كيفية صناعة التسويق بالرياضة .. "البعبع النائم" أنموذجا

 

حسين بن علي الغافري

 نجاحات واسعة تحققها الهند في شتى المجالات العلمية والبشرية والاقتصادية، ولعلها مثال نموذجي للتطور والنهضة الاقتصادية، ولكن رياضياً لا تبدو بذلك الصيت الواسع إلا كما نعرفها بـ "دولة الكريكت". البلد المليارية التي يتجاوز عدد سكانها المليار وثلاثمائة مليون نسمة لم يكن استضافتها لمونديال كأس العالم لما دون السابعة عشر أمراً عبثياً أو مطمع إنجاز للمنتخب. فالفارق الفني مع أقل المنافسين في البطولة التي تتواصل لقاءاتها حالياً لا يصب في صالح الهنود، وأكاد أجزم بأن المنتخب ومسيريه على علمٍ بذلك. إذاً لماذا استضافت الهند البطولة؟!

 كثيرون منِّا لا يعلمون عن الهند الشيء الكثير إلا أولئك الذين زاروها بداعي السياحة أو العلاج.. ولربما تكون معرفتهم بها بسيطة. بضغطة زر داخل الشبكة العنكبوتية تدرك تماماً أنها بعبع عالمي متسارع النمو، وتتيقن بقوة اقتصاد متنوع المصادر كتقنية المعلومات الذي يتصدر القائمة، والزراعة والتعليم والمنسوجات والصناعة المشتقة من المنتجات الكيميائية والجلدية، ومجالات مختلفة أخرى سيأخذ الحديث عنها جُلْ المقال!. ومنذ مدة بسيطة بدأ التفكير في الدخول إلى عالم الرياضة وفق أسس وخطط استراتيجية تمثلت بإطلاق الدوري المحلي بشكله الجديد الذي تنشط فيه ثمانية أندية وجلب نجوم عالمية لها صيت واسع وجماهيرية مطلقة وحققت نجاحات في كبرى الدوريات الأوروبية بداعي التسويق وتشجيع الوسط الاجتماعي ومنهم البراعم الفئة المستهدفة بقوة.

 .. بعد عملية تطوير للدوري القصير جداً بأنديته الثمانية قياساً بالرقعة الجغرافية الكبيرة للهند، فقد كان الهدف تصويب التركيز الإعلامي الواسع على عدد محدود في بداية الانطلاق عام 2014 وهو ما تحقق بنجاحات كبيرة تمثلت في الحضور الجماهيري في أول مباراة والتي بلغ عدد الحضور الجماهيري فيها زهاء سبعين ألف متابع من على المدرجات في مدينة كالوكاتا. وفي خطوة تسويقية ثانية يمكن القول بأن محور التسويق الجاد كما ذكرنا كان فئة النشء بمشروع "11 مليون" الذي يتبنى التركيز الكلي على 30 مدرسة متوزعة جغرافياً لدمج 11 مليون طفل في أنشطة كرة القدم. وهي خطوة ذكية للهند أو (العملاق النائم) كما وصفها رئيس الفيفا السابق السويسري بلاتر، عندما قال بأنها عملاق نائم عن كرة القدم. ولا غرابة إن شاهدنا تواجد أحد هؤلاء المواهب التي تسعى الهند لاحتضانهم ورعايتهم في الدوري الإنجليزي أو الإسباني والبقية. المشروع طموح ونجاحه يمكن التنبؤ به.

 نحن اليوم بحاجة إلى خطوات مماثلة محلياً. لم لا نستضيف بطولات عالمية كبرى من الصف الثاني على أقل تقدير من شأنها أن تساهم بشكل أو بآخر في دفع الصناعة الرياضية خطوات إلى الأمام، وتساهم في تعزيز موقع السلطنة على خارطة العالم الرياضي. لسنا كالهند، بحاجة إلى ترويج جماهيري للبطولات الكبرى، فالجمهور المحلي يتمتع بثقافة رياضية واسعة، أضف إلى ذلك أنه محب لرياضات عديدة أولها كرة القدم. حاجتنا تكمن في جلب البطولات العالمية، وهو ما من شأنه أن يضيف الكثير في تطوير البنية الرياضية التي نملكها، ويكسبنا الخبرة العالمية في تنظيم البطولات. ناهيك عن أن ذلك كله يساهم في دفع العجلة السياحية خطوات متقدمة مثلما تحقق عند تنظيم السلطنة لكأس العالم العسكرية مطلع هذا العام والنجاحات والإشادات الواسعة لمستوى البطولة تنظيمياً.