افتتحه محافظ ظفار برعاية "الرُّؤية" اعلامياً

مؤتمر الجرائم الإلكترونية يطالب بمواكبة قانونية للتطورات التقنية وتشديد العقوبات

...
...
...
...

أكَّد المشاركون في مُؤتمر "الجرائم المتعلقة بقانون تنظيم الاتصالات" على أهمية مُوَاكَبة التطُّورات التقنية التي يشهدها قطاع الاتصالات من خلال إجراء تعديلات على قانون الاتصالات، والعمل على مواجهة الجريمة الإلكترونية من خلال تشديد العقوبات، وتهيئة مناخ آمن لمواصلة التطوُّر التقني والخدمات الإلكترونية الحكومية والخاصة في السلطنة.

وقد افتتح مَعَالي السيِّد مُحمَّد بن سلطان البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ ظفار، صباح أمس، المؤتمر، الذي تُنظِّمه جمعية المحامين العُمانية بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات، وبدعم من محكمة القضاء الإداري والادعاء العام والهيئة العامة لحماية المستهلك وهيئة تقنية المعلومات، إضافة للمساهمة شركات الاتصالات العاملة بالسلطنة. وقد افتتح المؤتمر بحضور سعادة الدكتور محمد بن إبراهيم الزدجالي رئيس اللجنة التشريعية والقانونية رئيس جمعية المحامين العمانية، والشيخ طلال بن سعيد المعمري الرئيس التنفيذي لشركة عمانتل، وعدد من أصحاب الفضيلة القضاة، إضافة لمشاركة عدد كبير من المحامين والقانونيين، منهم مستشارون وباحثون من مختلف الدوائر الحكومية والخاصة بمحافظة ظفار.

 

صلالة - إيمان الحريبيَّة

تصوير/ علي الشجيبي

 

 

 

وقال سَعَادة الدُّكتور محمد بن إبراهيم الزدجالي رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى رئيس جمعية المحامين، إنَّ المؤتمر الذي يقام بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات وبدعم مادي ومعنوي كبيرين من الشركة العمانية للاتصالات عمانتل، ويشاركنا في تنفيذه محكمة القضاء الإداري، والادعاء العام، وهيئة حماية المستهلك، ليأتي انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية لجمعية المحامين وواجبها تجاه نشر الثقافة والوعي القانونيين لدى مختلف شرائح المجتمع.

وأشار سعادته إلى أنَّ المؤتمر يأتي ضمن الأسبوع القانوني لجمعية المحامين الذي تقيمه مشاركة منها في فعاليات مهرجان صلالة السياحي 2017؛ حيث يتضمن الأسبوع تنفيذ برنامج تدريبي بعنوان "مهارات إعداد وصياغة العقود" ستحتضنه قاعة عبدالقادر الغساني بمكتبة دار الكتاب العامة، لمدة يومين الأربعاء والخميس 16 و17 أغسطس الجاري، وسيرعى حفل افتتاحه سعادة عيسى بن حمد العزري وكيل وزارة العدل، فيما سيشرف على تنفيذه المحامي الدكتور حسين بن سعيد الغافري.

 كذلك سيُقام معرض توعوي قانوني في مركز البلدية الترفيهي لمدة ثلاثة أيَّام خلال الفترة من 16 وحتى 18 أغسطس الجاري، تحت رعاية سعادة المهندس أحمد بن علي العمري مستشار الشؤون الفنية لمكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار، يشتمل على عرض منشورات توعوية وتقديم استشارات قانونية للجمهور، إضافة لمحاضرات تتناول الجوانب القانونية التي تمس الحياة العامة للأفراد.

 

مواكبة توجُّهات السوق

كما ألقى الشيخ طلال بن سعيد المعمري الرئيس التنفيذي لشركة عمانتل، كلمة؛ قال فيها: إنَّ قطاع الاتصالات يعد من أكثر القطاعات ابتكارا؛ حيث يشهد القطاع طرح تقنيات وحلول جديدة تُسهم في تعزيز التواصل والتغلب على العديد من التحديات التي تواجه العالم؛ فالتقنيات التي طرحت قبل عدة أعوام قد لا تتمكن من مواكبة توجهات السوق وإحتياجات مختلف فئات العملاء، وهذا الأمر يضعنا في تحدٍّ أمام الحاجة الكبيرة لضخ المزيد من الاستثمارات لإدخال التقنيات والحلول الجديدة، علاوة على التحديات التشريعية التي من أبرزها: إيجاد التشريعات المطلوبة والتوافق مع بيئة تشريعية متغيرة، والحصول على التراخيص والترددات المطلوبة لمثل هذه التقنيات.

وأضاف: مع وجود هذه التحديات، فإنَّ المتتبع لقطاع الاتصالات في السلطنة لا بد أن يُدرك حجم الجهود التي بذلت من قبل مختلف الأطراف ذات العلاقة سواء وزارة النقل والاتصالات بصفتها الجهة الراسمة للسياسة العامة للقطاع، أو هيئة تنظيم الاتصالات كجهة منظمة للقطاع والشركات المشغلة، والتي لم تدخر جهدا في سبيل مواكبة مختلف التطورات في قطاع الاتصالات سعيا منها للمساهمة في التنمية الاقتصادية ودعم الجهود المبذولة لتعزيز جاذبية السلطنة للاستثمار الأجنبي؛ نظرا لما يُشكِّله قطاع الاتصالات من أهمية كبيرة؛ كونه أحد العوامل المهمة التي يضعها المستثمرون الأجانب في الحسبان عند اتخاذهم قراراتهم الاستثمارية، ونتيجة للتعاون البناء بين هذه الجهات، فإنه يُمكننا القول بأنَّ قطاع الاتصالات في السلطنة يعدُّ اليوم من أكثر الأسواق تنافسية على مستوى الوطن العربي (تم تصنيفه ضمن أعلى 5 أسواق تنافسية من قبل مجموعة المرشدين العرب)، ويتمتع بأحدث التقنيات كتقنية الجيل الرابع والنصف وتقنية الألياف البصرية إلى المنازل، إضافة إلى العديد من الحلول والتطبيقات المصممة خصيصا للوفاء بمتطلبات قطاع الأعمال.

 

6 أوراق عمل

وتضمَّن المؤتمر 6 أوراق عمل قُدِّمت خلال جلستيْن، ترأس الأولى المكرم عبدالقادر بن سالم الذهب رئيس اللجنة القانونية بمجلس الدولة، وتضمنت 3 أوراق عمل.. قدم الورقة الأولى محسن بن علوي آل حفيظ المحامي، حول طبيعة الجريمة في قانون تنظيم الاتصالات؛ من حيث السلوك الجرمي والعقوبة، وتطرق خلالها إلى علة التجريم في قانون تنظيم الاتصالات والنتائج المتحققة من توقيع المخالفات، وإمكانية وجود حلول بديلة للتجريم والعقاب.

وركز في الورقة على علة التجريم والنتائج المرجوة (وليست المتحققة) من توقيع المخالفات، إضافة لاستكشاف مدى وجود بدائل للتجريم والعقاب. مشيرا إلى وجود شكوك حول وجود هذه البدائل بالفعل، وإلى أنَّ غاية أي عقوبة هي الردع والذي ينقسم إلى خاص وعام. فالخاص موجَّه لمرتكب الجريمة أو المخالفة بحيث لا يقدم على تكرار فعله؛ والعام هو لإشعار كل من عداه بأنه إذا ما سلك نفس السلوك سيلقى نفس المصير؛ فمن يعرف أن سلوكه المخالف للقانون قد يستتبع عقوبة سيفكر أكثر من مرة قبل أن يجرؤ على المخالفة أو الجريمة؛ ويستوي في ذلك الأشخاص الطبيعيون أو الاعتبارييون.. وأضاف: نلاحظ في الواقع المعاش أن الجريمة لا تنتفي كليًّا بوجود العقوبة! والجواب نعم الجريمة لن تنتهي كليًّا، ولكن بالتأكيد ستقل بوجود عامل الردع. ولنا خَيْر عِبْرَة في حالات جرائم القتل في المجتمعات الغربية التي أوقفت فيها عقوبة الإعدام للقتل العمد بدعوى حقوق الإنسان، مقارنة بمجتمعاتنا الإسلامية التي لا يزال يطبق فيها القصاص للقاتل.. فنسبة جرائم القتل إلى عدد السكان لا تقارن.

الورقة الثانية قدمها نصر الصواعي رئيس ادعاء عام، وركز خلالها على الإجراءات الإدارية والقضائية المتَّبعة بشأن جرائم قانون تنظيم الاتصالات، بينما قدم الورقة الثالثة المحامي حسين بن سعيد الغافري، واستعرض فيها جنح قانون تنظيم الاتصالات بمختلف أنواعها؛ ومنها على سبيل المثال: إرسال رسالة غيرصحيحة أو إرسال رسالة مخالفة للنظام العام والآداب العامة، والعقوبات التي نص عليها القانون والأركان المادية والمعنوية في الجريمة، وفي الأولى يعاقـب بالسـجن مـدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على ألف ريال عماني، أو بإحدى العقوبتين كلُّ من يستخدم نظاما أو أجهزة أو وسائل اتصالات بقصد توجيه رسالة مع علمه بأنَّها غير صحيحة، وأشار إلى أنَّه إذا وقعت الجريمة بواحدة من الوسائل السابقة فلا عِبْرَة للغة التي تم من خلالها إرسال الرسالة ولا بالمكان الذي قام الجاني بإرسالها منه.

وفي الجنحة الثانية، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على ألف ريال عماني، أو باحدى العقوبتين، كل من يرسل بواسطة نظام أو أجهزة أو وسائل اتصالات رسالة مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة مع علمه بذلك. وترأس الجلسة الثانية فضيلة الدكتور حمد بن خميس الجهوري رئيس محكمة الاستئناف، وشهدت الجلسة تقديم نصرة الحبسية مديرة الدائرة القانونية بالهيئة العامة لحماية المستهلك، ورقة عمل حول دور المخالفات في حماية مصالح المنتفعين وكيفية الكشف عن المخالفات والآثار المترتبة على ذلك.

وعرفت السلوك الذي يضر بمصالح المنتفعين بأنه كل نشاط يخالف أحكام قانون تنظيم الاتصالات والأنظمة الخاصة به ويخل بالخدمات المخصصة للمنتفعين، وأشارت إلى أنَّ المنتفع هو الشخص الذي تقدم له خدمات الاتصالات أو يطلب تقديم هذه الخدمات من قبل المرخص له.

وأضافت -خلال الورقة- بأنَّ تحقيق مصالح لمنتفعين يتمثل في اتباع الضوابط والقواعد المحددة لمتطلبات جودة الخدمة المقدمة من قبل المرخص له، وتقديم أسعار الخدمات وفقا للأسس المعتمدة، والالتزام بقواعد اصدار الفواتير وإقامة العروض الترويجية والاعلانات، ووضع والالتزام بالضوابط التي تضمن حماية البيانات الخاصة بالمنتفعين وضمان سريتها وخصوصيتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة للكشف عن التصرفات أو الوقائع التي تحول دون توفير المنافسة في قطاع الاتصالات وفحص الشكاوى المقدمة من المنتفعين أو المرخص لهم أو من أي شخص آخر ذي صفة واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.

في حين قدَّم سليمان الغيثي من هيئة تنظيم الاتصالات، ورقة عمل حول التحكيم ودوره في حسم النزاع بين الأطراف المُتنازعة، وهل يعدُّ بديلا عن القضاء أم لا.. وأشار إلى أنَّ التحكيم قضاء خاص يُخول هيئة التحكيم سُلطة فصل النزاع بين الأطراف المُتنازعة وهذه السُلطة مُستمدة من إرادة طرفي النزاع. وتساءل: هل التحكيم بديل عن القضاء؟ ورد بالقول: يتفق التحكيم والقضاء بكونهما جهات مُختصة للفصل في المُنازعات الناشبة بين الأطراف المُتعاقدة، لكن يبقى التحكيم قضاء "خاصا"، ويبقى القضاء الرسمي هو السُلطة القضائية في الدولة وأحد مظاهر سيادتها؛ لذلك يختصُ القضاء بنظر جميع القضايا التي تُعرضُ عليه ويفصلُ بها وفقا" للأنظمة والقوانين النافذة، ويبقى التحكيم بصفته قضاء "خاصا" غير قادر على حل جميع القضايا حتى لو اتجهت إرادة طرفي النزاع لذلك؛ حيثُ إنَّ هُناك بعض المسائل التي لا يجوز اللجوء إلى التحكيم فيها.. وأضاف بأنَّ القضاء يعترف بالتحكيم على أنه قضاء خاص؛ لذلك يتمُّ إعطاء حكم المُحكمين صيغة التنفيذ.

أمَّا الورقة الثالثة، فقدمها فضيلة حاتم البرعمي القاضي في محكمة القضاء الإداري، واستعرض فيها رقابة محكمة القضاء الإداري على قرارات هيئة تنظيم الاتصالات في شأن المخالفات.

وأشار إلى أنَّ هيئة تنظيم الاتصالات منحها المشرِّع شخصية معنوية مستقلة وجعلها القوامة على مرفق عام الاتصالات، وأسبغ على أموالها صفة المال العام بعموم ما يستلزمه ذلك من حماية وحصانة، كما خولها حقوقاً وسلطات تمكنها من تحقيق أهدافها ومن تسيير المرفق الذي تقوم عليه كمنح تراخيص ممارسة الأنشطة التي تدخل في نطاق تطبيق قانون تنظيم الاتصالات وإقرار اللوائح المنظمة لأعمالها. وعليه، فإنَّ الهيئة تكون قد جَمَعَتْ مقومات الأشخاص العامة وسلطاتها ومنحت قسطاً وافراً من امتيازات السلطة العامة على نحو يضفي عليها طبيعة الشخص الاعتباري العام وعلى موظفيها صفة الموظفين العموميين، الأمر الذي ينعقد معه اختصاص محكمة القضاء الإداري بأي نزاع يثور في تطبيق قانون هيئة تنظيم الاتصالات.

ومن هذا المنطلق، تأتي رقابة محكمة القضاء الإداري على قرارات الهيئة فيما يتعلق بالمخالفات، والذي ينقسمُ إلى محوريْن؛ الأول: يتعلق بنطاق رقابة محكمة القضاء الإداري على قرارات الهيئة فيما يتعلق بالمخالفات. أما المحور الثاني، فيتعلق بالإجراءات المتبعة في شأن الطعن على قرارات الهيئة.

وعقب اختتام جلسات المؤتمر قامت لجنة التوصيات -برئاسة فضيلة الدكتور حمد الجهوري- بإصدار توصيات المؤتمر، التي ركزت على ضرورة إجراء تعديلات في قانون تنظيم الاتصالات والاقتراحات المقدَّمة في هذا الشأن، كما تم تكريم المحاضرين والجهات المساهمة.

تعليق عبر الفيس بوك