 2.8 في المئة أما في عام 2017، ويُتوقع أن يرتفع إلى 3.5 في المئة نتيجةً لعدد من العوامل منها زيادة الطلب الكلي وارتفاع أسعار السلع الأولية، فيما تظل الآفاق الكلية للأسعار مستقرة خلال الفترة القادمة 2020-2018 م، ويُتوقع بشكل عام أن تصل نسبة التضخم إلى حوالي 3.3 في المئة. وتشير التوقعات إلى ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصادات المتقدمة بشكل ملحوظ في عام 2017 لتبلغ 2 في المئة مقارنة مع 0.7 في المئة في عام 2016.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن المتوقع أن تصل نسبة التضخم إلى حوالي 8 في المئة في المتوسط خلال عام 2017، فيما محليا بلغت نسبة التضخم مُقاساً بمؤشر أسعار المستهلك في السلطنة 1.1 في المئة في عام 2016. وتشير بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، إلى أن نسبة التضخم خلال الربع الأول من عام 2017 بلغت 2.8 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وبناءً على أرقام صندوق النقد الدولي، يُتوقع أن تصل نسبة التضخم في السلطنة إلى حوالي 4.1  في المئة في المتوسط خلال عام 2017، ثم لتستقر حول 3 في المئة حتى عام 2020.

عجز ثنائي

وذكر البنك المركزي أن الأرقام تشير إلى أن الحساب الجاري في ميزان المدفوعات أسفر عن عجز بلغت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي حوالي 15.7 في المئة في عام 2015 ثم صعد إلى 18.6 في المئة في عام 2016. لكن من المتوقع أن تتراجع نسبة العجز في عامي 2017 و2018، إلى 12 في المئة و11 في المئة على الترتيب. ولفت التقرير إلى أن رصيد الدين الحكومي وصل إلى 20.8 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2016، أي ما يعادل 31.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتظهر التوقعات ارتفاعه في عام 2017.

وأكد التقرير أن القطاع المصرفي في السلطنة يواصل الاتسام بالمرونة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، وذلك رغم استمرار العجز الثنائي في الميزانية العامة والحساب الجاري، بالتوازي مع النهج المتدرج الذي اتبعته الحكومة في مسعاها لضبط أوضاع المالية العامة.

وشهدت المخاطر قصيرة الأمد على الاستقرار المالي مزيداً من التراجع في عام 2016، وهو الأمر الذي يبدو جلياً عند النظر إلى معظم مؤشرات الاستقرار المصرفي. ويعكس هذا التراجع، التحسن النسبي في أسعار النفط الخام والإصلاحات الجاري تنفيذها في المالية العامة، إضافة إلى الأداء المالي الجيد للقطاع المصرفي.

وأظهر مؤشر الاستقرار المصرفي بشكل عام استقرار القطاع بمستوى جيد من رأس المال والقدرة على توليد الأرباح، ومستوى كافٍ من السيولة مع انخفاض نسبة التعثر خلال العام؛ حيث واصل القطاع المصرفي النمو مع ارتفاع الائتمان بنسبة جيدة، على الرغم من بعض التباطؤ في النشاط الاقتصادي.

وأكد التقرير أنه على الرغم من تأثر المصارف بالتطورات على الأمد القصير، تشير التوقعات إلى أن القطاع المصرفي في السلطنة سيشهد نمواً قوياً خلال السنوات المقبلة، في ظل الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد، وفقاً لخطط برنامج «تنفيذ» الطموحة، وكذلك نتيجة المستوى المنخفض نسبياً للانتشار والوصول المصرفي في البلاد. وبيّن التقرير أنَّ النمو في الائتمان لم يصل إلى حد الإفراط؛ حيث واصلت نسبة «الائتمان الممنوح للقطاع الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي» الارتفاع خلال عام 2016. لكن لا يزال المستوى الحالي لمديونية الشركات والأفراد- كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي- "معقولاً"، وبالتالي يبقى خطر عدم تمكن المقترضين من تمويل المشاريع الناجحة بسبب تراكم الديون السابقة "أمراً مستبعداً"، ويعد ارتفاع نسبة الائتمان إلى الناتج المحلي الإجمالي تطوراً إيجابياً، وفق ما ذكر التقرير.

وأشار التقرير إلى ارتفاع فجوة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2016، إلا أن هذا الارتفاع لا يعني تراكم مخاطر على مستوى النظام ككل، كونه يعكس بشكل رئيسي التراجع الحاد في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، إثر هبوط أسعار النفط وليس النمو المفرط في الائتمان. وأوضح أن نسبة القروض المتعثرة من إجمالي القروض في نهاية عام 2016 بلغت حوالي 1.78 في المئة، مقارنة مع 1.73 في المئة في نهاية عام 2015. وتشير النسب المنخفضة للقروض المتعثرة إلى المستوى المرضي الذي تتمتع به الأصول، وكذلك النجاح في احتواء مخاطر الائتمان. وتمتاز محفظة القروض الحالية للمصارف بكونها مغطاة جيداً مقابل الخسائر المتوقعة من خلال توفر مستوى ملائم من المخصصات؛ حيث تبلغ نسبة التغطية (وهي المخصصات إلى القروض المتعثرة) حوالي 70 في المئة، وحوالي 148 في المئة شاملة المخصصات العامة، وهو مستوى جيد مقارنة مع دول المنطقة.

وشدد التقرير على أن المصارف المحلية تتمتع بمستوى ملائم من السيولة، بدون أي إشارات على نشوء ضغوط على نحو مؤثر. وعلاوة على التحسن الذي شهدته أوضاع السيولة تبعاً للتغيرات في اللوائح التنظيمية، فمن المتوقع أن تشهد مزيداً من التحسن مع حصول الحكومة على التمويل الخارجي المطلوب.

وبالتزامن مع استمرار النمو في محفظة الائتمان، حافظت المصارف بشكل عام على استيفاء متطلبات الاحتياطي النقدي الإجباري بدون ظهور أي إشارات على ضغوط ملموسة. وقد شهدت أوضاع السيولة في السلطنة بعض الضيق بسبب حاجة الحكومة للأموال لتمويل عجز الميزانية وتراجع حجم التدفقات المالية بسبب هبوط أسعار النفط، إلا أن الإجراءات التيسيرية التي اتخذها البنك المركزي العُماني فيما يخص تطبيق بعض المتطلبات التنظيمية، إضافة إلى استمرار التمويل الخارجي، ساهمت في الحفاظ على السيولة في السوق المحلي عند مستويات ملائمة.

وأوضح التقرير أن المصارف تكون عرضة للمخاطر المرتبطة بالتركز، كنتيجة لارتفاع حصة ودائع القطاع العام من إجمالي الودائع المصرفية. لكن ومع ذلك، ظلت المصارف تتمتع بالمرونة الكافية لمواجهة حدوث تدافع لسحب الودائع.

وتقليدياً، ظلت مساهمة الاقتراض من أسواق الجملة العالمية محدودة في هيكل مصادر الأموال لدى المصارف العاملة في السلطنة، بيد أن ودائع الحكومة ظلت مصدراً مهما للتمويل. ويمثل المستوى المرتفع لودائع القطاع العام بالتزامن مع تناقص التدفقات النقدية للحكومة في ظل تراجع الإيرادات النفطية، مصدراً محتملاً لنشوء مخاطر كبيرة في حال حدوث عملية سحب كبيرة لهذه الودائع من القطاع المصرفي. ونوه التقرير إلى أن مخاطر هذا السحب ليست وشيكة الحدوث نظراً لأن الحكومة قد لجأت منذ البداية إلى الاقتراض من الأسواق الدولية لتمويل العجز في الميزانية العامة.

أسعار الفائدة

وذكر التقرير أن أسعار الفائدة على أدوات البنك المركزي العُماني وكذلك في سوق ما بين المصارف بالسلطنة، ارتفعت، انسجاماً مع تطورات السياسة النقدية في الولايات المتحدة. ويرى التقرير أن من شأن هذا الارتفاع أن يؤدي إلى إحداث ضغوط على المقترضين، وكذلك صافي الدخل بالنسبة للمصارف. وانتقل أثر هذا الارتفاع إلى أسعار الفائدة على الودائع والإقراض لقطاع الأفراد التي ارتفعت أيضاً. وأشار التقرير إلى احتمالية أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض صافي الدخل للمصارف، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن اختبارات التحمل توضح أن مخاطر سعر الفائدة على المصارف ستظل ضمن الحدود المعقولة حتى لو شهدت أسعار الفائدة ارتفاعاً بنحو 200 نقطة أساس.

وفيما يخص حركة سوق مسقط للأوراق المالية ذكر التقرير أنه أغلق على ارتفاع في 2016، وأن المصارف تتوخى الحذر عند أخذ تعرضات في السوق. وفي ذلك شرح التقرير أن مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية ارتفع بنسبة 6.96 في المئة خلال عام 2016، محققا ثاني أفضل أداء ضمن أسواق منطقة الخليج، علاوة على أن الارتفاع النسبي في أداء سوق الأسهم يعكس ارتفاع أسعار النفط، وتحسن التوجهات وتفاؤل الأطراف الفاعلة في السوق بشأن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، والثقة في قدرة الحكومة على إحداث التحول المطلوب، من خلال الضبط المتوازن للمالية العامة وخطط التنمية والتنويع الاقتصادي المركزة. وأكد التقرير أن تصاعد مستوى عدم اليقين في سوق الأسهم يؤكد على ضرورة أخذ الحيطة والحذر عند أخذ تعرضات فيه؛ حيث واصلت المصارف انتهاج استراتيجيتها الرامية للإبقاء على تعرضاتها في سوق الأسهم عند مستويات محدودة.

الملاءة المالية

وقال تقرير البنك المركزي العماني إن وضع الملاءة المالية ظل متيناً؛ حيث تمكنت المصارف من الحفاظ على مستوى ربحيتها بالرغم من ارتفاع تكاليف مصادر الأموال. وظلت المصارف تتمتع بمستوى جيد من الملاءة المالية بفضل ارتفاع نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي، إلى 16.8 في المئة بنهاية عام 2016، مقارنة مع 16.5 في المئة بنهاية 2015. وعلاوة على ذلك، تشير البيانات على مستوى النظام المصرفي بشكل عام، إلى أن رأس المال الأساسي لوحده يُعتبر كافياً لتلبية المتطلبات التنظيمية فيما يخص نسبة كفاية رأس المال. كما أن المصارف تمكنت من الحفاظ على استقرار ارباحها، على الرغم من التحديات الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية الكلية والمعايير الاحترازية الصارمة المتبعة عند منح الائتمان، إضافة إلى ارتفاع تكاليف مصادر الأموال وتراجع صافي هامش الفائدة.

وبلغ مجموع صافي أرباح المصارف قبل الضريبة خلال عام 2016 ما يفوق 438 مليون ريال عُماني، مقارنة مع 439 مليون ريال عُماني في عام 2015. وعليه، فقد ظلت نسب الربحية التي تشمل، العائد على الأصول والعائد على رأس المال، مستقرة عند 1.5  في المئة و10.5  في المئة على التوالي. وأكد التقرير أن تأثير المستوى الصحي لصافي أرباح المصارف، لا يتوقف على تعزيز احتياطياتها الوقائية بل يؤدي أيضاً إلى تعزيز قدرتها على دعم النمو في المستقبل.

وفي سياق ذي صلة، تمكنت الصيرفة الإسلامية في السلطنة من تحقيق نمو لافت للنظر منذ انطلاق أعمالها في السلطنة في بداية عام 2013. ووفقا للأرقام في نهاية ديسمبر 2016، شكّلت أصول الصيرفة الإسلامية ما نسبته 10.3 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي. ومع تسجيلها نمواً بنسبة 37 في المئة خلال العام الماضي، تجاوز إجمالي أصول المصرفين الإسلاميين والنوافذ الإسلامية التابعة للمصارف التجارية التقليدية حوالي 3 مليارات ريال عُماني، مقارنة مع 1.9 مليار ريال عُماني تمثل أصول المصارف الأجنبية في السلطنة، وذلك في نهاية عام 2016.

وذكر التقرير أن مستوى الربحية لدى مؤسسات الصيرفة الإسلامية، شهد تحسناً ملحوظاً؛ حيث ارتفع مجموع الأرباح قبل الضريبة لهذه المؤسسات من 1.6 مليون ريال عُماني في عام 2015 إلى 13.6 مليون ريال عُماني في عام 2016. ونظراً لوتيرة نموه السريعة، يكتسب قطاع الصيرفة الإسلامية بشكل عام أهمية نظامية.

أما عن المؤسسات المالية غير المصرفية، أكد التقرير أنها تواصل خدمات مالية مهمة – وتهيمن على هذا القطاع شركات «التمويل والتأجير» والتأمين؛ حيث تقدم خدمات مالية مكملة لتلك التي يقدمها القطاع المصرفي؛ مثل توفير التمويل اللازم لشرائح معينة في السوق، إضافة إلى تقديم خدمات التأمين وإدارة الأصول وتحويل الأموال وتبديل العملة. ومن حيث التوزيع القطاعي لحجم الأصول، تهيمن كل من شركات «التمويل والتأجير» والتأمين على قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية؛ حيث تبلغ حصصها 51  في المئة و44  في المئة على التوالي من إجمالي الأصول للقطاع.

اختبارات التحمل

وتشير نتائج اختبارات التحمل إلى أن المصارف العاملة في السلطنة ظلت تتمتع بالمرونة الكافية للصمود تجاه الحالات المفترضة لسحب الودائع. إذ يؤكد التقرير أن المصارف بشكل عام ظلت تتمتع بالمرونة تجاه مختلف سيناريوهات التحمل، على الرغم من التحديات الحالية المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية الكلية. وقال إن نتائج اختبارات التحمل المختلفة للملاءة المالية، أشارت إلى متانة النظام المالي وعدم حدوث تصاعد في درجة انكشافه أمام المخاطر. وأرجع ذلك أساساً إلى ارتفاع نسبة كفاية رأس المال وكذلك محدودية انكشاف القطاع المالي في البلاد على أسواق الأسهم والعملات الأجنبية. وعلاوة على ما تقدم، فقد انعكست متانة القطاع المصرفي أيضاً على "اختبار التحمل المالي الكلي"، الذي أشارت نتائجه إلى أن المصارف بشكل عام ظلت تتمتع بالملاءة حتى مع مستوى الصدمة المُفترضة في السيناريو الأكثر شدة، كما ظلت المصارف في وضع "مريح"، عندما تم اختبار صمودها في وجه صدمات سيولة؛ حيث تشير نتائج تقييم وضع السيولة لدى المصارف في السلطنة مقارنة مع المعايير الدولية التي تفترض استمرار أزمات السيولة لفترة اسبوع عمل أو خمسة أيام عمل، إلى تمتع جميع المصارف بمستوى مريح يمكّنها من مواجهة صدمات السيولة، وفقاً للسيناريوهات المفترضة. ووفقا للوضع في نهاية ديسمبر 2016، يتمتع النظام المصرفي ككل بالقدرة على الصمود أمام صدمة سيولة مفترضة لمدة 18 يوماً في المتوسط باستخدام النقد فقط ولمدة 20 يوم باستخدام النقد والأوراق المالية معاً.

تعليق عبر الفيس بوك