الجيش السوري يُهيمن على الغرب.. والوحدات الكردية تحكم سيطرتها على الشرق

هل يبدأ تقسيم سوريا على ضفتي نهر الفرات؟

...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

≤ قوَّات سوريا الديمقراطية تحذر "الحكومية" من عبور النهر.. ومستشارة الأسد: سنقاتل الجميع

≤ أبو خولة: كل قرية في الضفة الشرقية حتى الحدود العراقية هدف لقوات سوريا الديمقراطية

≤ وحدات حماية الشعب الكردية تهيمن على "سوريا الديمقراطية" وتشكل مجلسا مدنيا لإدارة الريف الشرقي لنهر الفرات

≤ تلميح بتواطؤ مقاتلي "داعش" مع "سوريا الديمقراطية" لتسليم مواقع بدون قتال

 

 

في الوقت الذي يَضِيْقُ فيه الخناقُ على مُقاتلي تنظيم "داعش" من اتجاهيْن على نهر الفرات؛ إذ يقتربُ الجيش السوري وحلفاؤه من الغرب، فيما تقترب قوات سوريا الديمقراطية من الشرق، تنمُو بذور صِدَام مُؤجَّل بَيْن الطرفين المسيطرين على ضفتي النهر الذي يقسم سوريا إلى نصفين غير متساويين، على خلاف ما اتسمت به المرحلة الماضية من حرص الطرفين على تجنُّب اعتراض كلٍّ منهما لطريق الآخر في معركتهما ضد "داعش"؛ منعًا لتصاعد الصِّدام بين الولايات المتحدة الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية، وروسيا الداعمة لعمليات الجيش السوري.

لكن على ما يبدو، فقد تغيَّر الوضع الآن، وأصبح الصِّدام حتميًّا، بعد أنْ بات نهر الفرات يشكِّل خطا فاصلا بين الجانبين، وهو ما نلمسه في حِدَّة النبرة المستخدمة في تصريحات مسؤولي الجانبين؛ فقد حذر أحمد أبو خولة رئيس المجلس العسكري في دير الزور -الذي يقاتل تحت راية تحالف قوات سوريا الديمقراطية- القوات الحكومية وحلفاءها من إطلاق النار عبر نهر الفرات مع اقتراب قواته من الضفة الشرقية للنهر، وقال: الآن يوجد بيننا وبين الضفة الشرقية 3 كيلومترات، وبعد وصول قواتنا فأي طلقة تخرج باتجاه هذا المكان نعتبرها استهدافا لمجلس دير الزور العسكري، وقد أخبرنا النظام السوري وروسيا أننا قادمون لضفة نهر الفرات وهم يرون قواتنا تتقدَّم، ولن نسمح لا للنظام ولا ميليشياته بالعبور إلى الضفة الشرقية.

 

الرُّؤية - هيثم الغيتاوي والوكالات

 

 

 

بَيْنما على الجانب الآخر، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا: إنَّ الجيش السوري عبر بالفعل النهر، وأضافت بأنَّه بعد انتصار كبير قرب دير الزور يواصل جيش الحكومة السورية طرد إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية من المناطق الشرقية من البلاد، وتم تحرير ضواحي هذا المركز الإقليمي ونجحت وحدات متقدمة في عبور الفرات وتتخذ مواقع على الضفة الشرقية. ورد أبو خولة على التصريحات بقوله: إنَّ الأمر لا يتعدى الدعاية. وأكد أنَّ أحدا لم يعبر النهر. لافتا إلى أنَّ إدارة مدنية ستتشكل لإدارة المناطق التي سيتم السيطرة عليها من محافظة دير الزور من يد الدولة الإسلامية بما يشمل حقولا نفطية غنية في المنطقة. وأضاف بأنَّ الحكومة السورية "نظام لا يصلح لقيادة وإدارة شعب". وقال أبو خولة إن كل قرية تابعة للضفة الشرقية لنهر الفرات وصولا إلى الحدود العراقية السورية هدف لقواتنا... نحن نسير بقوة وبسرعة ليس لدينا تحديد وقت، لكن نأمل بوقت قريب أن يتم تحرير الضفة الشرقية بالكامل".

وهو ما يُفسِّر الهدفَ المرحليَّ للقوات المدعومة من أمريكا بالسيطرة على الجانب الشرقي كاملا من سوريا، ربما ليكون نهر الفرات حدودا مقترحة فى مخطط تقسيم افتراضي، لذلك قال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إن قوات سوريا الديمقراطية لا تخطط لدخول مدينة دير الزور، لكن وعلى الرغم من أنَّ المدينة ليست هدفا لقوات سوريا الديمقراطية، لم يستبعد أبوخولة احتمال أن تُصبح هدفا بعد ذلك. وقال: لدينا مناشدات من مدنيين بدير الزور بتخليصهم من النظام السوري ومن داعش بنفس الوقت، لكنَّه أضاف: الآن لدينا برنامج نسير عليه هو تحرير الريف الشرقي من ضفة نهر الفرات. مؤكدا أنَّ قوات داعش أبدت مقاومة شرسة عندما دخل مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية لأطراف دير الزور على الضفة الشرقية للفرات. وأشار أبو خولة -وهو في أوائل الثلاثينيات من عمره- إلى أنَّ نحو عشرة آلاف مقاتل يشاركون في حملة دير الزور أغلبهم من قبائل عربية من شرق سوريا. ويساند الحملة مقاتلون أكراد يشكلون جزءا أساسيا من قوات سوريا الديمقراطية. وقال: "تدريب جنودنا كله ضمن معسكرات تدريب التحالف الدولي. هم يشرفون على تدريبنا وتسليحنا".

وكان أبو خولة من عناصر الجيش السوري الحر في دير الزور، حتى سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على أغلب المحافظة في 2014، في أوج توسعه في سوريا والعراق. وفر إلى تركيا قبل أن يعود إلى سوريا للانضمام لصفوف قوات سوريا الديمقراطية. وقال: الآن، نحن ننشئ مجلسا مدنيا موازيا للمجلس العسكري لمدينة دير الزور، والمجلس المدني هذا سوف يقوم بإدارة جميع المناطق المحررة من داعش".

 

الأسد يهدد "أذرع أمريكا"

وعلى الضفة الأخرى، قالتْ مُستشارة للرئيس السوري بشار الأسد إنَّ الحكومة السورية ستقاتل أي قوة، بما في ذلك قوات تدعمها الولايات المتحدة وتقاتل أيضا تنظيم الدولة الإسلامية؛ من أجل استعادة السيطرة على كامل البلاد. وأكدت بثينة شعبان -في مقابلة مع تليفزيون المنار التابع لجماعة حزب الله اللبنانية- "سواء كانت قوات سوريا الديمقراطية أو داعش أو أي قوة أجنبية غير شرعية موجودة في البلد تدعم هؤلاء، فنحن سوف نناضل ونعمل ضد هؤلاء، إلى أن تتحرر أرضنا كاملة من أي معتد". وأضافت: "قوات سوريا الديمقراطية أو محاولاتها أن تسيطر على أراض في الأيام الأخيرة، لاحظنا أنَّها حلت محل داعش في كثير من الأماكن دون أي قتال"، في اتهام لهم على ما يبدو بالتواطؤ مع المتشددين.

وقالت إنَّ قوات سوريا الديمقراطية تحاول السيطرة على مناطق تضم حقولا نفطية. وأضافت بأنها لن تتمكن من نيل ما تريده. وقالت أيضا إنَّ خططا لما وصفته بتقسيم سوريا فشلت، دون أن تفصح عن المزيد. وسيطرت وحدات حماية الشعب الكردية السورية، التي تهيمن على قوات سوريا الديمقراطية، لسنوات على مناطق واسعة من شمال شرق سوريا. ويزيد تقدم قوات سوريا الديمقراطية ضد الدولة الإسلامية في معقلها في الرقة وتقدمها في هجوم جديد في دير الزور من مساحة الأراضي التي تسيطر عليها.

وقالتْ قوات سوريا الديمقراطية، أمس، إنَّ طائرات روسية وقوات سورية استهدفت قواتها المدعومة من الولايات المتحدة في محافظة دير الزور التي أصبحتْ محوراً لصراع متزايد التعقيد. وقال تحالف قوات سوريا الديمقراطية -المؤلَّف من مُقاتلين عرب وأكراد من المعارضة ومدعوم من التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة- إنَّ الضربات أسفرتْ عن إصابة ستة من مقاتليه.

وقال بيان قوات سوريا الديمقراطية: تعرضت قواتنا في شرق الفرات لهجوم من جانب الطيران الروسي وقوات النظام السوري استهدفت وحداتنا في المنطقة الصناعية؛ مما أدى لإصابة ستة من مقاتلينا بجروح مختلفة. وأضاف البيان بأنَّ مثل تلك الهجمات "تعمل على هدر الطاقات التي يجب أن تكون ضد الإرهاب، وتهدد بذلك أمن المنطقة، وتفتح الطريق أمام صراعات جانبية هدفها إجهاض النضال ضد داعش وخلق الفتن". ولم يَرِد تعليق بعد من الحكومة السورية أو موسكو. ويتعرَّض تنظيمُ الدولة الإسلامية لهجوم أيضا من قوات الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة على الجانب الآخر من الحدود قبالة دير الزور. وانهارت فعليا في يوليو دولة "الخلافة" التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014 على مناطق ممتدة عبر حدود البلدين عندما استعادت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة السيطرة على الموصل معقل التنظيم الرئيسي في العراق.

وقد أعلن تحالف عسكري موال للجيش السوري، أمس، أنَّه بدأ هجوما في شرق البلاد لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من أجزاء بالمنطقة الحدودية مع العراق. وقال التحالف -المؤلف من مسلحين شيعة مدعومين من إيران- إنَّ الهجوم الذي يتم بدعم من الجيش السوري وغطاء جوي روسي، بدأ في الطرف الجنوبي لمحافظة دير الزور. وأضاف بأنَّ الهجوم سيستهدف الدولة الإسلامية حتى بلدة البوكمال حيث يلتقي نهر الفرات بالحدود العراقية. وكانت القوات المسلحة العراقية قالت إنَّها بدأت هجوما لطرد الدولة الإسلامية من المنطقة الحدودية التي تضمُّ بعضَ آخر البلدات التي تخضع لسيطرة التنظيم في البلاد.

 

لغز مناطق عدم التصعيد

وأعلنتْ رُوسيا وإيران وتركيا، أمس الأول، إنَّها سترسل مراقبين حول منطقة عدم تصعيد بإدلب بشمال سوريا والتي يسيطر إسلاميون متشددون على معظمها. وتأتي الخطوة في إطار خطة أوسع تقيم بمقتضاها موسكو وطهران وأنقرة أربع مناطق مماثلة في أجزاء مختلفة من سوريا، وهي فكرة وصفها منتقدون بأنها تقسيم فعلي للدولة التي مزقتها الحرب.

وأشادت الدول الثلاث بالاتفاق بوصفه انفراجة بعد أشهر من المحادثات، لكنها لم تقدم إلا القليل من التفاصيل، وقالت إن بعض الأمور مازالت تحتاج إلى حل. ونفت الدول اتهامات بالسعي لتقسيم البلاد، وقالت إنَّ المناطق التي يخططون لنشر قوات فيها مؤقتة، رغم أن تواجدها قد يمتد بعد فترة الأشهر الستة المتفق عليها.

وذكرت الخارجية التركية ودبلوماسيون روس وإيرانيون حضروا محادثات ثلاثية في كازاخستان، أنَّ المراقبين من الدول الثلاث سينتشرون في "المناطق الآمنة" التي تشكل حدودَ منطقة عدم التصعيد في إدلب. وقالت الخارجية -في بيان- إنَّ مُهمة المراقبين هي منع وقوع اشتباكات بين "قوات النظام (السوري) والمعارضة أو أي انتهاك للهدنة".

وقال المفاوض الروسي ألكسندر لافرنتييف: إنَّ كلًّا من روسيا وإيران وتركيا سترسل نحو 500 مراقب إلى إدلب، وإن المراقبين الروس سيكونون من الشرطة العسكرية. ويخضع معظم محافظة إدلب -الواقعة في شمال غرب سوريا على الحدود مع تركيا- لسيطرة تحالف من فصائل المعارضة تقوده جبهة النصرة الجناح السابق لتنظيم القاعدة.

 

تعليق عبر الفيس بوك