دعوات لسحب جائزة نوبل للسلام من أونغ سان سو كي

زعيمة ميانمار من رمز عالمي للمقاومة السلمية إلى مُهادنة للقمع والإبادة العرقية

الرؤية - وكالات

وسط تصاعد أزمة أقلية الروهينجا في ميانمار دعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) لجنة جائزة نوبل إلى سحب جائزتها للسلام من زعيمة ميانمار أونغ سان سو كي، كما شنَّ ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملات لنفس الهدف، بسبب ما وصفوه بمعرفتها وتأييدها لممارسات السلطات هناك ضد أقلية الروهينجا.

وقد أصبحت أونج سان سو كي رمزاً عالمياً للمقاومة السلمية في مواجهة القمع، كما هو الحال مع الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا.

وأمضت سو تشي (72 عاما) نحو 20 عامًا تحت شكل من أشكال الاحتجاز بسبب جهودها من أجل تحقيق الديمقراطية في ميانمار التي حكمها نظام عسكري لفترة طويلة. وحصلت سو كي في عام 1991 على جائزة نوبل للسلام، أي بعد عام من فوز الرابطة الوطنية للديمقراطية، وهي الحركة التي تقودها، بشكل كاسح في الانتخابات العامة في بلادها، والتي ألغاها الجيش.

ووصفها فرانسيس سييستد رئيس لجنة جائزة نوبل بأنها "نموذج رائع لقوة من لا قوة له". وظلت سو كي، على الرغم من تهميشها لمدة عقدين رمزًا قويًا للأمل بالنسبة للعديد من البورميين.

وسو كي هي ابنة أحد أبطال الاستقلال في ميانمار الجنرال أونج سان، الذي اغتيل خلال العملية الانتقالية نحو الاستقلال في يوليو من عام 1947، أي قبل الاستقلال بستة أشهر، عندما كانت الابنة في عامها الثاني.

وغادرت سو تشي إلى الهند في عام 1960 مع أمها داو خين كيا، التي عينت سفيرة لبلادها في دلهي. بعد ذلك بأربعة أعوام انضمت سو كي إلى جامعة أكسفورد البريطانية، حيث درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد، وهناك التقت بزوج المستقبل، الأكاديمي مايكل إيرس.

وبعد فترات من العيش والعمل في اليابان وبوتان، استقرت لتصبح ربة بيت إنجليزية لتربي طفليها ألكسندر وكيم، لكن ميانمار ظلت في بالها دائمًا.

وعندما وصلت إلى عاصمة بلادها حينئذ رانغون في عام 1988، من أجل رعاية أمها المريضة جدًا، كانت بورما في حالة اضطراب سياسي كبير. فقد انتشر الطلاب والموظفون والرهبان في الشوراع مطالبين بإصلاحات ديمقراطية.

وقالت سو كي في كلمة ألقتها في رانغون في السادس والعشرين من أغسطس من عام  1988: "لا يمكنني، وأنا ابنة أبي، أن أبقى غير مبالية أو مهتمة بما يجري".

وبدأت سو تشي بعدها تسير بسرعة نحو زعامة الانتفاضة ضد الدكتاتور الحاكم آنذاك الجنرال ني وين.

وانطلاقاً من إعجابها بالحملات السلمية الرافضة للعنف التي قادها داعية الحقوق المدنية الأمريكي مارتن لوثر كينج، وحركة المهاتما غاندي قبله، شرعت سو كي في تنظيم مسيرات ومظاهرات، وطافت في أنحاء بلادها، داعية إلى الإصلاح الديمقراطي عبر الطرق السلمية وإلى انتخابات حرة.

إلا أن تلك المظاهرات قمعت بشدة من قبل الجيش، الذي استولى على السلطة بانقلاب في الثامن عشر من سبتمبر من عام 1988.

وقد دعت الحكومة العسكرية إلى إجراء انتخابات عامة في مايو من عام 1990، حيث فازت سو كي ورابطتها على نحو مقنع فيها، على الرغم من أنها كانت فعلياً تحت الإقامة الجبرية في منزلها، الى جانب إبطال السلطة مشاركتها في تلك الانتخابات. إلا أن حكام ميانمار العسكريين رفضوا تسليم السلطة، وظلوا مسيطرين على شؤون البلاد.

وقد فرضت على سو كي الإقامة الجبرية في منزلها برانغون لمدة ستة أعوام، حتى أفرج عنها في يوليو من عام 1995. لكنها وضعت مجددا تحت الإقامة الجبرية في سبتمبر من عام 2000، عندما حاولت السفر إلى مدينة مندلاي متحدية قيود السفر المفروضة عليها. وأطلق سراحها بدون شروط في مايو من عام 2002، إلا أنها سجنت بعد ذلك بسنة تقريبا، عقب مواجهات بين مناصريها ومجموعات تدعمها الحكومة العسكرية.

وسمح لها بعد ذلك بالعودة إلى منزلها، لتوضع عملياً تحت الإقامة الجبرية مجددا، وظلت هناك حتى الإفراج عنها في 2010.

وخلال وجودها قيد الإقامة المنزلية عمدت سو كي على إشغال نفسها في الدراسة والتمرين، فقد كانت تمارس التأمل، وطورت لغتيها الفرنسية واليابانية، وتمرنت على عزف مقطوعات لباخ على البيانو.

وفي سنوات لاحقة سمح لها بلقاء مسؤولين في حزبها وبعض الدبلوماسيين الأجانب، لكنها في السنوات الأولى كانت عملياً تعيش في عزلة انفرادية، حيث لم يسمح لها الالتقاء بابنيها أو زوجها، الذي مات بالسرطان في مايو من عام 1999.

وقد سمحت الحكومة العسكرية لها بالسفر إلى بريطانيا للقاء زوجها المريض جدا، لكنها رفضت ذلك لخشيتها من احتمال منعها من العودة إلى بلادها.

وكانت سو كي تكرر القول إن احتجازها جعلها تتيقن أن عليها وهب حياتها لتمثيل المواطن العادي. وفي مقابلة نادرة معها في عام 2007، وخلال الانتفاضة التي قمعت بوحشية، قالت إن الديمقراطية "لم تمت" في ميانمار.

وأضافت، في المقابلة التي أجراها معه الصحفي البريطاني جون بيلجر، إنه "مهما كانت قوة نظام الحكم، في النهاية لن يتمكنوا من إيقاف الشعب، لا يمكنهم الوقوف في وجه الحرية، وسيأتي وقتنا".

ومنذ 2010 بدأت عملية تحول تدريجي في البلاد عندما وافق الجيش على تسليم السلطة لحكومة يرأسها الجنرال الإصلاحي ثين سين وتوج هذا التحرك في عام 2015 بتولي حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الذي تتزعمه سوكي السلطة. وأدى تين كياو اليمين الدستورية رئيسا للبلاد منذ مارس عام 2016 ليقود أول حكومة منتخبة ديموقراطيا بعد عقود من الحكم العسكري.

وتم حرمان سوكي دستوريا من خوض انتخابات الرئاسة فأوضحت بجلاء أنه أيا كان الذي سيتولى المنصب سيكون ذراعها، ونفت الاتهامات الموجهة لها بدعم عمليات الجيش في الإبادة العرقية ضد أقلية الروهينجا.

 

تعليق عبر الفيس بوك