مدرب السويق بيلاتشي.. أنت محق ولكن!!

أحمد السلماني

تَنَاقلتْ وسائلُ التواصل الاجتماعي الامتعاضَ الذي أَبْدَاه المدرِّب الروماني لنادي السويق بيلاتشي، من الحضور الخجول للإعلاميين الرياضيين بالمؤتمر الصحفي، والذي سَبَق مَوْقِعَة ناديه مع ظفار، وهما يقُصَّان شريط المَوْسِم الكروي بمباراة السوبر، والذي وإنْ صحَّت روايته فإنَّ طرحه تمثَّل في عبارة: "للأسف، لم أتوقَّع قِلة الاحترام من الصحافة بهذا الشكل في الحضور؛ لتغطية المؤتمر الصحفي، وهذا يُعطِي مُؤشرا على أنَّ الجهات الإعلامية لا تُحب رياضة كرة القدم" انتهى.

وأنا أزيد على كَلام العم بيلاتشي، بل الرياضة كلها وليس كرة القدم وحدها، وهنا أنت على صَوَاب، وإذا كانت هذه حال كرة القدم فكيف بالرياضات الأخرى، والحقيقة أنَّ وسائل الإعلام على تنوُّعها تَضَع الرياضة في آخر سُلم أولوياتها، بل الكثير منها ليست من أولوياتها أساساً، وإنما هي موجودة رغما عنها من باب "أدبيات الصحف والقنوات التليفزيونية والإذاعية الشاملة" ليس إلا، رغم أنَّها تَحْظَى بشريحة كُبرى من المتابعين والمحللين، وحتى صُنَّاع القرار، هذا عدًّا عن أنَّ الإعلان في الصفحة الرياضية مثلا أغلى من مثيلاتها في باقي مساقات الصحيفة، هذا بالنسبة للجُملة الأخيرة من طرح بيلاتشي.

وإذا عُدنا للمؤتمرات الصحفية، والتي تَسْبِق المباريات، فهذه ورغم أنها مَطْلَب وشَرْط أساسي لدى الاتحادات القارية والـ"فيفا"، إلا أنَّها عديمة الجدوى، ولا طائل منها، وهذه وجهة نظر شخصية، ولكن لطالما اتَّفق معي الكثير من المدربين قبل الإعلاميين ومسؤولي كرة القدم، في أنها لا تُضِيف شيئا، وأستطيع بل أجزم يُقينا بأنَّ الإعلامي المحنك يعرف سلفاً ما ستقوله أنت ومواطِنك فلورين مدرب ظفار، ماذا عساك أن تقول غير "أنها مباراة كؤوس، وندرك قوَّة الخصم، واستعدادنا لها لم يكن كافيا لضيق الوقت، ولكننا سنبذل أقصى ما نستطيع لكي نهدي جماهير السويق الفرحة، ولكي تكون البداية مُبشِّرة"، وأكاد أجزم بأنك كُنت تردِّد هذا الكلام وأنت في الطريق للقاء الصحفي، ولا أعرف لماذا يُطلق عليه مؤتمرا صحفيا!!

عزيزي بلاتشي، إنَّ الزخَم والهالة الإعلامية التي اعتدت عليها في مَوَاطن كثيرة بالمنطقة لن تجدها في بلادي؛ فهُنا الثرثرة غير محمودة، رغم أننا نرتع في هامش إعلامي فسيح يحسدنا عليه كثيرون؛ وبالتالي فأنت وزملاؤك مدعوُّن للتكيف والهدوء والعمل بصمت، ودع إنجازاتك تتحدَّث عنك فأنت قيمة تدريبية عالية، وتعمل لدى نادٍ يحمل أرقاما صعبة وموجبة بين أندية السلطنة، وفور ظهور نتيجة عملك وبقية زملائك المدربين ستجد الأضواء حولك، ومن كل حدب وصوب، و"مشيها هذي المرة، تونا نقول بسم الله".

تصريح بيلاتشي هذا إنْ تفوَّه به فعلا، فإنما يفتح ملف الواقع الإعلامي الرياضي وهمومه من حيث المهنية وبيئة وتصاريح العمل وتكاليف التغطية في هكذا مهنة، والعائد منها بالنسبة للصحفي الذي لا يُمنَح سوى الفتات، أحدهم علَّق بأنَّه غير مُستعد لأن يقطع مسافة تتعدى 150 كم بسيارته الخاصة، مُتحملا مصاريف البنزين والمصاريف الأخرى لتغطية مؤتمر صحفي لا طائل منه سوى الظهور والبهرجة، ويُمنح في مقابله 5 ريالات عُمانية لا أكثر من المؤسسة المتعاوِن معها، وما خَفِي من مُعاناة الصَّحافة الرياضية كان أعظم؛ لذا فإنَّ الله قد قَسَم لبلاتشي رزقا في السويق، فليعمل لأجله، وليترك الإعلام الرياضي وهموم واقعه المؤلم لأصحابه.