عشوائية العمل المجتمعي.. إلى متى؟!

خلفان الطوقي

نؤمن بأن كل فرد في أي مجتمع لديه نزعة حب وخدمة مجتمعه؛ وتزيد هذه النسبة أو تقل حسب البيئة والظروف المحيطة؛ فهناك بيئة تشجع العطاء والسخاء؛ وهناك بيئة تنفر هذه الخصلة الطيبة وتقلل منها إلى أن تضمحل تدريجيا ومن ثمَّ تتوقف تماما. وعليه، فإن هذا المقال سيُحاول تسليط الضوء على ملف العمل المجتمعي تحدياته وبعض الحلول المقترحة.

ملف العمل المجتمعي ملفٌّ يبدو سهلا، لكنه عند البعض حساس، تتقاذفه بشكل كامل أو جزء منه الأيادي والأروقة؛ منها على سبيل المثال: وزارة التنمية الاجتماعية، والهيئة العمانية الخيرية، وغرفة تجارة وصناعة عمان، والهيئة العامة لسوق المال، ومجالس البلدية، ولجان التنمية الاجتماعية التابعة لمكاتب الولاة ومؤسسات أخرى؛ فإن اتفقوا على جزء منه اختلفوا في جزء آخر؛ وتكون الاجتهادات والتقديرات الشخصية هي المرجعية في اتخاذ القرارات الحاسمة إلى أجل غير مسمى؛ وتطول مراجعة التشريعات المنظمة للعمل الاجتماعي لكي تكمل عدة أعوام دون حسم.

إضافة إلى تقاذف أو محاولة تبني أو التنافس لملف العمل المجتمعي أو الجزء المريح منه على الأقل؛ توجد تحديات تواجه لملمة الملف؛ مثل: الأشخاص الدخلاء على المستوى الشخصي دون مظلة قانونية حكومية أو أهلية؛ من خلال تبني بعض القضايا الشخصية أو بمسميات وطنية لتسويق أجندتها الخاصة والتي ترتب عليها عزوف الكثير من المؤسسات الخاصة ورجال وصاحبات الأعمال؛ والعذر في الإحجام عن العطاء هذا التشويه الذي لم يجد معالجات قانونية نهائية حاسمة؛ أضف إلى ذلك عدم دراية معظم المؤسسات التجارية لأولويات العمل المجتمعي؛ والسبب في ذلك عدم وجود دليل استرشادي يُوجههم بالتركيز على قطاعات معينة مجتمعية مستدامة؛ مثل: التعليم والصحة والبيئة. وبسبب غياب هذا الدليل التوضيحي والتعاريف التوجيهية، تجد التركيز على مُؤن شهر رمضان المبارك كأبسط حل لمشكلتها المجتمعية؛ والتي شكلت وزاحمت الأعمال الخيرية التي أصبحت تشكل فوائض غذائية في هذا الشهر الفضيل؛ مما أوجد اختلالًا في ميزان الطعام والتبرعات السريعة والسهلة على المشاريع المستدامة التي تحدث أثرا اجتماعيا طويل المدى.

لملمة الموضوع والانتهاء من قانون الجمعيات الجديد أولا، والتشريعات الخاصة لتنظيم عمل الفرق الأهلية والتطوعية ثانيًا هما الحل؛ وأصبحت مطلبا وطنيا ومجتمعيا ليتواكب مع متطلبات العصر ودولة المؤسسات؛ والانتهاء منها في أسرع وقت سوف يشجع المؤسسات التجارية لتكملة الأدور التي تقوم بها باقي الأجهزة الحكومية؛ وسيزيل التشوهات التي تخترق الثغرات القانونية؛ وبدورها سوف تشجع المترددين من المؤسسات في تخصيص جزء من أرباحها للعمل المجتمعي المنظم والمستدام ويخدم ويطور القطاعات الخدمية والتي تتوافق مع التوجهات الحكومية؛ وسيساعد على وضع منظومة الشفافية وإعادة بناء الثقة والشراكة المجتمعية بين القطاع الحكومي والخاص والجمعيات والفرق الأهلية والعمل في انسجام تام؛ وسيسهل تنظيم الأولويات وسيكون وفق خارطة الأولويات المقررة حسب أسس علمية منظمة ومؤسسية؛ وليس أهواء وأمزجة وأجندات شخصية.