بالتعاون مع معهد هاريسون بالمملكة المتحدة

"حفظ البيئة" يطلق مسح الخفافيش في ظفار.. والإمساك بـ14 نوعا من أكلة الحشرات

...
...
...
...
...
...
...
...

 

◄ الإمساك بالخفاش الشبح "أوتونيكتيريس هيمبريشيي"

◄ أصغر خفاش يزن 5 جرامات بحجم إبهام اليد ويستوطن ظفار ويمتد انتشاره إلى شرق اليمن

◄ الربيعي: الخفافيش كائنات حية مفيدة.. ووجودها دليل على صحة الموائل الطبيعية

 

مسقط - الرؤية

في إطار التعاون المشترك بين مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني، ومعهد هاريسون بالمملكة المتحدة، وبدعم من الجمعية الأنجلو-العمانية، أنجز مُؤخرا المختصون بالمكتب مع خبراء المعهد مسحاً ميدانيًّا استغرق شهراً؛ وذلك لاستكشاف الثدييات الصغيرة في محافظة ظفار. وقد تمت دراسة الخفافيش من بين الثدييات الصغيرة، وهي المجموعة الوحيدة الطائرة من ضمن الحيوانات التي غالباً ما يتم تجاهلها، لكنها ذات أهمية حيوية كبيرة للحفاظ على النظم الإيكولوجية واتزانها في جميع أنحاء العالم.

حيث قام الفريق البحثي، خلال سبتمبر الماضي، بعملية مسح شملت محافظة ظفار؛ بدءاً من الغابات الموسمية في سلسلة جبل القرا وجبل القمر، وشمل المسح أيضاً المناطق الزراعية بمدينة صلالة، إضافة للوديان الجافة في جبل سمحان ومنطقة النجد. هذا وقد تم تنفيذ المسوحات في الكهوف خلال الفترة النهارية؛ وذلك أثناء فترات نوم الخفافيش، إضافة لمجاري الشعاب والأودية والمباني القديمة.

أما الفترة المسائية، فقد كانت المسوحات بعد غروب الشمس، حيث تم نصب الشباك الخاصة للإمساك بالخفافيش، وبالخصوص تلك القريبة من الموارد المائية في مناطق الغابات ذات الكثافة الشجرية الكثيفة، إضافة للأودية الضيقة.

حيث كان خفاش الفاكهة "روزيتوس إجيبتياكوس" هو النوع الأول الذي تم التعرف عليه من قبل الفريق البحثي؛ حيث يعد الأكبر والأكثر شيوعاً من الخفافيش المستوطنة في سلطنة عمان. ويبدأ نمط حياته اليومية بعد أن يخرج من مناطق جثومه النهارية، مثل الكهوف، وذلك مباشرةً بعد غروب الشمس مستخدماً تكوينه البيولوجي المعقد وحاسته المتطورة جداً في خواص الشم لديه في تتبع الروائح بحثاً عن الفاكهة.

وقد تكون هذه الفاكهة ثمارا برية؛ مثل: التين أو تلك الوفيرة في مزارع المحاصيل حول منطقة صلالة، وأماكن أخرى في ظفار؛ بما في ذلك المانجو والبابايا وجوز الهند "النارجيل"؛ حيث تستفيد الخفافيش من وفرة الفاكهة، وأشجار الفاكهة هي ذاتها تعتمد على الخفافيش للتلقيح وانتشار البذور على نطاق واسع. وبالتالي هذه الخفافيش هي مفيدة أيضاً لكلٍ من النباتات البرية والمحاصيل الزراعية. خفافيش الفاكهة تلك قد تكون أكبر أنواع الخفافيش، لكنها رقيقة للغاية عند التعامل معها بالشكل الصحيح.

 

وتعد معظم خفافيش محافظة ظفار و70% من الخفافيش الأخرى في العالم هي آكلة للحشرات، ومع نهاية انحسار الرياح الموسمية للخريف في ظفار، تكثر الخفافيش الآكلة للحشرات حين تتجمع الآلاف منها عند غروب الشمس. هذا ولقد نجح الفريق البحثي في الإمساك بما لا يقل عن 14 نوعاً مختلفاً من الخفافيش الآكلة للحشرات، بما في ذلك الخفاش الشبح "أوتونيكتيريس هيمبريشيي"، والذي وجد له سجل واحد فقط منذ عام 1977؛ حيث تم العثور عليه في وادي عيون. ويتميز الخفاش الشبح بآذانه الضخمة ولونه الباهت، ويعيش فقط في المناطق الأكثر جفافا في ظفار، خاصة منطقة النجد، حيث تم العثور عليه في الوديان المتدفقة شمالا مثل وادي عارة. وهو يتغذى على العديد من الحشرات المختلفة بما في ذلك العقارب، ويوفر بذلك خدمة حيوية للنظام البيئي الصحراوي.

وقد يبدو من النظرة الأولى أن معظم الخفافيش الصغيرة متشابهة، لكن هناك العديد منها تصنف ضمن عائلات مختلفة، وليس من السهل بمكان تحديدها إلا لمن يملكون خبرة ودراية واسعة لتمييز نوع عن آخر مختلف؛ فهنالك عائلة واحدة من الخفافيش لديها أنف على شكل حدوة الحصان، وبالتالي تعرف باسم خفافيش حدوة الحصان. وأيضاً من الأمثلة على ذلك خفافيش حدوة حصان جيوفروي "رينولوفوس كليفوسوس" والتي تتواجد في محافظة ظفار فقط.

 

خفاش بحجم إبهام اليد!

وتمت مصادفة الإمساك بأصغر الخفافيش في محافظة ظفار، وهي تسمى بخفافيش بيبيستريل التي تزن حوالي 5 جرامات فقط، وهي بحجم إبهام الإنسان.

وكان هذا النوع من الخفافيش "بيبيستريلوس دوفارنسيس" من الأنواع المكتشفة حديثا، وهو الأكثر شيوعاً. وهو نوع مستوطن في محافظة ظفار، ويمتد انتشاره إلى شرق اليمن. كون هذا النوع مثل معظم الخفافيش، فإن خاصية الإبصار لديه سيئة جدًّا، وعوضاً عن ذلك فإنه يستخدم ميزة تحديد الموقع بإصدار موجات الصدى، على غرار تقنية السونار؛ ليقوم بذلك بمناورة الطيران ومطاردة الحشرات واصطيادها في عتمة الظلام. إلى جانب ذلك، تقوم الخفافيش باستخدام ميزة الطيران الليلي، وإصدار أصوات محددة لترتد كصدى، وبالتالي توافر قياسات وأبعاد المسافات فيما بينها وبين فرائسها والأجسام الأخرى. إذ تتشابه هذه الخاصية مع موجات البث الإذاعية وفق ترددات مختلفة لكل نوع من أنواع الخفافيش، وبالتالي يمكن استخدام هذه الموجات الترددية من خلال جهاز كشف الترددات؛ وذلك للتعرف وتحديد الأنواع المختلفة من الخفافيش في تلك المنطقة.

 

كائنات صديقة للإنسان

وفي هذا الصدد، قال سالم بن نصير الربيعي مدير دائرة الشؤون البيئية بمكتب حفظ البيئة بصلالة: إن الخفافيش هي كائنات حية مفيدة، وفي كثير من الأحيان يساء فهمها على أنها مخلوقات ضارة ومؤذية. فعلى عكس ذلك، فهي كائنات حية صديقة للإنسان والحيوان وللبيئة، كون العديد من النباتات تعتمد عليها لتلقيح الزهور، والبعض الآخر لنشر بذورها. كما أنها تتحكم في الآفات وتقضي على الحشرات الضارة بالمحاصيل الزراعية وبالإنسان. وعليه يعتبر وجود الخفافيش في بيئة ما بأنها مؤشر مهم على صحة الموائل الطبيعية. وأضاف: وعلى الرغم من وجود أكثر من 25 نوعاً من الخفافيش في سلطنة عمان، إلا أنها بقيت تحت إدارة الصون المستمر دون المساس بها. ويأمل مكتب حفظ البيئة أن يشمل هذا المسح تدريب ميداني لمراقبي الحياة البرية بالمناطق في محافظة ظفار، للحفاظ على هذه المجموعة من الثدييات التي وجدت في جميع أنحاء السلطنة وتؤدي الخدمات الأساسية البيئية للإنسان والطبيعة.

هذا.. وقد أعرب فريق مسح الثدييات الصغيرة بمكتب حفظ البيئة والخبراء العاملين بمعهد هاريسون بالمملكة المتحدة، عن امتنانهم لدعم مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار، وسلاح الجو السلطاني العماني. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الخفافيش لا ينبغي التعامل معها إلا من قبل الموظفين المؤهلين، ومن لديهم التصاريح اللازمة من وزارة البيئة والشؤون المناخية.

تعليق عبر الفيس بوك