أين مقر المجلس البلدي؟

 

سيف بن سالم المعمري

تُعد المجالس البلدية في السلطنة من المنابر البرلمانية التي تعزز المشاركة المجتمعية لدعم برامج التنمية الشاملة التي تنعم بها البلاد، وقد جاء صدر المرسوم السلطاني (116/2011) القاضي بإصدار قانون المجالس البلدية، تتويجًا لنجاح تجربة الشورى العُمانية، ومجالاً أرحب لتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية وإبداء الآراء والتوصيات بشأن تطوير النظم والخدمات البلدية في نطاق كل محافظة والتي حددها القانون في ثلاثين بنداً.

ورغم أنَّ تجربة المجالس البلدية في السلطنة ليست بجديدة فقد مضى عليها في محافظتي مسقط وظفار أكثر من عقدين من الزمن، قبل أن تعمم التجربة على سائر محافظات السلطنة بعد صدور المرسوم السلطاني في عام 2011م، إلا أن المجالس البلدية مطالبة في الفترة الراهنة بدور أكبر في ظل الوعي المجتمعي المتنامي بحب المشاركة بالرأي، وتقديم المقترحات حول كل ما يتعلق بالنظم والخدمات البلدية، ويتأكد ذلك من خلال ولوج الكثير من أبناء المجتمع إلى شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، كمتنفس لما يريدون أن يبعثوه إلى مؤسسات الدولة، وإن كنت لست ضد التفاعل الإلكتروني، ولكن أرى أهمية بالغة في وجود منصة إلكترونية خاصة بكل مجلس بلدي بالمحافظات والتي أصبحت من مقتضيات العصر الرقمي، ولكي يتم تفعيل الأدوات الحديثة في الاتصال بين المواطن والحكومة بشكل إيجابي، على أن تكون المنصة فاعلة ومتجاوبة أولاً بأول مع كل ما يتم طرحه، ويشرف عليها فريق متخصص يقوم بالمتابعة وتقديم الردود-إن لزم الأمر- حسب مقتضى المصلحة العامة. على أنَّ المجالس البلدية ذاتها تتطلب وجود مقار جغرافية معلومة في كل محافظات السلطنة، فالوضع الحالي للمجالس البلدية أشبه ما يكون بعالم افتراضي غير معلوم الموقع إلا على الأوراق الرسمية وبطون الصحف وعناوين نشرات الأخبار ولقطات الكاميرات، والمواطن يسأل أين المجلس البلدي؟

نعم .. إنَّ الوضع الحالي للمجالس البلدية وعدم وجود كيانات محسوسة في المحافظات يقلل من فرص التواصل والاتصال بين المواطن وأعضاء المجالس البلدية، وليس من المبالغة في شيء أن الكثير من أعضاء المجالس البلدية لا يفتحون قلوبهم ويمدون أياديهم لأبناء المجتمع إلا في فترة الانتخابات، وبعد الوصول إلى المجلس يقتصر اللقاء بين الأعضاء والمواطنين في الأفراح والأتراح والاحتفالات الرسمية ونحو ذلك، ولا يلام عضو المجلس البلدي في ذلك، فليس من الأمر المستساغ مجتمعيًا-على الأقل- أن يقرع العضو باب كل مواطن ليستحثه على إبداء رأيه في موضوع معين، وكذلك الحال بالنسبة للمواطن ليس مستساغاً أن يطرق باب عضو المجلس البلدي في الوقت الذي يشاء متجاهلاً وضعه الاجتماعي وحقوقه كمواطن يستأنس بخصوصياته الأسرية ويقضي معهم أوقاته، والحل في ذلك أن يوجد مقر ثابت للمجلس البلدي في كل محافظة، ويتم رفد مقر المجلس بالكوادر الوظيفية، ويكون حضور أعضاء المجلس البلدي المنتخبين بالتناوب خلال ساعات العمل الرسمي كبقية مؤسسات الدولة، على أن من الأهمية أن يكون مقر المجلس منبرًا لعقد اللقاءات بين مختلف شرائح المجتمع وبين الأعضاء، وتنظيم برامج وأنشطة توعوية تخدم مجالات العمل البلدي.

إنَّ عدم وجود مقار ثابتة للمجالس البلدية يشتت جهودها، ويبعد مسافات التواصل بين المواطنين والأعضاء، وإن الدور المنشود من المجالس البلدية في الفترة الراهنة هو تعميق أواصر التواصل بين المواطن والحكومة من خلال تلك المجالس، وإن ما سبق ذكره من وجود منصات إلكترونية فاعلة للمجالس البلدية، بالإضافة إلى مبنى لكل مجلس بلدي بكل محافظة، أصبح ضرورة ملحة اقتضاها وعي ونهم المجتمع بحب المشاركة ودعم سياسات الحكومة، ولا غرابة إن تذرع المواطن الراغب في التواصل مع المجلس بأن يسأل: أين مقر المجلس البلدي؟

   فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت،،

Saif5900@gmail.com