تحدِّيات خريف صلالة

 

علي بن بدر البوسعيدي

رَغْم ما يحمله مَوْسم خريف صلالة من نسائم عليلة، وطقس استثنائي لا مثيل له في منطقتنا، إلا أنه كان من اللافت للنظر تراجُع أعداد الزوار؛ سواء من داخل السلطنة أو خارجها، ففي الوقت الذي شهدت فيه الأعوام الماضية أعدادا قياسية من الزوار، سجلت الإحصاءات الرسمية هذا العام تراجعا لا تخطئه العين.

وبالنظر في أسباب هذا التراجع في الأعداد، يمكن التوصل إلى عاملين أساسيين؛ الأول: داخلي، والثاني: خارجي. وبالحديث عن العوامل الداخلية، يتَّضح أن زيادة أسعار الإيجارات والغرف أو الشقق الفندقية شهدت زيادات مبالغا فيها، دون أي رقابة من الجهات المعنية؛ ما وضع الزائر في مقايضة مرفوضة: الاستمتاع بالاجواء الخريفية مقابل تكبُّد أموال ضخمة، ربما يستطيع أن ينفق أقل منها في دولة أوروبية أو آسيوية.

سبب آخر وراء تراجع أعداد الزوار؛ يتمثل في شكاوى الزوار من عدم التجديد في فعاليات المهرجان، حتى وإن تنوعت الفعاليات، لكنها تظل تتمحور حول معارض للصور أو فنون شعبية وتراثية، وألعاب للأطفال...وغيرها من الفعاليات التي تتكرَّر كل عام. نعلم أنَّ الأوضاع الاقتصادية تؤثر بشكل واضح على مختلف جوانب الحياة في بلادنا، لكن القطاع السياحي من القطاعات الواعدة التي يجب تسليط الضوء عليها والاهتمام به، حتى تتحقق الأهداف المرجوة منه، في زيادة إسهاماته في الناتج المحلي للسلطنة.

نقطة أخرى لفتت انتباهنا خلال زيارتنا لصلالة: أنَّ بعض الزوار لا يكترثون لنظافة المواقع التي يخيمون فيها، ورغم جهود البلدية المقدرة في إزالة المخلفات إلا أن رؤية المخلفات في بعض المواقع التي ربما لم يصل إليها عمال البلدية، أمرٌ مُؤسف، ويستدعي التوعية الحثيثة بأهمية الحفاظ على نظافة المواقع السياحية، وتغليظ العقوبات والغرامات ضد المخالفين. وبالتوازي مع ذلك، يتسبب نقص الخدمات، لاسيما دورات المياه، في عدم جذب أعداد كبيرة من الزوار. ومن بين العوامل الداخلية التي تحدثنا عنها كذلك، أن بعض المشاريع الإنشائية تستغرق وقتاً طويلاً جدًّا في التنفيذ؛ فتجد الطرق في بعض الأحيان مُغلقة نتيجة إصلاحات أو مشروع صيانة أو تطوير؛ لذلك نأمل من الجهات المعنية الإسراع في إنجاز مختلف المشاريع في أقرب وقت مُمكن.

أمَّا العوامل الخارجية التي تسبَّبت في تراجع أعداد الزوار، فتتصدرها: الأزمة الخليجية، التي تسبَّبت في تعطيل حركة الطيران مع دولة قطر الشقيقة، وكذلك صعوبة استخدام المنافذ البرية؛ الأمر الذي أضرَّ بالسياحة في بلادنا. وكذلك الحرب الدائرة في اليمن؛ إذ تُلْقِي بظلالها على الأوضاع السياحية في صلالة، علاوة على التراجع الاقتصادي في المنطقة، بسبب تراجع أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية.

وإننا من هذا المنبر نقترح حزمة من الإجراءات تساعد على جذب السياح خلال المرحلة المقبلة، لاسيما في الموسم المقبل للعام 2018؛ منها: التوسع في إنشاء المتاحف، وفرض قيود على معدلات رفع أسعار الفنادق والشقق، وتعزيز الرحلات الجوية عبر مطار صلالة، لاسيما الرحلات الدولية منها، وكذلك قيام لجنة خاصة بتقصي الأسباب الحقيقية وراء تراجع الأعداد، والبحث عن حلول جذرية تدعم جهود جذب السياح إلى بلادنا.