خبراء: تحقيق السلطنة مراكز متقدمة في مؤشرات التعليم العالي عالميا ترجمة لجهود التطوير وحافز لمُواصلة المنافسة

 الفزاري: خطط تطوير التعليم العالي تؤتي ثمارها في مختلف المجالات

 الفطيسي: هذا التصنيف ينبغي الاستفادة منه لتعزيز المؤشرات الحالية ومعرفة نقاط الضعف للتركيز عليها

النوفلي: التعليم يجب أن يكون صناعة ومنظومة واحدة ذات أهداف واضحة بحيث يكون هناك مسار واضح لكل جيل من الطلاب الذين يلتحقون بالمدارس  

الرؤية – محمد قنات

أكد عددٌ من المختصين أنَّ تحقيق السلطنة لمراكز متقدمة في مؤشرات التعليم العالي عالمياً يُعد ترجمة لجهود كبيرة بذلت من قبل المسؤولين والقائمين على وضع وتنفيذ خطط وبرامج تطوير التعليم، ويُعد أيضاً دافعاً قوياً لتجويد الأداء بصورة أكبر لمواصلة المنافسة في الفترة القادمة والحصول على أفضل النتائج في التقييمات.

حيث احتلت السلطنة مراكز مُتقدمة في مؤشرات تطور التعليم العالي طبقًا للمجلد الثاني من تقرير "حالة التعليم العالي في العالم" الذي أصدره المجلس الثقافي البريطاني ويتضمن 38 دولة، ونشرته منظمة التحالف من أجل التغيير في واشنطن على موقعها الإلكتروني في بداية شهر أغسطس الحالي، كما نشره المجلس الثقافي البريطاني كاملاً على موقعه.

صنف التقرير السلطنة في المركز الثاني عربياً في مؤشر سياسات التنمية المستدامة والمركز الثاني عربياً والتاسع عالمياً في مؤشر انفتاح نظم التعليم العالي الذي يرصد توافر البنية الأساسية التي تسهل تنقل الطلاب والباحثين وجذب الطلاب إلى الجامعات الوطنية.

وفي هذا الصدد قال عادل الفزاري –إعلامي- إنَّ هذا التقدم يعكس بوضح مدى الجهود المبذولة من قبل المسؤولين والقائمين على التعليم العالي بكافة مؤسساته، حيث يشكل مؤشرًا واضحًا على نجاح الخطط المختلفة التي سعت إلى رفعة التعليم العالي وتقدمه، وها هي الآن تؤتي ثمارها في مُختلف المجالات وسط اعتراف دولي من أهم المؤسسات الثقافية العالمية بذلك، وهو بلا شك يدعو إلى الفخر.

وتابع أنَّ التقرير وضع السلطنة في المركز الثاني عربياً بمؤشر سياسات التنمية المستدامة، والمركز الثاني عربياً والتاسع عالمياً في مؤشر انفتاح نظم التعليم العالي الذي يرصد توافر البنية الأساسية التي تسهل تنقل الطلاب والباحثين وجذب الطلاب إلى الجامعات الوطنية، كما وضع التقرير السلطنة بالمركز الثاني عربياً والتاسع عالمياً في مؤشر ضمان الجودة ودرجة الاعتراف، والذي يرصد توافر متطلبات الكفاءة التعليمية والمركز الثاني عربيًا والثاني عشر عالمياً في مؤشر السياسة الوطنية والبيئة التنظيمية لدعم حركة الطلاب.

وجاءت السلطنة من خلال التقرير في المركز الثاني عربياً والخامس عشر عالمياً في مؤشر المشاركة البحثية الدولية، والذي يرصد الدعم المُقدم من قبل الحكومات لمشاركة الطلاب والباحثين في البحوث الدولية التي تقوم على التعاون.

وأشار التقرير إلى أنَّ الحكومات الوطنية باتت تعترف على نحو متزايد بالمزايا التي تعود عليها من الانفتاح الدولي فيما يتعلق بنظمها التعليمية واقتصادها ومجتمعاتها، كما يضيف التقرير أنَّه كثيرا ما يتجلى الدعم الوطني للتعليم العالي في الأطر التنظيمية التي تيسر التعاون الدولي والترتيبات المتعلقة بالجودة ودرجة الاعتراف بالمؤسسات التعليمية وتبادل الباحثين ونماء القُدرات.

وأضاف:لا ننسى أنَّ وزارة التعليم العالي طرحت مؤخرًا 1643 مقعدا للبعثات الخارجية و9638 مقعدا للبعثات الداخلية للحصول على مؤهل دراسي في مختلف التخصصات ووجهات الابتعاث، والتي تتوزع على  13 وجهة مُختلفة، وهي أرقام جيدة على مختلف الأصعدة، وتبرز مدى الجهود المبذولة لدفع عجلة التعليم العالي إلى الأمام.

وتابع الفزاري: هناك عدة عوامل تتمثل في كمية المعارف المختلفة التي يتعلمها الطلبة وهم على مقاعد الدراسة، ابتداءً من الأساسيات في اللغة الإنجليزية والرياضيات والحاسب الآلي، ومرورا بجملة المشاريع البحثية، والبحوث الدراسية المطلوبة ومشاريع التخرج وصولاً الى الاطلاع المُباشر على الإنتاج الفكري والعلمي والبحثي لأقرانهم في دول العالم عبر التطبيقات الحديثة، وختاماً بالتدريب العملي الميداني في مؤسسات التدريب المختلفة الحكومية والخاصة والأهلية تؤهل الخريج وبشكل تام إلى دخول سوق العمل بكل ثقة واقتدار، بل جعلت هذه المعارف المثرية للطالب كافة جهات التوظيف تتسابق إلى كسب ود الخريج.

من جانبه قال محمد سعيد الفطيسي -باحث في الشؤون السياسية ورئيس تحرير مجلة السياسي المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية-  هذا التصنيف خطوة جيدة ودافع نحو مزيد من العطاء بل يعد دليلا واضحا على أن هناك جهوداً وطنية مبذولة في هذا الاتجاه والأهم في هذا الجانب هو انعكاس هذا التحول والتقدم على واقع التعليم في السلطنة،  وهو ما يستوجب رصده من خلال معايير جودة مخرجات التعليم وتقبل سوق العمل لتلك المخرجات ، مع بذل جهد أكبر في عملية المواءمة بين المخرجات والمدخلات التعليمية، وضرورة إعادة دراسة واقع التخصصات العلمية والأكاديمية، وإلا فإنَّ ذلك المؤشر لن يزيد عن كونه شهادة نجاح نعتز بها، إلا أننا لم نستفد منها في تحفيز المستقبل الوطني نحو الأفضل. 

 وحول انعكاس ذلك على إنتاجية الخريجين عند دخولهم سوق العمل أوضح أن هذا لا يُمكن الحكم عليه نظرياً دون قراءة واقع تطبيقات فلسفة التعليم ومؤشرات التطور في فترات ماضية وكذلك في المستقبل، بمعنى آخر، شخصياً أتصور أن ذلك سينعكس إيجابا على إنتاجية الخريجين عند دخول سوق العمل، ولكن بشروط أهمها يتعلق بمدى تقبل سوق العمل أو القطاع الخاص لمخرجات التعليم من حيث الجودة أولا ومن حيث الملاءمة لواقع الحاجة السوقية ثانياً، حيث لا يجوز أن يكون سوق العمل بحاجة إلى نوعية مُعينة من المخرجات والتخصصات ونجد أن واقع تلك المخرجات ونوعها يغرد في اتجاه مختلف فلابد من أن يتم حساب المدخلات مع أعداد المخرجات وضربها في حاجة سوق العمل. 

وأضاف: ليس من المنطق أن يحتاج سوق العمل إلى 200  خريج في تقنية المعلومات مثلاً ولدينا في سوق العمل 2000، والأهم أن الكليات والجامعات لا زالت تدفع بأعداد أكبر من نفس التخصص في السوق، ويجب أن نستفيد من تلك المؤشرات الجيدة التي بذلت فيها المؤسسات المعنية جهود ملموسة لتصل إلى هذا المستوى، ولكن لابد أن نضع في الحسبان تلك المُعادلات والحسابات سالفة الذكر حتى نتمكن من تطبيق الواقع النظري مع العملي.

وأضاف الفطيسي أنَّ سوق العمل في السلطنة واعد بحكم عدد السكان والمقومات الديموغرافية المختلفة، وهذا التصنيف ينبغي الاستفادة منه لتعزيز المؤشرات الحالية، ومعرفة نقاط الضعف الأخرى للتركيز عليها وتقويتها، ولذلك فالتصنيف يقدم أكبر مساعدة، ومما لا شك فيه أن المسؤولين واعون بهذه النقطة ومنتبهين لها، وستكون محل الدراسة والاهتمام.

وذهب جمال النوفلي -مستشار ونائب رئيس النقابة العمالية ببنك عمان العربي- إلى أن "حالة التعليم العالي في العالم"  هو تقرير يصدره المجلس الثقافي البريطاني ولا يتناول إلا 38  دولة كعينة ويجب أن نضع في بالنا هذا الاعتبار ونحن نقرأ المؤشر، أي أن التقرير لو شمل جميع دول العالم فإن المركز سيكون متأخراً كثيرًا سواء عربياً أو عالميا وهذا طبيعي.

وأضاف: يجب علينا أن نعي موقعنا العالمي في التعليم العالي، حتى يمكننا الاستفادة منه من أجل تحسين المستوى ومعرفة أسباب التأخر لتجنبها وأسباب التقدم للاستفادة منها، ما زال أمامنا عمل طويل ومضنٍ حتى نحقق المنشود حيث يجب على المسؤولين في مجلس التعليم العالي أن يكونوا على معرفة كبيرة واطلاع واسع على أنظمة ومناهج التعليم، وربما العقبة الأكبر التي تواجهها في عُمان هو عدم وجود ارتباط قوي وحقيقي بين مؤسسات الدولة المسؤولة عن منظومة التعليم والعمل، ورأى النوفلي أن التعليم يجب أن يكون صناعة ومنظومة واحدة واضحة، ويجب أن تكون الأهداف واضحة ودقيقة ومدروسة بعناية جيدة مع سوق العمل، بحيث يكون هناك مسار واضح لكل جيل وكل دفعة من الطلاب الذين يلتحقون بالمدارس ومتابعة مستمرة لأدائهم وإعدادهم ومناهج تعليمهم بحيث يستمرون في نفس المسار المعد من أجل تغطية جانب من المهن أو الأعمال المهمة، ولا ينبغي أن يترك الأمر للأهواء والمتغيرات المزاجية، فالتعليم صناعة إذا لم يحسن تصنيعها وإنتاجها وتسويقها لفسدت مع لفت النظر إلى توفير حرية أوسع للمتعلمين وتحميلهم مسؤولية اختياراتهم، واستدرك لقد شهدت منظومة التعليم العالي في عمان تقدماً ملحوظاً في السنوات الأخيرة مع تطور ومناهج التعليم وبناء شراكات قوية مع جامعات عالمية مرموقة والاستفادة من ذلك أيما استفادة، ونأمل أن يكون هناك مزيدا من التقدم والرقي في هذا المجال.

وأوضح أنه لا ينبغي النظر إلى هذا الموضوع من جانب واحد، فالجميع يعلم أن كافة المؤسسات بحاجة الى الطاقات الشبابية المنتجة التي تساعد على العطاء وبناء البلد، ولكن قد تعتري هذه العملية عدة أسباب من بينها أزمة النفط العالمية والأسعار المنخفضة له والتي أثرت بشكل كبير على حركة التوظيف، وكذلك الصورة الذهنية النمطية لدى البعض عن بعض الوظائف ورغبتهم في وظيفة مفصلة لهم، وهو ترف غير موجود، إلى جانب تسابق الشباب العماني الى الأعمال الحرة وممارسة ريادة الأعمال مستفيدين من الدعم الحكومي والتوجه العام لذلك بإنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك رغبة بعض الشباب في مساعدة أهلهم وذويهم في أعمالهم المختلفة ذات الطابع الخاص للحفاظ على الموروث الشعبي العُماني من الاندثار، فلذلك العمل المناسب ليس شرطاً أن يكون في وظيفة سبقك الكثيرون إليها ووصلت حد التشبع بل المجالات متعددة ومتاحة للجميع، وهذه الأعمال تكسب الشخص الخبرات العملية في الحياة وهي من الأشياء المطلوبة دائمًا.

تعليق عبر الفيس بوك