عُمان.. دولة فتيّة

علي بن بدر البوسعيدي

تعد التوجيهات السامية التي أصدرها جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- بتوفير (000ر25) فرصة عمل للباحثين عن عمل؛ ترجمة على حرص جلالته المتواصل على رعاية الشباب، والدفع بهم في مسيرة بناء الوطن. كما تعكس أيضًا مدى اهتمام جلالته بمستقبل البلاد وأبنائها، وهكذا هو الوالد دومًا.. قريب من أبنائه يعرف حاجاتهم ومشاكلهم ويساعدهم على التخطيط جيدا لمستقبلهم..

لا تقتصر الرسالة التي وجهها جلالته على توظيف الباحثين عن عمل فقط؛ بل بحكمته الثاقبة ونظرته السديدة أراد أن يُطمئن الجميع ألا خوف على عُمان.. فهي بخير، تنتظم خطى التنمية فيها شتى المجالات، وبرغم تذبذب أسعار النفط إلا أنّها ماضية في مسيرتها، وتعمل جاهدة على حسن إدارة مواردها، وتنويع مقوماتها الاقتصادية وفق استراتيجيات مُحكمة.. فالمستقبل آمن وسعيد طالما أنّ هناك عقولا تفكر وسواعد تبني.

نحن كمواطنين ندرك تماما حجم التحديات القادمة في عالم يمر بمنعطفات اقتصادية وسياسية هامة؛ ولكن هذه التحديات تستلزم من المؤسسات الخاصة أن تتحمل مسؤولياتها الوطنيّة، وتقود زمام المبادرة في مجال التشغيل، وتوفير بيئة العمل الجاذبة للعمانيين، وإيلاء التعمين والإحلال الأولوية القصوى في برامجها ومشاريعها.

هناك تساؤل لدى كثيرين حول الكيفية التي سيتم بها توزيع هؤلاء الباحثين عن عمل.. ولا شك عندي أنّ أهل مكة أدرى بشعابها، وأنّ القوى العاملة هي أعرف بالأمر وأجدر أكثر من أي شخص أو مؤسسة أخرى، وذلك لما لها من خبرة وكوادر في هذا الشأن.. ولكن إن سمح لي أن أقترح فأنا أقترح على الجهة المعنية بالأمر أن تُكوّن لجانا لا مركزية تضم وزارة التعليم العالي، والتربية والقوى العاملة، والاقتصاد، والجهات التقنية الأخرى، على أن تكون مهمتها الأساسيّة فرز شهادات ومؤهلات الباحثين عن عمل، وتحديد الجهات المعنية التي سيتم توظيفهم فيها بناء على المؤهلات. وأقترح أيضاً أن يتم إلحاق كل من تمّ اختياره بدورات تدريبية تواكب تخصصاتهم المختلفة.

أخيرا؛ لابد أن نقرأ نتائج مختبر القوى العاملة التي أشارت إلى تزايد نسبة فئة الشباب؛ بالتوازي مع الإحصائيات الصادرة من القوى العاملة لعام 2016 والتي أشارت إلى أنّ عدد الباحثين عن عمل النشطين حاليًا هم نحو 42 ألف عماني و75 بالمائة من هؤلاء دون 29 عاما؛ أي أنّهم شباب.. قوة حقيقة وطاقة بناء جبارة تبعث الطمأنينة على مستقبل هذا الوطن، كما يعني أن عمان ذات الحضارة الضاربة دولة فتية.. وسر الدولة الفتية يكمن في الأعمار والبشريات التي ستزين مطالع السنين.