حلول ذكية لأزمتنا المالية (2-2)

 

علي المعشني

نواصل في الجزء الثاني من هذا المقال، المقترحات التي بدأناها في الجزء الأول، والتي تستهدف تقديم حلول ذكية لأزمتنا المالية، ومنها:

  • تخيلوا لو تمَّ السماح لأيّ موظف عُماني أكمل مدة عشرة أعوام فما فوق في العمل بشراء السنوات المُتبقية في حال رغبته في التقاعد القانوني الدائم ودفع فروقات تلك السنوات نقدًا دفعة واحدة.
  • تخيلوا لو وفرت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية تقاعدا استثنائيا للمواطنين غير المُنتمين لأي قطاع، بحيث يحدد المواطن الراتب المقترح لتقاعده ويقوم بشراء المدة المناسبة لذلك وفق دراسة أكتوارية تقوم بها الهيئة وسدادها نقدًا أو على دفعات مُناسبة.
  • تخيلوا لو تمَّ منح كل موظف خدمات مدفوعة (شرطة، قوى عاملة، بلدية ومن في حكمهم) مبلغ نصف ريال عن كل مُعاملة ينجزها من باب التحفيز وتحسين جودة الخدمة ورفع الإنتاجية والقضاء على البيروقراطية والروتين، على أن يتم تغيير الطاقم الوظيفي سنويًا.
  • تخيلوا لو اتخذ قرار يسمح للموظف العماني الراغب في الاستفادة من تمويل صندوق الرفد بالتفرغ من الوظيفة لثلاثة أعوام مع الراتب، وموازنة تشغيلية كاملة للمشروع لعامه الأول، لترسيخ ثقافة العمل الحر وتجنب التعثر والمخاطر.
  • تخيلوا لو صدر قرار يسمح للموظف العماني في القطاع العام ممن أكملوا عامين في الخدمة فأكثر بالتفرغ للدراسة الجامعية فأعلى على نفقته الخاصة بالتنسيق مع جهة عمله، لتستفيد البلد من اتساع البنية العلمية وخزينة الدولة من بدلات التفرغ والجامعات والكليات الخاصة في السلطنة من تدفق الطلاب وعوائد الرسوم.
  • تخيلوا لو خصص لكل مواطن (300) لتر وقود شهري بتسعيرة (120) بيسة ولمركبتين لكل شخص أو عائلة لتقنين حصة استهلاك المحروقات محليًا والتقليل من الاستهلاك غير الضروري للمواطن.
  • تخيلوا لو أدخلت مواد قانونية في قانون الجزاء العماني تسمح بمقايضة كل سنة سجن بمبلغ ألفي ريال عُماني للجرائم غير الخطيرة، وفي إطار تحولنا لمرحلة بدائل السجون كتجربة عالمية حميدة بإحلال وتفعيل العقوبات الإدارية والمالية كبديل عن السجون في عقوبات وجرائم بعينها.
  • تخيلوا لو منحت وزارة التربية والتعليم مبلغا ماليا استثماريا يتيح لها استغلال مساحات معقولة وممكنة من مدارسها والمنشآت الخاصة بها، مع صلاحية تدوير عوائد ذلك الاستثمار لتشغيل الوزارة تدريجيًا وصولًا إلى الاكتفاء والاستقلالية، مع انسحاب ذات الإجراء والصلاحيات على وزارات أخرى تمتلك منشآت يمكن استثمارها وتحقيق عوائد مجزية منها.
  • تخيلوا لو عملنا بخدمة الإنجاز السريع للمعاملات (إكسبريس) للراغبين، بحيث تضاعف الرسوم مع كل مدة مرغوبة للإنجاز أي بالمفاضلة، وذلك لتحسين جودة الخدمات واحترام رغبات وأوقات العملاء وتحصيل رسوم خدمة إضافية.
  • تخيلوا لم تمت مراجعة إجراءات تأشيرات الدخول بأنواعها وسمح بدخول أكبر عدد من الجنسيات وفق ضوابط "منطقية"، والعمل بنظام "الكوتة" السنوية لصرفها بحيث يسمح بدخول مليون ونصف المليون زائر كل فصل (أربعة أشهر) عبر بعثاتنا الدبلوماسية ومكاتب السفر، حتى نتجنب المزيد من الإنفاق المالي للتوسع في المنشآت الفندقية وتحقيق أفضل العوائد بالموجود، فأنا أعلم تجربة دولة خليجية صغيرة انتقلت من رقم (4000) سائح فقط عام 1995 إلى مليون وأربعمائة ألف سائح عام 2016 بفضل صناعة سياحية جادة تنوب عن وتعوض المقومات السياحية التقليدية لتلك الدولة (والتي تتمتع السلطنة بكل مفرداتها) وبقليل من المراجعات الإجرائية والتشريعية مع التسويق الجاد والحوافز الجاذبة للسياح.
  • تخيلوا لو أدخلت كافة المشروعات الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة للشباب العٌماني المقامة بجهود ذاتية أو تمويلية في القطاعات الزراعية والحيوانية والسمكية تحت مظلة ورعاية وإشراف وتسويق الشركة العمانية للاستثمار الغذائي كخطوط إنتاج لها، لتحقيق مناخ جاذب للعمل الحر وتحسين جودة تلك المشروعات وتنافسيتها وتجنب التعثر والخسائر وتطمين الملاك وأدوات الدعم والتمويل وإزالة المخاوف والمخاطر عنها.
  • تخيلوا لوحصرت الوظائف التالية: سائق نقل عام، سائق أجرة، سائق صهريج ماء، توزيع غاز الطبخ، الحافلات المدرسية، تعليم السياقة، أمن وحراسات) ومافي حكمها من أعمال على الباحثين عن عمل من فئة الشباب وحصرت في فئة المتقاعدين فقط أو من تتجاوز أعمارهم الخمسين عامًا، لجبر ضرر المتقاعد ماديًا وتحقيق الجودة والتنافسية عبر شغل تلك الأعمال من قبل أشخاص يتمتعون بالمسؤولية بحكم العمر والخبرة الحياتية، وشغل الفراغ في المفيد، والتشجيع على التقاعد وجعله جاذبًا وآمنًا، ولخلق شواغر وظيفية لمن يشكلون قوة العمل الحقيقية من فئة الشباب في المجتمع.

مشكلتنا الحقيقة في قطاع التوظيف تكمن بالدرجة الأولى في عدم وجود نظام تقاعد جاذب ومريح للموظف العماني وبتحقيقه ستتحقق آلية الطرد والجذب الوظيفي بآلية وسلاسة دائمة تجنبنا خوض المغامرات وعناء التوظيف وخلق الشواغر والبحث عن الحلول الوقتية المكلفة، ومشكلتنا في تعزيز دخول الدولة من موارد أخرى غير نفطية تكمن بالدرجة الأولى في ضرورة مراجعة شاملة للأمور الإجرائية والتشريعية في كافة القطاعات بالدولة والتي يرجى منها تحقيق عوائد أكبر بتحسين جودتها وتسويقها كخدمة جاذبة للمستهلك دون الحاجة للمزيد من الإنفاق المالي، من أنشطة تجارية وسياحية ورسوم وخلافه . فهناك تشريعات ومواد قانونية وطرق إجرائية وسلوكات إدارية سارية تسببت في هجرة مليارات الريالات وفي إحجام أضعافها من الداخل والخارج عن خوض أي تجربة استثمارية جاذبة ومريحة في السلطنة، وهذا واقع معاش وليس اختراعا أو سرا يفشى.

قبل اللقاء: مشكلتنا ليست في شح الموارد والثروات الطبيعية والبشرية، بل فيمن يستخرج تلك الموارد ويكتشف تلك الثروات ثم يديرها بحكمة وذكاء.

 

وبالشكر تدوم النعم.

 

Ali95312606@gmail.com