مخاوف من سلوكيات دخيلة ومخالفات للقانون

من يتحمل مسؤولية العمالة الوافدة العازبة في الأحياء السكنية.. البلدية أم أصحاب المنازل المؤجرة؟

≤ مناشدات متكرِّرة لسكان في وادي عدي وروي والحمرية.. وبلدية مسقط تتدخل في حدود اختصاصاتها

≤ مساعٍ لإنشاء مدن سكنية للعمالة العازبة في العامرات والمسفاة للحد من خطورة المشكلة

الرُّؤية - مارية البوسعيديَّة

تُعَاني المجتمعات المحليَّة في السَّلطنة من ظاهرةِ التسكين العشوائيِّ للعمالة الآسيوية وسط الأحياء السكنية. ولهذه الظاهرة أبعادٌ اجتماعية وأخلاقية واقتصادية تظهر من خلال آراء المواطنين حول شرعية تسكين العمالة الوافدة في الأماكن السكنية، وتكمُن خطورة هذه الظاهرة عند ممارسة العامل الآسيوي لسلوكيات دخيلة على المجتمع من شأنها أن تسبب أضراراً؛ كون هؤلاء من ديانات ومجتمعات غير إسلامية، لهم عادات وتقاليد مختلفة. ومن الناحية الاقتصادية، فإنَّ استئجار عامل واحد لسكن ما يجلب عمالًا آخرين للتكدس والعيش في ذات السكن، دون دفع أي مبلغ لصاحب العقار، وتزداد خطورة الأمر عندما تكون هذه العمالة عمالة مخالفة للائحة قوانين العمل.

وعن المسؤول الأول حول تسكين العمالة الوافدة في الأحياء السكنية، أكَّدت بلدية مسقط في ردٍّ على أسئلة لـ"الرُّؤية" أنَّه كان ولا يزال للنمو العمراني والاقتصادي الذي شهدته السلطنة الأثر الكبير في زيادة العمالة الوافدة؛ مما أوجد الحاجة الملحة لتوفير مساكن لهذه العمالة، خاصة في محافظة مسقط، والذين تم تسكينهم سواء في الأحياء السكنية أو مواقع أخرى، ويتحمل كل من أصحاب الأعمال وأصحاب المباني مسؤولية تسكين هذه الفئات في المساكن وسط الأحياء، خاصة أصحاب المباني، الذين يسعون لتأجير مبانيهم لهذه الفئة رغم ما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية.

وحول ضوابط تسكين العمالة الوافدة، يقول سالم بن سعيد الرحبي عضو المجلس البلدي ممثل ولاية بوشر: إنَّ معالي رئيس بلدية مسقط أصْدَر تعميما إداريا يقضي بتحديد نوع استعمال العقار بعقد الإيجار. ويأتي التعميم الإداري في ظل انتشار ظاهرة تسكين الموظفين الأجانب "العزاب" في الأحياء السكنية والسكنية التجارية بأعداد كبيرة وما تشكله هذه الظاهرة من آثار سلبية خطيرة تهدد النسيج الاجتماعي للمجتمع وتشكل بؤرا خطيرة للمخالفات القانونية.

ونصَّ التعميمُ على التأكد من توضيح نوع استعمال العقار بشكل دقيق إذا كان المستأجر شركة، وذلك بكتابة سكن عائلي في خانة الاستعمال، أما إذا كان سكن موظفين وعمَّال فنيين "عزاب"، فيتوجب على المختصين عدم تسجيل ذلك العقد. بينما إذا كان المستأجر فردا ونوع الاستعمال سكني، فإنه يتم تسجيل العقد، والمستأجر يتحمل مسؤولية تسكين العزاب من العمال إذا اتضح ذلك مستقبلا.

وأضاف الرحبي: إنَّ هذا التنظيم أتى بعد مناشدات مُتكررة من سكان في بعض مناطق مسقط، خصوصا في وادي عدي، وروي، والحمرية، في ظل ما تشهده هذه المناطق من تكدس للعمالة الوافدة "العزاب" في الأحياء السكنية، وما يشكلونه من خطر اجتماعي وأخلاقي واقتصادي، بدأت تظهر آثاره في انتشار المخدرات والكحوليات وقضايا السرقة والقضايا الأخلاقية.

وحول مدى التزام أصحاب العقارات والكفلاء المسؤولين عن العمالة الوافدة بضوابط التسكين، قال: الالتزام بسيط جدا يكاد لا يذكر؛ وذلك لأسباب كثيرة؛ أبرزها: قلة الرقابة وعدم وجود بدائل أخرى مثل وجود مدينة سكنية للعمال؛ وذلك رغم وجود قانون يمنع تسكين العمالة العازبة في الأحياء السكنية.

وتقوم بلدية مسقط بعدة إجراءات مباشرة بشكل تدريجي عند الإبلاغ عن هذه العمالة من قبل المواطنين المتضررين، تبدأ بزيارة موقع البلاغ للتحري، والتحقق من صحته، وفي حالة التأكد من صحته يتم تحرير ضبط مخالفة لمالك المبنى لإخلاء السكن من العمالة. وفي حالة عدم تجاوب المالك في ذلك يتم اتخاذ إجراءات البلاغ سلطة الادعاء العام وإقامة دعوى قضائية لإلزام المالك بالإخلاء ودفع غرامة مالية، كما أنَّ بعض البلاغات تتعلق بممارسات مثل تخزين وبيع مواد وطبخ بعض المأكولات وتوزيعها على المطاعم. وبدورها، تقوم البلدية في مثل هذه الحالات برصد المواقع، ثم إصدار إذن تفتيش من الادعاء العام، ومن ثمَّ تفتيش الموقع مع الجهات المختصة، ومن ثم اتخاذ الإجراءات القانونية.

وفيما يخصُّ مُراقبة الأعمال التي تقوم بها العمالة الوافدة في الحي السكني، فإنَّ البلدية غير مسؤولة؛ إلا إذا كان العمل الممارس له علاقة بأعمال البلدية مثل أعمال الإنشاءات، أو ذات العلاقة بالجانب الصحي (مطاعم، مقاهي، أنشطة صحية أخرى)، أمَّا في حالة ورود بلاغ يتضمَّن أية ممارسات تتعلق بالجانب البلدي، فتقوم البلدية باتخاذ ما يلزم تجاهه وفق القوانين المعمول بها.

كما تمَّ تخصيص بعض المواقع بمحافظة مسقط ليتم استخدامها كمدن عمَّالية، ويجري حاليا التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية بالأمر لوضع ضوابط وشروط لهذه المدن، كما تم طرح أحد المواقع للاستثمار عن طريق القطاع الخاص، وسيتبع ذلك إجراءات سوف تُسهم في تنظيم إسكان العمالة الوافدة. وأضاف الرحبي: "تسعى البلدية لإنشاء مدن سكنية خاصة للعمالة الوافدة العازبة في كلٍّ من العامرات والمسفاة، وهذا بدوره يحد من هذه المشكلة إلى حدٍّ كبيرٍ وجهود البلدية تلزم رقابة المواطن الذاتية؛ سواء كان صاحب قرار أو مُتضررا من هذه الظاهرة".

من جهته، قال الدكتور سعود عبد الكريم سنجور الرئيس التنفيذي لشركة الأربعين الوطنية للخدمات، إنَّ تسكين العمالة في المناطق السكنية مشكلة بحاجة لتشخيص، وإيجاد الحلول في أقرب وقت ممكن. وتطرق إلى البُعد الاقتصادي في المشكلة؛ حيث ذكر أنَّ تكدس عدد كبير من العمال في منزل واحد مستأجر من قبل شخص واحد منهم، أو تجمعهم في غرفة العمل المؤقتة في موقع بناء ما تهربا من الإيجار، من شأنه أن يؤثر سلبا على نشاط أصحاب العقارات في المنطقة واقتصاد الدولة بعد ذلك، خاصةً عندما تكون هذه العمالة سائبة.

وحسب إحصائيات وزارة القوى العاملة، فإنَّ المؤشر الأسبوعي لحركة ضبط العمالة المخالفة أو السائبة لقانون العمل، يصل أسبوعيا إلى أكثر من 400 عامل مخالف يتركَّز أغلبهم في محافظتي مسقط والباطنة، وسجلت آخر إحصائية للقوى العاملة التاركة للعمل في الربع الأول من العام الجاري 5.706 عمَّال.

ويقول عبدالله الريامي من ولاية إزكي بمحافظة الداخلية: إنَّ عدد العاملة الوافدة في الحي السكني الذي يسكن فيه أصبح تقريبا أكثر من عدد المواطنين العمانيين، وذكر أن مجموعة من هؤلاء يجلسون على قارعة الطريق اوفي مقهى وسط البلدة بملابس غير محتشمة، حيث أصبح الأهالي يخافون على نسائهم وأطفالهم من السير، ورغم تقديم الشكاوى لمسؤولي المنطقة لإيجاد حل لهذه الظاهرة إلا أنه لا يوجد أي بادرة لإنهاء هذه المشكلة.

وتذكُر المواطنة سجى رشيد مغراب من ولاية صلالة، أنَّه من الخطأ تسكين العمال -خاصة العزاب منهم- في المناطق السكنية، تفاديا لمشكلات كثيرة؛ كون هؤلاء العمال من ثقافات مختلفة تختلف عن الثقافة العُمانية. وذكرت أنها وعائلتها تسكن في حي سكني يقطنه عدد من العائلات العمانية، ولا يستطيعون الجلوس في فناء منزلهم، لأن جارهم يمتلك شققا سكنية مُطلة على منزلهم قام بتأجيرها لعمَّال عزاب.

تعليق عبر الفيس بوك