"La Ville".. الاستثناء والتفرّد

مدرين المكتومية

كنت هناك في فندق "La Ville" حيث كل شيء جميل ورائع، ويبدو أنّ مصمما عالميا قد اختار كل تفصيلة منه بذوق أشبه بالخيال فكل شيء يناديك لتنسجم مع إيقاعه، اللون الأسود يكاد يسجل حضورا غير عادي في كل زاوية من المكان، ولهذا اختار أن يتقاسم المكان مع البياض ليصنعا معا عالما من التفرد والاستثناء، ولأنني في "La Ville" كان ولابد أن أعيش اللحظة بكل تفاصيلها الرائعة، هنا وحدي بعيدا عن كل شيء، أختار مكاني الذي أرى من خلاله العالم الآخر للجمال والعالم الآخر للبشر، هناك كل شيء يسكنه الحب ولا مكان للخذلان والكره.

كنت أجلس متنقلة بين الزوايا والأماكن، المطاعم والكافيهات لاكتشف متعة أن يقدم لك أحدهم الطعام بحب، ويخدمك بكل فخر واعتزاز فمن يعمل هنا وكأنه يعيش الحب في كل لحظة، فهو لا يشعر بالخزي أو الإهانة بل على العكس يظل مبتسما وصادقًا مع من حوله، وكأنّه يقدم لك كل مشاعر العالم على طبق في وجبة قد تجهلها ولكنّك تحبها لأنّها كانت من القلب، وحين تجلس وحيدا لابد من أن يبادرك أحدهم بسؤال "كيف كان يومك، هل أنت مستمتع، أتريد شيئا إضافيا أقدمه لك...؟" هل هناك أناس بهذا القدر من الاهتمام بمن حولهم أم أنها خدمة لا أكثر...؟ لا أظن ذلك أبداً فلو كان كذلك لوجدناهم يتذمّرون مما يقدمونه أو ستكون هناك عقدة بين الحاجبين تنم عن الاستياء، لكن في الحقيقة لم أر إلا ترحيبا واهتماما في كل لحظة منذ أن وضعت قدماي وحتى هذه اللحظة التي تقرأون فيها ما كتبت.

في هذا المكان هناك أناس يجعلوننا نستشعر متع الحياة بأكملها، والكثير من القيم التي تناسيناها، فهناك إلقاء التحية والسلام، وهناك العمل بجد واجتهاد وهناك إخلاص وتفانٍ وعطاء بدون حدود فمهما كانت الوظيفة تجعلك مجبرا على أن تقدم كل ذلك إلا أنّه لابد أن يأتي اليوم الذي نظهر فيه على حقيقتنا ولكن أعتقد أنّ هذه الصفات هنا هي جزء من تكوين العاملين، وسمات تميزهم عن غيرهم، نجاح الإدارة في جعل الموظف يمارس عمله بكل حب وتفان هي إدارة ناجحة بكل المقاييس من حيث مفهوم "الأخذ والعطاء" فكلما قدّم الموظف ازداد تحفيز الإدارة له؛ وبالتالي سيظل ببريقه الدائم وحبه الشغوف لعمله؛ لذلك أستطيع القول إنّ "La Ville" استطاع أن يصنع أناسا لديهم من الطاقة ما يجعلهم يبتسمون طوال اليوم دون أن يشعروا بذلك.

في هذا الفندق الكائن في دبي بالسيتي ووك كان لليل مزاجه وروعته، كان الطابق الخامس حيث السطح يناديني بعجل لأصعد إليه وأرى، وفعلا كنت هناك لاكتشف عالم الألوان والإضاءات الرائعة من هناك فبرغم حضور الأسود والأبيض إلا أنّ الألوان الأخرى حاضرة بتفرد وذوق، فبمجرد أن أقف أمام بركة السباحة أعلى الفندق يمكنني أن أرى دبي ومعالمها الشامخة، البرج والمول وغيرها من المعالم التي هي أشبه بزينة منزل عروس مبتهجة، فدبي ترقص في الليل وتتجرد من حيائها في النهار لتكون سيدة الجمال وسيدة كل المساءات التي لا تتكرر ولن تتكرر أبدًا إلا من أعالي هذا الفندق.

كان سكان الفندق جميعهم مسحورين بروعته ومنسجمين مع إيقاعه، ويخيل لك للحظة أنّك في عالم العجائب الذي ظلّت تردده برامج الكرتون على مسامع الأطفال لتظل بلاد العجائب أسطورة نعيشها في كل وقت وزمان، وإذا ما مررنا بمكان أو فندق ومنتجع تعود إلينا الحكاية من جديد وكأنها واقع معاش، تلك المساحة من الخضرة بين زوايا الفندق لتتوسط المكان هو مرتع لكل عاشق ومحب، فكل اثنين يجلسان معا في المساء يتسامران معًا أو ليحكي كل  واحد منهما تفاصيل معرفته بالآخر وهما يحتسيان قهوتهما بكل حب، ففي كل تفصيلة من هذا الفندق يسكن الحب الذي لا يمكن أن يشعر به إلا شخص يحمل في طياته إحساسا مرهفا لا مثيل له، فيظل المكان مهما كان اسمه فندقا أو منتجعا أشبه بمدينة يعيش سكانها الحب في كل عتباتها.

هناك سعادة مطلقه أعيشها لربما هو الحب أو ربما هي الإجازة أو المتعة التي جعلتني أكون فيها هنا، فماذا يتمنى الإنسان غير أن يتمتع بإجازة استثنائية وحياة مليئة بالحرية ومكان كهذا الفندق ليعيش حياته الباقية مع ثراء لا ينسينا قيمنا.