"مجلس القيم" يوصي بتوعية المقبلين على الزواج بأسس الحياة الأسرية.. والخبراء يحثون على عدم إشراك الأهل في المشاكل

...
...
...
...
...

 

 

  • الدعوة إلى تضمين مفاهيم الزواج في المناهج الدراسية وابتكار برامج لتأهيل وإعداد الشباب للحياة الزوجية

 

  • الفهدي: 67 شهادة زواج تصدر يومياً مقابل 10 حالات طلاق.. والسيب أكثر ولاية في الزواج وصلالة الأعلى في الطلاق

 

  • المكتوميّة: ثقافة الحب مشوهة في مجتمعنا والمشكلة تكمن في التفاعل بين الزوجين

 

  • الحمداني: فكرة الزواج لا يمكن أن تحدد بدون العوامل الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية

 

 

مسقط- الرؤية

 

أوصى مجلس القيم في ختام جلسته الثالثة حول الزواج والطلاق بتكثيف الندوات والمحاضرات التثقيفية؛ لتوعية الشباب المقبل على الزواج، والتأكيد على المفاهيم الصحيحة للحب في العلاقة الزوجية وعدم إشراك الأهل في كافة المشاكل التي تحدث بين الزوجين، ومحاولة حلها عن طريق الزوجين أنفسهم.

كما أوصى المجلس بإجراء البحوث والدراسات حول الزواج والعلاقات الأسرية، وبذل جهود قوية من قبل الجهات المعنية لتدعيم العلاقات الأسرية؛ وخاصة دائرة الإرشاد الزواجي والأسري، وابتكار برامج ودورات تأهيلية تؤهل الشباب المقبل على الزواج حتى يكون هناك إلمام من قبل الزوجين بكيفية التعامل مع الأحداث التي تحصل للوصول إلى حياة زوجية سعيدة.

كما تضمنت التوصيات تضمين المناهج الدراسية بالجامعات الجوانب المتعلقة بالزواج، وضرورة وجود برامج ودورات تأهيلية تعنى بها الجهات ذات العلاقة في تأهيل وإعداد الشباب إعدادًا تامًا لمرحلة تكوين الحياة الزوجية والأسرية.

جاء ذلك في الجلسة النقاشية التي نظمها مركز قيم ممثلاً بمجلس القيم حول قضية مفهوم الزواج والعلاقات الأسرية داخل المنزل، بإشراف وإدارة الدكتور صالح الفهدي رئيس مركز قيم وعدد من المسؤولين والمختصين في الإرشاد الزواجي والمختصين بقضايا الطلاق والأسرة من مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، وعدد من طلبة الجامعات والكليات والمدارس بالسلطنة، وذلك بقصر البشائر في مسقط.

استهل الدكتور صالح الفهدي رئيس مركز قيم الجلسة باستعراض الأسس التي يقوم عليها المجلس ثم أشار إلى أنّ السبب الأساسي للجلسة يتمثل في توعية المجتمع بأسس الحياة الزوجية، وفهم مشروع الزواج فهماً عميقاً، واختيار الشريك بناءً على شروط قويمة، عقب ذلك عرض بعض أهم الإحصائيات للزواج والطلاق في السلطنة من 2012 إلى 2016، مشيرا إلى أنّه في مقابل 67 شهادة زواج تصدر يومياً هناك 10 حالات طلاق، وأن السيب هي أكثر ولاية تصدر فيها شهادات الزواج بالمقابل صلالة الأكثر في حالات الطلاق.

 

مصادر الثقافة الزواجية

وتحدثت نادية المكتومية المتخصصة في المجال التربوي والأسري عن أهم مصادر الثقافة الزواجية وقالت إنها تتمثل في الأسرة نفسها، فإذا كانت العلاقة بين الأب والأم تتصف بالاحترام والتفاهم والحب فسوف تنتقل النظرة الإيجابية للأبناء حول مفهوم الزواج من خلال هذه العلاقة، إضافة إلى الإعلام الذي ينقل صورا معينة عن الزواج من خلال الأفلام والمسلسلات ومواقع التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى وجود مفاهيم غير صحيحة يتلقاها الشباب والفتيات، وبعضهم لديه قناعة أنّ الزواج عبارة عن رومانسية حالمة فقط.

وعرض الباحث مبارك الحمداني نتائج دراسته التي أجراها على (533) شابا وفتاة من طلاب الجامعات والكليات والتي تمثلت في أنّ غالبية أفراد العينة من الذكور قد اختاروا معايير الزواج على حسب الترتيب الآتي: المظهر الجمالي، الانتماء العائلي (القبيلة التي تنتمي لها الزوجة)، التعليم، الالتزام السلوكي والأسري، المهنة والقدرة المالية؛

في حين أنّ غالبية أفراد العينة من الإناث قد اخترن معايير الزواج على حسب الترتيب: الالتزام السلوكي والأسري، القدرة المالية، المهنة، المظهر الجمالي، الانتماء العائلي والتعليم.

 

أسباب المشكلات الأسرية

يقول أحد الحاضرين: إن أحد أهم أسباب المشكلات الزوجية والأسرية هي الفهم والتقليد الخاطئ للمسلسلات، والسبب الثاني هو وجود فراغ عاطفي عند الرجل لا يستطيع البوح به في المنزل، فيلجأ إلى البحث عن علاقة أخرى خارجية، أو بسبب عدم وجود تفاهم وود بينه وبين الزوجة.

وقال مبارك الحمداني: لكي نوضح مفهوم الزواج لدى الشباب العماني؛ توجد نقاط أو معايير أساسية ومنها آليات اختيار شريك الحياة: ففي دراسة وجد أنّ ٦٢% من الذكور من العينة يفضلون اختيار شريكة الحياة من خلال التعارف الشخصي، بينما ٧٣% من الإناث يفضلن ذلك من خلال اختيار الأهل.

أما مدة التعارف قبل الزواج وهي مرحلة ذات أهمية كبيرة فقد وجد أنّ الذكور يرون أن من شهر إلى شهرين فترة كافية للتعارف قبل الزواج بينما ترى الإناث أنّها من 5 إلى 6 أشهر.

أمّا من حيث سن الزواج فيعتقد الذكور أنّه من 22 إلى 26 سنة بينما ترى الإناث أنّ السن المناسب من 26 إلى 30 سنة.

 وأضاف أنّ فكرة الزواج في المجتمع بشكل عام لا يمكن أن تحدد دون العوامل الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية داخل المجتمع؛ ولكي نحدد المفهوم الأوسع والأدق للزواج، يجب أن ندرس كل هذه المتغيرات.

 

 لا يمكن تعميمها على المجتمع

من جانبها وجّهت مريم المعمري انتقاداً للدراسة التي قام بها الباحث مبارك الحمداني بحكم أنّ عينة الدراسة هم طلاب وأيضا وهي فئة عمرية محددة كما أنّها عينة بسيطة لا يمكن تعميمها على المجتمع، وربما لو قام بأخذ عينات من فئات عمرية مختلفة سيصل إلى نتائج مخالفة لهذه الدراسة.

وعقبت نادية المكتومية بقولها أنّ الشهادة الدراسية عامل مهم؛ فالثقافة شيء والوعي بالزواج شيء آخر، فيمكن أن يكون هناك شخص وصل لدرجة من العلم ولكنه في نفس الوقت يواجه العديد من المشاكل في الأسرة ولا يجيد التعامل معها وفاشل في الحياة الزوجية، وفي الجهة الأخرى يمكننا أن نرى العكس، رجل بدون مؤهلات علمية ولكنّه يدرك كيفية إدارة حياته الزوجية باقتدار، والمثال ينطبق على الجنسين. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يكون كل من يحمل شهادة جامعية فاشل في الحياة الزوجية والعكس صحيح. فالمفترض والشيء الطبيعي أن الإنسان كلما زادت ثقافته ومستواه العلمي؛ كلما كانت حياته الزوجية مستقرة. هذا هو المستوى الطبيعي لذلك لا يمكننا التعميم.

وتضيف: بعض الأمهات والجدات بدون شهادات أو ثقافة علمية ولكنهن ناجحات في الحياة الزوجية، وهذا أكبر مؤشر على أنّ مستوى التعليم والشهادة الجامعية، ليس هو معيار اختيار شريك الحياة؛ إنّما المعيار الأساسي هو مستوى الوعي بمفهوم الزواج مثل ما تفضل الدكتور صالح الفهدي.

وفي مداخلة لعدنان الفارسي مدير دائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية ورئيس مجلس إدارة جمعية الاجتماعيين العمانيين قال إن الحديث عن الزواج يحتاج إلى الترتيب والتسلسل المنطقي، بداية من مراحل فهم الحياة الزوجية -نقطة بنقطة- من الأساس، ما هو الزواج؟ ما الهدف من الزواج؟

واستكمل مستدلاً بالأحاديث النبوية التي تحمل معايير اختيار شريك الحياة، بأن مفهومها وعمقها ومعناها الجلي غائب عن أذهان وثقافة الكثيرين.

وفيما يتعلق بإحصائيات الزواج والطلاق أشار إلى احتمالية كونها غير دقيقة، وذلك بسبب أنّ عمليات توثيق الطلاق والزواج قد لا تتم في نفس العام.

مشيرا إلى الجهود المبذولة في مجال الإرشاد الزوجي حيث استعرض جهود البرنامج الوطني الذي تمّت الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء ودشّن رسميًا في وزارة التنمية الاجتماعية والذي كان تحت مسمى (الإرشاد الزوجي)، وأشار إلى أن المساعي المبذولة فيه كبيرة، للوصول لأكبر عدد من الشباب والفتيات وتأهيلهم حيث إنّه وخلال الثلاث سنوات الماضية تم تأهيل ما يقارب 10757 شاباً وشابة حتى نهاية 2016.

وأكد أنّ البرنامج حتى الآن غير إلزامي، ولكن هناك جهود تبذل لتأهيله حتى يصبح إلزامياً إلى جانب ضرورة الفحص الطبي قبل الزواج.

 

 اختيار شريك الحياة

ثم قال الدكتور سعيد الريس (دكتوراه في التنمية البشرية والصحة النفسية): من خلال تجربتي الشخصية ألاحظ أن اختيار شريك الحياة يختلف حسب البيئة التي ينشأ فيها الشخص، فمثلًا في القرى يهتمون في موضوع الزواج بالناحية القبيلية، وأيضًا نرى في أكثر الأوقات أن الأم والأب هما اللذان يختاران الزوجة لأبنائهم بعكس المناطق المتحضرة فنجدها منفتحة وتضم أعراقا متباينة.

وأرى أيضًا أنّ عوامل الزواج والتربة ناجحة بنسبة أكبر في المناطق المحافظة على القيم والعادات مقارنة مع البيئة المفتوحة.

وقالت إحدى المشاركات في الجلسة: إنّ علاقة الأب والأم مهمة جداً للأبناء، فأنا تربيت في أسرة تعلمت منها مفهوم الزواج، من خلال تعامل والدي مع والدتي، ومن خلال احترامهم لي كبنت وكفرد من الأسرة.

كما أعرف أنّ هناك الكثير من الفتيات في نفس عمري ليس لديهن فهم لمعنى الزواج الحقيقي، واعتقد أن ذلك يعود إلى شكل علاقتهم مع آبائهم، ومن واقع تجربة ومن خلال معرفتي أعرف بعض الفتيات المتزوجات واللاتي لديهن أكثر من طفل ومع ذلك لا يعرفن طريقة التعامل مع الطفل عندما يمرض. فالأسرة لها دور في نقل المفهوم الصحيح للزواج وكيفية إدارة الأسرة.

وبدوره قال أحد الحضور إنّ بعض الشباب اليوم ينظرون إلى الزواج بشكل سطحي، وذكر مثالا من واقع تجربته: فأحد طلابه في المرحلة الثانوية يقول إنه يريد أن يتزوج وهو ما زال على مقاعد الدراسة، ولم يتوظف، والسبب رغبته في أن يجد أنيسا له، وهذا يدل على أن الأنيس في المنزل مفقود، والذي ربما يكون بسبب انشغال الأب والأم والإخوة. فهذا الشاب يبحث عمن يتحدث ويستمع إليه ويخرج معه، وجد الشاب الفتاة وبدآ يخرجان سويا ويذهبان إلى السوق والشاطئ وغيرها من الأماكن قبل أن تكون هناك رابطة شرعية تجمعهما، فهذه العلاقة وهذه الحياة الزوجية بنيت على باطل، وما بني على باطل فهو باطل. فوجب على الأسرة أن تنتبه إلى مثل هذه الأمور.

وتساءل مبارك الحمداني: هل التعليم أو المنهج الدراسي له دور في تكوين ثقافة الزواج؟

ورد بقوله: أنّ الزواج مفهوم لثقافة عميقة داخل المجتمع، ثقافة تتوزع في كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية وكل المؤسسات الثقافية. والتعليم يسهم في تغيير التصور العام لمفهوم الدراسة وهذا ما يجب أن ندرسه.

وتقول باحثة من وزارة الصحة: بالنسبة للمعايير أرى في الدرجة الأولى يجب أن يكون الدين والخلق، فالرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بهذه الأمور ولو بدأت الحياة الزوجية من هذا الأساس فلن يظلم أحد الأطراف الطرف الآخر، فإن اجتمعوا سيجتمعون على الخير وإن تفرقوا سيتفرقون على خير، وذلك لأنّ الإسلام شرع من الحقوق والواجبات لكلا الزوجين بما يحفظ هذه العلاقة ويقويها.

المعيار الآخر هو البيئة والثقافة وأهمية وجود تقارب حتى لا تنشأ فجوة كبيرة بين الزوجين، فهناك اختلافات في التربية يجب الانتباه اليها.

أحد الحضور يقول: الفروق في العادات في مختلف مناطق السلطنة قد تكون سببا في حدوث مشكلات بين الزوجين.

ويضيف آخر: تأسيس الأسرة على منظومة من القيم يؤدي إلى تماسك الزواج وعدم تأثره بأية عوامل والشخص المتعلم لا شرط أن يكون لديه وعي ثقافي من ناحية الزواج، والرجال ليس لديهم الوعي الكامل بالزواج ويفكرون أكثر في النجاح بالعمل والإنجاز مما يؤدي إلى إهمال الأسرة ورفض النصيحة.

وتأتي مداخلة أخرى: لا بد أن يكون هناك تنازلات بين الزوجين وإذا غاب الحب والتفاهم ستتولد المشكلات بينهم.

ويضيف آخر: المناهج التعليمية لا توجد فيها توعية بهذا الموضوع وإن كانت فالطالب لا يركز على الاستفادة وإنما يركز على كيفية الحصول على درجات عالية فيها.

 

 اختلاف العادات طبيعي

وتعقب نادية المكتومية بالقول: اختلاف العادات أمر طبيعي وليس سبب للمشكلات والتي تكمن في عدم الوعي في إدارة هذا الاختلاف (الوعي والإدراك في إدارة الحياة الزوجية).

كما تحدثت عن سيكولوجية الحب وثقافة تحريم الحب في المجتمع وقالت: إنّ ثقافة الحب مشوهة في مجتمعنا والمشكلة تكمن في التفاعل بين الزوجين. والاحترام قبل الحب فالاحترام هو الذي يؤسس الحب ولابد من توعية الأبناء بذلك.

وأشارت المكتومية إلى أنّها أجرت بحثا عام 2010 على الطالبات في المدارس بمختلف ولايات محافظة مسقط حول أكثر المشكلات التي يواجهنها في المجتمع المدرسي، وكانت مشكلة (البوي فريند) أكثر المشكلات التي حصل عليها البحث وهذا يعود إلى غياب دور الأسرة في توعية الأبناء وذلك بحكم طبيعة المراهق ورغبته في معرفة طبيعة الجنس الآخر.

 

مقلدون للثقافة الأجنبية

وبدوره يقول أحمد المني (معلم مدرسة وحاصل على دكتوراه في العلوم الفلسفية): "تراجع الدور للثقافي في كل المجالات، فأصبحنا مقلدين للثقافة الأجنبية الوافدة ومهملين لقيمنا وسلوكياتنا الإسلامية التي بنيت عليها الحضارة الإسلامية.

فمن العبارات الفلسفية (المغلوب مولع بتقليد الغالب) وهذا ما يحدث لذلك فإنّ الحل يتمثل في استعادة الدور الثقافي والرجوع إلى التعاليم الإسلامية.

وتشير إحدى المشاركات إلى أنّ السبب الرئيسي في المشاكل الأسرية هو الكسل في التعلم والقراءة للتزود بالمعارف حول هذه الجوانب، فعند إقامة الدورات الإرشادية يكون أغلب الحضور من النساء ولكن يقل الحضور في كل دورة.

 

 أسباب الطلاق

سأل الدكتور صالح الفهدي الجمهور: ما الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، هل هي المواقف البسيطة أم هناك أسباب أخرى؟

رد أحد الجمهور بالقول إنّ من أهم الأسباب المفهوم الخاطئ للزواج وعدم إيجاد الحلول للمشاكل إضافة إلى تدخلات الأهل، وإفشاء المشاكل الزوجية.

وقالت إحدى المشاركات أنّ التنازلات بين الرجل والمرأة سبب رئيسي للوقاية من الطلاق.

وقال أحد الحضور: ثقافة الصراع على السلطة وعدم التنازل من أسباب الطلاق، والتعامل مع العلاقة وكأنها غالب ومغلوب.

 وقال آخر: عدم الحوار في الأسرة يجعلها ضعيفة.

ويقول أحد الحضور: من أسباب الطلاق أنّه لا يوجد لدى الطرفين أحيانًا معايير وأهداف وثقة في العلاقة الزوجية، ولا توجد رؤية واضحة.

 

تعليق عبر الفيس بوك