460 صفحة !

الرؤية ـ المعتصم البوسعيدي

يُعتبر الرقم المعيار الرئيسي لاستسقاءِ البيانات، وعليه تُقرأ المؤشرات التي يعتمد عليها صُناع القرار والمخططون في مختلفِ القطاعات، ولا ريب أنَّ الرقم أو الأرقام ليست مهمة لصُناعِ القرار فقط؛ بل مهمة ـ أيضًا ـ للمؤسسات المحلية والمنظمات الدولية والمشتغلين في البحث العلمي؛ حيث التقييم والتصنيف والاستدلال وأخذ المعلومة من المصدرِ المُوثوق، وعلى هذا جاء إنشاء المركز الوطني للإحصاءِ والمعلومات التابع للمجلسِ الأعلى للتخطيطِ في السلطنةِ ليكون "أحد أهم مصادر المعلومات لتطويرِ الاقتصاد الوطني واستدامة تنميته".

لقد أصدر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات مع بداية هذا الشهر "الكتاب الإحصائي السنوي" في عددهِ رقم (45) لبياناتِ العام 2016م جُمعت ـ حسب مُقدمة الكتاب ـ من الوزاراتِ والوحداتِ الحكوميةِ ومؤسسات القطاعين العام والخاص، بجانب المسوحات الإحصائية التي قامت بها المديرية العامة للإحصاءاتِ الاقتصادية والمديرية العامة للإحصاءاتِ السُكانية والاجتماعية، واحتوى الكتاب على عشرةِ فصول سُطرت في (460) صفحة شكل الرقم ـ كما أسلفنا ـ المعيار الرئيسي والأساسي للمعلوماتِ والبيانات.

بعد هذا الاستعراض البسيط والمختصر جدًا، نقف عند القطاعات والخدمات المستهدفة والتي لا نختلف في أولويتِها وأهميتِها من معلوماتٍ عامة عن البلد، إلى المناخِ والسكان والإسكان والعمالة، مرورًا على الزراعةِ والثروة السمكية، ومن ثم الطاقة والتعدين والتجارة، وصولاً إلى النقلِ والاتصالات والاقتصاد والمال، وأخيرًا الخدمات على اختلافِها الصحيةِ والتعليميةِ والاجتماعيةِ والإعلاميةِ والثقافيةِ وغيرها، لكننا قد نختلف ونقف كثيرًا عند (460) صفحة لم تأتِ على ذكر شيء ـ ولو بالنذرِ اليسير ـ عن الرياضةِ وبياناتها التي ـ ربما ـ أُلقيت في "غياهبِ الجُب" وما وجدت "بعضُ السيارة" كي يلتقطونها ويخلصونها من ظُلمِ القريب قبل البعيد.

من المسؤول؟! ذاك هو السؤال "اليتيم" بل "اللقيط"؛ طالما المسؤولية عن القصور، أما لو كانت المسؤولية عن الإنجاز؛ سنجد "ألف أب" حقيقي الأبوة أو من المُدعين، وعمومًا وبالعودة للكتابِ الإحصائي السنوي، فقد ذكر الكتاب معلومة صادمة زاد بها "الطين بله" بعد خلوه من ذكر الرياضة؛ حيث عدد في الصفحتين (429 – 430) أهم نتائج الإعلام والثقافة إذ كُتِب في أحد هذه النتائج: "تستحوذ البرامج الترفيهية والفنية على النسبة الأكبر من إجمالي عدد ساعات الإرسال التلفزيوني والإذاعي بشقيه الحكومي والخاص.."، علمًا بأننا نمتلك قناةً رياضية تطورت كثيرًا على مستوى برامجها الرياضية، علاوة على البرامج الإذاعية الرياضية المختلفة، لكن الرقم الإحصائي لم يظهرها على مدى (460) صفحة، ولك أن تعلم ـ أيضًا ـ أيها القارئ العزيز أن هناك 75 صحيفة ومجلة تصدر في السلطنةِ خلال العام 2016م بلغ نسبة انخفاضِها عن العامِ 2015م (%14) برقم مؤسف وصل إلى (12) صحيفة ومجلة، وقد يتصاعد الرقم في ظلِ الأزمةِ الاقتصاديةِ ما لم توجد الحلول المناسبة مع واقع "فكري" أكثر أسفًا "يُقلل الإنفاق" دون مراعاة الجانب التنويري الذي تحمله الصحف والمجالات.

نُدرك أن هناك استراتيجيةً وطنيةً لمركزِ الإحصاء والمعلومات وتحديات كثيرة على نحوٍ تدفق البيانات ومدى مصداقيتها، ولكن حتى نكون مُباشرين وبشكل رياضي؛ نمرر "الكرة" نحو وزارة الشؤون الرياضية التي يقف على مقربةٍ منها المركز الوطني للإحصاءِ والمعلومات في مساحةٍ خاليةٍ من الرقابةِ على بابِ المرمى والفرصة مواتية لتحقيقِ الهدف، أقول نُمرر متسائلين: هل هناك تنسيق بين الوزارة والمركز حول إيجاد إحصاء حقيقي سنجده في الأعدادِ القادمة؟! بل هل هناك قواعد بيانات ونظام معلومات ومؤشرات لدى الوزارة ليتم ربطه إلكترونيًا مع المركز؟! وسؤال لصانعي القرار وللمركز نفسه: متى تصبح الرياضة مكونا مهما في البلد من الضرورة تصنيفها وتقييمها في جودةِ التنمية؟!، وسؤال أخير للجميع وبلغة الأرقام ـ إن صح التعبير ـ هل الرياضة تمثل الرقم (صفر) من (460) صفحة أم أن الصفر رقم حقيقي والرياضة لا رقم لها؟!!.